نازحو غزة... اقتراب فصل الشتاء كارثة على الخيام المهترئة

17 سبتمبر 2024
يعيش معظم سكان غزة في خيام مهترئة (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تفاقم معاناة النازحين في غزة مع اقتراب الشتاء:** يعيش مئات الآلاف في خيام متهالكة تفتقر إلى الخدمات الأساسية، مع مخاوف من تأثير أمواج البحر وانتشار الأمراض في ظل استمرار النزاع.
- **نقص حاد في الخيام والمستلزمات الأساسية:** 74% من الخيام غير صالحة، ويحتاج 100 ألف خيمة إلى استبدال فوري، لكن التكلفة العالية وعدم توفرها يزيد من معاناة النازحين.
- **تدهور البنية التحتية وزيادة المخاطر الصحية:** تدمير البنية التحتية وتراكم النفايات يزيد من المخاطر الصحية، مع تزايد المخاوف من تأثير المنخفضات الجوية والأمطار على الخيام المتهالكة.

تزداد مأساة المهجرين من بيوتهم المدمرة في قطاع غزة مع اقتراب حلول فصل الشتاء والمخاوف من أمواج البحر العاتية التي بدأت تضرب خيامهم، فضلاً عن تفاقم انتشار الأمراض والأوبئة في ظل عدم الوصول إلى اتفاق ينهي حرب الإبادة الجماعية المستمرة.

ويواجه النازحون أوضاعاً إنسانية غير مسبوقة في ظل عدم وجود منازل تؤويهم، وبقاء مئات الآلاف منهم في الخيام المنتشرة بالمنطقتين الغربية والوسطى من القطاع حتى مواصي مدينة رفح في أقصى الجنوب، حيث يتكدس قرابة مليوني نازح في مخيمات ومراكز إيواء بلغ عددها 543، بينما لا تضم غالبيتها خدمات إنسانية حقيقية تكفي لسد احتياجاتهم، وصولاً إلى النقص في مياه الشرب والطعام وغيرها أساسيات الحياة.

ويطالب الآلاف من النازحين في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة، بالحصول على خيام جديدة بديلة عن خيامهم المدمرة، ويطالب آخرون بشوادر قماشية أو بلاستيكية لتدعيم خيامهم المهترئة التي تمزقت بفعل حرارة الصيف والرياح وتكرار القصف الإسرائيلي الذي طاول المناطق التي يصفها الاحتلال بأنها "إنسانية" أو "آمنة".

وتصاعدت الأصوات والدعوات المطالبة بإدخال الخيام وتعزيز أوضاع النازحين في القطاع على صعيد المياه والصرف الصحي والتيار الكهربائي، في حين أدت عمليات النزوح المتكررة إلى تلف شديد في الخيام التي تتخذها العائلات النازحة ملجأ لها بسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة للشهر الثاني عشر على التوالي، إلى جانب تدهور الأوضاع الصحية.
كما تدهورت أوضاع النازحين المتواجدين على شاطئ البحر بفعل المد والجزر الذي يطاول الخيام، علاوة على قرب دخول فصل الشتاء، والخشية من تداعيات المنخفضات الجوية، والتي عادة ما تضرب القطاع في نهاية فصل الصيف وقبيل دخول فصل الخريف، ما يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية.

لن تحتمل الخيام أمطار الشتاء (أشرف أبو عمرة/الأناضول)
لن تحتمل الخيام أمطار الشتاء (أشرف أبو عمرة/الأناضول)

وبحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي فإن 74% من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، كما أن نحو 100 ألف خيمة من أصل 135 ألف خيمة بحاجة إلى استبدال فوري نتيجة الاهتراء، إذ إنها مصنوعة من الخشب والنايلون والقماش، واهترأت بسبب حرارة الشمس خلال فصل الصيف.
تقول الفلسطينية رولا الحاج موسى لـ "العربي الجديد" إن "اهتراء الخيام يعتبر مصدر معاناة إضافية إلى جانب معاناة النزوح، لاسيما مع قرب حلول فصل الشتاء، وعدم توفر خيام بديلة لآلاف النازحين. الخيمة التي أتواجد بها مع عائلة زوجي المكونة من تسعة أفراد بلا غطاء، ما يجعلها معرضة للغرق حال سقوط الأمطار، إضافة إلى اهتراء سقف الخيمة بفعل الحرارة، ما يجعلها لا تقينا برد الشتاء. الخيام القريبة من البحر باتت خطرة مع تصاعد المد والجزر، والذي يجعلها عرضة للاقتلاع في أي لحظة، ويزيد من سرعة تلفها".
تضيف الحاج موسى: "حاولت البحث عن خيمة جديدة، لكن الخيام غير متوفرة، وفي حالة توفرها في الأسواق المحلية فإن المبالغ المالية التي يتم طلبها في مقابلها مرتفعة للغاية، بينما لا يوجد مصدر دخل للعائلات حالياً. تكلفة الخيمة الجديدة تتراوح بين 2500 إلى 3000 شيكل إسرائيلي، وهو مبلغ باهظ، ولا تستطيع غالبية الأسر النازحة توفيره (الدولار يساوي 3.71 شواكل إسرائيلية).

طاول القصف مناطق الخيام مرات عدة (جهاد الشرافي/الأناضول)
طاول القصف مناطق الخيام مرات عدة (جهاد الشرافي/الأناضول)

يقول الفلسطيني أحمد صيام إن "تكرار تجربة النزوح مع عائلته المكونة من 14 فرداً يعتبر أمراً غاية في الصعوبة، وقد نزحنا حتى اللحظة أكثر من 10 مرات، عدة مرات منها داخل مدينة غزة، ثم إلى مناطق الوسط، ثم إلى الجنوب، ثم إلى الوسط مرة أخرى". ويوضح صيام لـ "العربي الجديد" أن "تكرار النزوح بفعل العمليات العسكرية والقصف الإسرائيلي أدى إلى تلف جميع ممتلكاتنا التي كنا نحرص على النزوح بها، وفي مرات عدة اضطررت إلى الاستغناء عن الكثير منها، سواء لكونها لم تعد صالحة للاستخدام، أو لأنني لا أستطيع التنقل بها. فقدان أي من ممتلكات العائلات النازحة بمثابة خسارة كبيرة لا يمكن تعويضها، لا سيما إن كان ذلك على صعيد الخيام أو بعض الأثاث المتعلق بالنوم كالفراش والأغطية، خصوصاً مع الارتفاع الكبير في تكلفة شراء الجديد منها، أو عدم توفره بالأساس".
ويلفت الفلسطيني صيام إلى وجود تقصير رسمي في سياق احتواء النازحين، وتوفير الاحتياجات الخاصة بهم، ما يعزز من قسوة النزوح في كل مرة، خصوصاً مع استمرار الحرب الإسرائيلية، وعدم وجود أي أفق للوصول إلى اتفاق ينهيها، كما أن "قرب حلول فصل الشتاء سيزيد المعاناة، لا سيما وأن الخيام ضعيفة للغاية، ولا تصلح للتعامل مع الأمطار وحركة الرياح، فضلاً عن تكدس آلاف النازحين في المناطق القريبة من شاطئ البحر".

ومع قرب حلول فصل الشتاء، تواجه البلديات العاملة في غزة أزمة صحية وبيئية ناتجة من تلف شبكات الصرف الصحي بفعل القصف وعمليات التجريف التي طاولت غالبية الطرق والشوارع في القطاع. وحسب بلديات شمالي القطاع، فقد دمر جيش الاحتلال 77 آلية خاصة بالبلدية، من بينها آليات جمع النفايات، إضافة إلى تدمير محطة تحلية المياه الرئيسية التي تخدم شمالي القطاع ومدينة غزة، وتدمير 57 مولد كهرباء كانت تستخدم في تشغيل الآبار والمضخات، ويتراكم نحو 60 ألف طن من النفايات في الشوارع، في حين بلغت نسبة الدمار في مدينة غزة على صعيد شبكات المياه نحو 75%، فيما تتكدس 150 ألف طن من النفايات في الشوارع، عدا عن تدمير المعدات والآليات الأساسية بنسبة 80%.
يبحث الفلسطيني عبد الرحمن المقيد حالياً عن أرض فارغة أو بها متسع للانتقال مع عائلته إليها من مكان إقامته الحالي على شاطئ البحر في المناطق الغربية لمدينة خانيونس، وذلك في ظل ارتفاع مياه البحر واقترابها من خيام النازحين. ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "المد والجزر والتيارات البحرية جعلت مياه البحر تغرق الخيمة الموجودة على الشاطئ، ومع قرب انتهاء فصل الصيف نخشى من اتساع حركة التيارات البحرية لتزيد التهديدات للخيمة. استمرار البقاء على شاطئ البحر لن يكون سهلاً، وعلينا الانتقال قبل حلول فصل الشتاء، إذ لن نتحمل المنخفضات الجوية وهطول الأمطار والبرد الشديد".