لم تنقص نقطة واحدة من معدلاتهم. 28 طالباً وطالبة نالوا العلامة الكاملة مئة بالمائة في شهادة الثانوية العامة في دولة قطر. وأمام هذا التفوق، تواصل "العربي الجديد" مع عدد من هؤلاء الطلبة المتفوقين، لمعرفة أهمية هذا الإنجاز على المستويين الشخصي والتعليمي، وهل من "سر" ليكون الطالب متفوقاً؟
الطالبة ريم الدوسري (18 عاماً)، هي من بين الطلاب الذين حققوا هذا التفوق. كذلك فإنها أول طالبة قطرية تحقق العلامة الكاملة في شهادة الثانوية العامة منذ نشأة نظام التعليم العالي في قطر منذ خمسينيات القرن الماضي.
وعن تفوقها، تقول الطالبة ريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنها "بحصولها على هذه النتيجة أوفت بالوعد الذي قطعته لجدها مطر الذي رحل في فبراير/ شباط 2022".
وتوضح ريم، الطالبة في مدرسة الكوثر الثانوية، أن "ملهمي الأول كان جدي، إذ كان حريصاً جداً على أن يكون جميع أفراد العائلة من الطلبة المتفوقين".
وتستطرد بالقول: "كذلك، كانت قصة نجاحه دافعاً لتفوقي، إذ إنه رجل عصامي وصل في مسيرته إلى أن يكون أحد كبار رجال الأعمال، وذلك من خلال الاجتهاد وتحدي العقبات".
وتمنت الطالبة المتفوقة لو كان جدها على قيد الحياة ليرى هذا الإنجاز، قائلة: "هذا أقل شيء من الممكن أن أقدمه لجدي الذي كان وما زال سنداً لنا".
ريم أكبر إخوتها الخمسة، يصغرها بعام واحد شقيقها مطر، الذي خاض معها مسابقة الثانوية العامة، وذلك وفقاً لنظام التسارع، الذي أتاح له خوض الامتحانات هذا العام، وقد حصل على معدل 97%.
أبارك لأبنائي:
— أحمد مطر الدوسري (@ahmad_aldosari) June 19, 2023
1- ريم أحمد مطر ضابت الدوسري
2- مطر أحمد مطر ضابت الدوسري
حصول ريم على نسبة 100 % في الشهادة الثانوية المسار العلمي كأول قطرية تحصل على هذه النسبة متفوقة على جميع الطلبة ( المواطنين والمقيمين ).
وحصول ابني مطر على نسبة 97 % في الشهادة الثانوية في المسار العلمي.… pic.twitter.com/XGT9Ex5i2K
وتردّ ريم دعم العائلة إلى أهم عوامل التفوق لدى الطلبة، وتقول إن "مستوى الدعم الذي تقدمه الأسرة، مهم جداً. وبالنسبة إليّ، عائلتي وفرت كل ما يلزم لأصل إلى هذه النتيجة".
من بين أهم النصائح التي توجهها الطالبة المتفوقة للطلبة المقبلين على شهادة الثانوية العامة للعام المقبل، احترام الوقت.
تزيد بحديثها: "إلى جانب اهتمام الأسرة، هناك عامل ثانٍ مهم للتفوق، هو احترام الوقت"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنها "كانت تعمد إلى المراجعة اليومية لكافة الدروس".
ووضعت ريم خطة أسبوعية مجدولة للدراسة والمراجعة، من ضمنها خاصية ملاحظات يومية لليوم التالي، وفي نهاية الأسبوع تراجع جميع ما أعدّته وذاكرته.
وتضيف أن "ليلة الامتحان كانت أسهل ليلة عشتها طوال العام الدراسي"، موضحة: "كنت أشعر أنني مستعدة جيداً لأن أمتحن".
وتعود للتأكيد أنه "إذا نظم الطالب وقته منذ بداية العام الدراسي، فإن من السهل أن يحصد العلامة الكاملة".
من بين أهم النصائح للطلبة المقبلين على مسابقة الثانوية العامة للعام المقبل هو احترام الوقت
ومعروف عن ريم أنها من الطلبة المتفوقين على مستوى المراحل التعليمية. ففي مرحلة الابتدائية حصدت جائزة التميز التي تقدمها الدولة، والأمر ذاته خلال خوضها للمرحلة الإعدادية وختمت هذا التميز بتحقيق العلامة الكاملة في الثانوية العامة.
وأهم الإنجازات التي تفتخر بها الطالبة ريم، كتابتها وهي في سنّ العاشرة، قصة أدبية بعنوان "علياء الخادمة"، حول حقوق الإنسان، وتحديداً حقوق الأيدي العاملة.
وعن قصتها تقول: "هذه التجربة من بين التجارب الجميلة في حياتي. والدتي كانت المساند الأول لي، وأعتقد أن هذه الانجازات التي حققتها من طفولتي، كانت عوامل دفعت بي لأن أصل إلى ما أنا عليه الآن".
تنوي الطالبة دراسة القانون، والسبب حبها الشديد لطبيعة عمل والدها أحمد (44 عاماً)، الذي بدوره نال شهادة التميز خلال مهامه في دول مجلس التعاون لأعضاء النيابات والسلك القضائي.
توضح ريم أن "طريقة التعامل بالقضايا المدعومة بالأدلة، وفكرة معالجة القضايا ونصرة المظلومين، أرى أنه يتناسب مع شخصيتي، خصوصاً أنني أعشق التحدي. جميل أن تأخذ دور المنقذ وأرى هذا الشي في أبي الملهم الثاني لي، فأنا أسير على مقولة كل فتاة بأبيها معجبة".
هدف ريم أن تبدع في مجال القانون، وتجهز نفسها لأن تترك بصمة واضحة، خصوصاً في المجال القانون الدولي.
وكانت وزارة التربية والتعليم العالي في قطر، قد أعلنت الأسبوع الماضي نتائج الدور الأول لشهادة الثانوية العامة للعام الجاري، التي خاضها 13497 طالباً وطالبة، وبلغت نسبة النجاح في المسار العلمي 90.53%، وفي مسار الآداب 79.79%، والمسار التكنولوجي 84.01%، بالإضافة إلى 28 طالباً وطالبة حققوا العلامة الكاملة 100% في الثانوية العامة، بينهم طالبة قطرية.
5 ساعات يومياً
ومن بين الطلاب الحائزين العلامة الكاملة بشهادة الثانوية العامة، الطالب الفلسطيني عبد الله عقل (18 عاماً)، من مواليد الدوحة، والذي بدوره يتفق مع الدوسري بشأن العوامل التي ذكرتها لتحقيق التفوق التام، وهي دعم الأسرة وتنظيم الوقت.
الطالب عبد الله، وهو ابن مدرسة طارق بن زياد الثانوية، لم يمرّ عليه يوم طوال فترة العام الدراسي إلا وخصص خمس ساعات للدراسة، وحين اقترب موعد الاختبارات زاد من ساعات الدراسة إلى أن وصلت إلى ثماني ساعات يومياً.
الطالب المتفوق أصغر إخوته الأربعة، وهو الوحيد بينهم الذي حصل على هذه النتيجة في شهادة الثانوية العامة. ويقول إن "من بين دوافع البحث عن التفوق، السير على خطى إخوته الذين أتموا دراساتهم الجامعية بتفوق، فشقيقه الأكبر أنهى هندسة الكهرباء بامتياز، كذلك شقيقته نور التي تخرجت من كلية الإعلام بتفوق، والأمر ذاته لشقيقته ضحى التي أنهت دراسة الأحياء بامتياز أيضاً".
ويرى عبد الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "من يريد التفوق، عليه أن يخصص خمس ساعات يومياً للدرس"، مشيراً أيضاً إلى أهمية "العوامل النفسية المصاحبة لهذا المجهود، إلى جانب دعم الأسرة والثقة بالنفس، خصوصاً لحظة اقتراب موعد الامتحانات".
وتجنباً للضغط وكسر حالة الملل والفتور، بحسب قوله، لم يكن يدرس عبد الله خمس ساعات متواصلة، بل كان يدرس ضمن جدول وضعه لنفسه، كذلك فإنه كان يخصص يوماً كاملاً لـ"استراحة المحارب"، وفقاً لتوصيفه.
عبد الله ينوي دراسة الهندسة الميكانيكية، ويقول: "في الحقيقة، ليس لدي إلمام دقيق في هذا التخصص، ولكن لدي شعور بأني سأخوض تحدياً جديداً، وأنني قادر على أن أبدع فيه".
الدراسة بذكاء
الطالبة العراقية يُسر الجواري (18 عاماً) من مواليد الدوحة، وابنة مدرسة الشيماء، والتي حصدت على العلامة الكاملة أيضاً في الثانوية العامة، تشرح من جهتها بشكل مفصل كيف يمكن التفوق دراسياً.
في البداية، تتفق مع زملائها في أن الأسرة هي أحد العوامل الرئيسة للتفوق، وتوضح عن تجربتها لـ"العربي الجديد"، بالقول: "كانت أسرتي الداعم الأول والأساسي لي، حيث كانوا يوفرون لي السبل والظروف الدراسية المناسبة، ويشجعونني دوماً، ولا سيما حين ينهكني التعب".
أما العامل الأساسي للتفوق، فهو بحسب يسر "الدراسة بذكاء وليس بجهد وذلك من خلال التركيز على المادة الأكثر صعوبة وتعقيداً، وإعطائها الوقت الأكبر، مع عدم إهمال المواد السهلة ودراستها أيضاً".
وترى الطالبة أن "شعور الحرص للطالب يُعَدّ شيئاً جوهرياً خلال هذه المرحلة، فهو أحد المحفزات الداخلية للمواصلة والبحث عن تفوق". تزيد عن هذه الجزئية: "ساعدني هذا الأمر على عدم تفويت أي معلومة في الكتاب المدرسي الذي يُعَدّ المرجع والمصدر الأساسي لدراستي".
والعامل الثالث للتفوق، بحسب يسر، "عدم التغيب عن المدرسة، والتركيز مع الأساتذة في أثناء الشرح وتدوين الملاحظات التي يبدونها".
تشير يُسر على زملائها المقبلين على الثانوية العامة بضرورة الحصول على أوقات للراحة في أثناء الدراسة المنزلية، وتعلل ذلك بالقول: "حتى لا يؤثر التعب في تركيز وإتقان المادة".
الوراثة
ولوالد يسر، المهندس المكانيكي محمد (65 عاماً)، رأي آخر في تفوق ابنته، إذ يقول إن "التفوق ليس جديداً على عائلته، بل هو وراثي، فوالده (جد يُسر) الدكتور أحمد الجواري، أحد العلماء العراقيين في فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إذ كان يشغل منصب وزير التعليم في تلك الحقبة بجانب مهام دولية أخرى على مستوى الثقافة والتعليم".
يردف الوالد: "يصنف والدي من ضمن الشخصيات التي نهضت بالبيئة التعليمية للعراق، لذلك سأحاول جاهداً أن أساند يُسر لتنهض بالمجال الذي ستقدم عليه".
تطمح يُسر إلى دراسة الطب في جامعة قطر، وقد سبقتها في هذه المجالات شقيقتها الكبرى صفا، التي درست الصيدلة، وشقيقها أحمد الذي أنهى دراسة طب الأسنان.
وتردّ يُسر على رأي والدها، بالقول: "من دواعي سروري أن يشبهني والدي بجدي العالم، وهذه شهادة تكفيني، كل ما أفكر فيه الآن هو التفوق في مجالي المقبل".
ولعل هذه النصائح والتجارب تؤكد أن لا مكان للمستحيل، وأن التفوق ممكن، وتكون حافزاً لـ3200 طالب وطالبة سيؤدون اختبارات الدور الثاني للثانوية العامة في شهر أغسطس/ آب المقبل.