نتائج واعدة لعلاج مناعي لأمراض السرطان

09 يناير 2023
تنشيط كريات الدم البيضاء يجعلها قادرة على مقاومة السرطان (Getty)
+ الخط -

كشف باحثون دنماركيون وهولنديون عن بارقة أمل جديدة لمرضى السرطان، بعد إجراء تجارب سريرية على عدد من الحالات المستعصية، ونقل التلفزيون الدنماركي عن المشاركة في الدراسة الجديدة، رئيسة مستشفى هيرليف وجينتوفتي، إنغي ماري سفاني، أن نحو 20 في المائة من المرضى الذين عولجوا بكريات الدم البيضاء أصبحت أجسادهم خالية من بعض السرطانات العدوانية، بخاصة سرطان "الوحمة".
وتواصلت الأبحاث التي نشرت نتائجها أخيراً في مجلة "نيو إنغلند جورنال أند ميديسين" الطبية، على مدار السنوات الثماني الماضية، واستخدمت جهاز المناعة البشري في محاربة الخلايا السرطانية، وقالت ماري سفاني إن "البداية كانت في 2014، حين قمنا بالتعاون مع معهد السرطان في أمستردام، في استخدام طرق للتحقق من العلاج المناعي، والذي يسمى أيضاً العلاج بالخلايا التائية". 
ووفق النتائج، أدت المثبطات المناعية إلى تحسن كبير لدى المرضى الذين يعانون من سرطان الجلد المتقدم، وكذلك عند نحو نصف عينة الدراسة من المرضى الذين وصل المرض إلى خلاياهم الليمفاوية، ويسري ذلك أيضاً على من تلقوا جرعات علاج كيميائي سابقة. 
وشارك 168 مصاباً دنماركياً وهولندياً في التجربة، وتمت مقارنة العلاج بالخلايا التائية مع العلاج القياسي بعقار تنظيم المناعة "إبيلمومبام"، والذي كان عند بدء التجربة في 2014 العقار الوحيد المسجل للعلاج المناعي لسرطان الجلد المنتشر، وخلال التجربة، عرف ما يقرب من 48 في المائة من المصابين تأثيراً للعلاج بالخلايا التائية، ما يعني أن الجهاز المناعي قادر على محاربة السرطان، بحسب موقع "العلوم" الدنماركي.
وأكدت التجارب والأبحاث أن هذا النوع من العلاجات "أكثر فعالية من العلاجات الحالية"، رغم أن نحو 20 في المائة ممن تلقوا العلاج كانوا في وضع ميؤوس منه، قبل أن يختفي المرض من أجسادهم بعد تلقيه، وكثير من هؤلاء عانوا بالفعل من فشل بقية العلاجات، ما جعل تخلصهم من الخلايا السرطانية أمر غير اعتيادي. 

الصورة
استغلال قدرات الجهاز المناعي هو الحل الأمثل (Getty)
استغلال قدرات الجهاز المناعي هو الحل الأمثل (Getty)

يبدأ العلاج بخلايا الدم البيضاء من الحصول على جزء من الأنسجة السرطانية الحية، وفحص الخلايا المناعية التي توجد عادة في الورم، ثم يتم تنشيطها في المختبر، واستخدامها كمنتج علاجي، واستحدثت التجربة الجديدة وسائل علاجية بالحقن من أجل تعزيز التعرف السريع على الخلايا السرطانية، ثم مهاجمتها.
ويضعف العلاج المناعي قدرة السرطانات على الدفاع عن خلاياها، بحسب "جمعية السرطان" في كوبنهاغن. وفي الدراسة الجديدة يبدو الأمر نوع من التوافق على أن العلاج المناعي يمكن أن يشفي مرضى السرطان الذين سبق تصنيفهم كحالات ميؤوس منها، والذي يمكنهم بعد العلاج عيش بقية حياتهم من دون أن يصبح المرض نشطاً مجدداً.
ويشير الباحثون في النتائج إلى أنه "بعد سنوات من تلقي العلاج، حقق من كانوا مرضى التأثير الايجابي المطلوب، ولا تزال أجسامهم خالية من مرض السرطان". 
وتكمن الآمال الواعدة في العلاج المناعي في كونه "علاجاً مكثفاً" لا يستغرق أكثر من بضعة أسابيع، من بينها نحو ثلاثة أسابيع إقامة في المستشفيات في حال كان المريض في حالة متأخرة، ويعتبر ذلك تطوراً سريعاً وفعالاً مقارنة بالعلاجات الكيميائية المكثفة المستخدمة حالياً، كما أن بقاء المريض تحت الإشراف الطبي لبضعة أسابيع لا يعني حقنه بشكل مستمر بالخلايا المناعية (كريات الدم البيضاء)، وإنما يتم الحقن مرة واحدة، ثم ينتظر الأطباء روية التأثير.
ويفيد معدّو الدراسة بأنه لم تظهر آثار جانبية متأخرة لهذا النوع من العلاجات، ويؤكدون أنه في حال ظهور آثار جانية خطيرة يجري التدخل، فيكون العلاج لفترة قد تمتد إلى ثلاثة أسابيع من إدخال المرضى إلى المستشفيات. 

وعلى الرغم من أنه علاج واعد لمرضى السرطان، فإن الباحثين ينتظرون موافقة وكالة الأدوية الأوروبية لاستخدامه في مستشفيات القارة المتخصصة في علاج الأورام الخبيثة، وتتوقع الطبيبة سفاني حدوث ذلك قريباً.
وتستبق كوبنهاغن موافقة الوكالة الأوروبية عبر التشاور بين الأطباء المشاركين في العلاجات الجديدة ومديري الصحة الإقليميين، لتجهيز وإعداد برامج علاج للمرضى المختارين، والوصول المبكر إلى المرضى المصنفين بحالات "ميؤوس منها". وخلال يناير/ كانون الثاني الحالي يتوقع أن تباشر الدنمارك استخدام هذه الطريقة العلاجية، وأن تكون البداية مع سرطانات الجلد. 
ويؤكد الباحثون أنّ الأمر لا يتوقف عند علاج المرض، وأن من تلقوا هذا النوع من العلاج تحسّنت جودة حياتهم على المستوى الجسدي والعاطفي، وباتوا يعانون بصورة أقل من التعب والأرق، مقارنة مع من تلقوا العلاجات التقليدية مثل عقار "إبيلمومبام".

المساهمون