مع ازدياد السرقات وندرة المحروقات، يعاني سكان ريف حمص من انقطاع المياه، واضطرارهم لدفع أموالٍ إضافية لشرائها. ويعاني البعض الآخر من تلوث المياه وانتشار المرض بين السكان.
تعاني معظم المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في سورية من نقص في مياه الشرب والاستعمال المنزلي، خصوصاً مع ندرة وجود الوقود المشغل لآبار المياه وسرقته، رغم توفر الآبار بشكلٍ كبير. في حين أنّ بعض المناطق تتوفر فيها المياه، إلا أنّه تبيّن أنّها ملوثة وغير معقمة. ويشتكي سكان قرى منطقة الحولة، في ريف حمص الشمالي الغربي، من انقطاع المياه بسبب سرقة مخصصات الوقود اللازمة لتشغيل الآبار الارتوازية. وعلى الرغم من استلام المسؤولين بمؤسسة المياه مخصصات المازوت في نهاية العام الماضي، إلا أنّ المياه ما زالت شبه مفقودة، كما يقول سكان المنطقة.
ونقلت صحيفة "العروبة" المحلية، عن سكان من قريتي الهرقل وجرنايا، التابعتين لناحية الحولة في ريف حمص الشمالي الغربي، شكواهم من النقص الدائم في مياه الشرب، رغم وجود بئرين ارتوازيتين، إحداهما تعمل على الكهرباء والثانية على الديزل، وهما مخصّصتان لتأمين احتياجات عدة قرى من المياه. ويوضح السكان أنّه رغم "استلام مخصصات مادة المازوت مع نهاية العام الماضي، إلا أنّ الوضع لم يتغير وبقي الأهالي من دون مياه". ووفقاً للصحيفة، فإنّ "وحدة المياه" في بلدة القبو بررت انقطاع المياه بتعرض الشبكة الكهربائية لسرقة الكابلات والبطاريات، وعدم توفر المازوت، وانقطاع التيار الكهربائي، وبالتالي، عدم تمكن الآلة من ضخ الكميات المطلوبة من المياه. ومنطقة الحولة، التي يتبع لها إدارياً كلّ من مدن تلدو وكفرلاها وتل ذهب، وعدد من البلدات والقرى، تعاني أيضاً من مشاكل في شبكات مياه الشرب. فقبل عام 2011، أغلقت في مدينة تلدو بئر مياه، بسبب تلوثها بمياه الصرف الصحي، وبقيت 3 آبار في المدينة قيد العمل. وكانت تعاني معظم أحياء المدينة من مشكلة توزيع المياه. أما أزمة التلوث، فيعاني منها سكان مدينتي تلذهب وكفرلاها أيضاً، بالإضافة لباقي البلدات.
ويؤكد أحمد أبو جمعة (54 عاماً)، من أهالي منطقة الحولة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أكثرية المنطقة تعاني من مشكلة توفر المياه بشكلٍ يومي، وذلك منذ سنوات، سواء المناطق التي كانت تخضع للنظام أو التي خضعت له أخيراً. وتضاعفت الأزمة في الأيام الأخيرة، بسبب فقدان المازوت الذي يسرقه الفاسدون من موظفي مؤسسة المياه، فضلاً عن سرقة أسلاك شبكة الكهرباء من قبل عناصر المليشيات في المنطقة وهذا يحدث بشكلٍ متكرر".
أما أبو وليد، فيقول لـ"العربي الجديد": "لا يوجد بديل لدى السكان في الحصول على المياه، إلا الذهاب لدى البائعين المتجولين الذين يعبئون المياه من آبار خاصة، ويبيعونها بالسعر الذين يريدونه، أو استغلال فترة توفّر المياه بتعبئة أكبر قدر منها قبل انقطاعها مجدداً". ويؤكد أبو وليد أنّه خلال السنوات التي سبقت سيطرة النظام على مدن كفرلاها وتلدو وتل ذهب وبلدات الطيبة وطلف والبرج وعقرب كان الجزء الأكبر من سكان هذه المدن والبلدات يعتمد على الصهاريج أو مياه الآبار السطحية لتلبية حاجاتهم. ولجأ البعض لحفر الآبار الارتوازية أيضاً لتوفير المياه، في الوقت الذي كانت أزمة المياه في البلدات الموالية للنظام والخاضعة لسيطرته تعاني بشكلٍ طفيف من هذه المشكلة. ومن هذه البلدات، الغور والقبو، إضافة لقرى الشنية وفلة والشرقلية". ويتابع أبو وليد: "أزمة المياه في القسم الشرقي من مدينة تلدو هي أزمة قديمة منذ أن سكنت
في المنطقة، فمياه الشبكة بالكاد كانت تصلني واضطررت للحفر في الأرض بعمق متر، وتثبيت مضخة مياه، لأضمن أن أحصل على المياه، وذلك، قبل أن ألجأ لحفر بئر سطحية بعمق 18 متراً، لتوفير المياه. وبعد سيطرة النظام على المدينة وجفاف هذه البئر، ألجأ لشراء المياه من الصهاريج".
وفي الجانب الآخر من ريف حمص الغربي، تعاني منطقة تلكلخ من مشكلة انتشار حالات تسمم وإصابات بالتهاب الكبد الوبائي جراء المياه الملوثة التي تصل عبر شبكة المياه التابعة لمؤسسة المياه في حكومة النظام. وبحسب ما تقول مصادر محلية لـ"العربي الجديد" فإنّ "المياه، وفق مزاعم النظام، ليست ملوثة إنما لم تحصل على التعقيم الكافي من خلال خلطها بمادة الكلور، وذلك بسبب عدم توفر المادة لدى حكومة النظام". وتوضح المصادر: "مستشفى تلكلخ الوطني يستقبل عشرات الحالات بشكلٍ شبه يومي، معظمها مصابة بأعراض تسمم نتيجة شرب المياه، وتبيّن أنّ هذه الحالة بدأت منذ أسابيع. إضافة إلى ذلك، أثبتت التحاليل وجود إصابات بالتهاب الكبد الوبائي". بدورها أيضاً، نقلت صحيفة "العروبة" عن رئيس مجلس مدينة تلكلخ التابع للنظام، حسن مرعي، قوله "إنّ مصدر تلوث المياه غير معروف، ونسبة الكلور بالمياه بعد التحليل هي صفر في المائة". ويضيف أنّ "العمل جارٍ لمعرفة الخلل الحاصل في شبكة المياه".
إشارة إلى أنّ أزمة الكهرباء تساهم بتفاقم أزمة المياه في المناطق التي يسيطر عليها النظام. فالمياه لا تصل إلى الخزانات من دون تشغيل المضخات. وتعاني عموم مناطق النظام السوري من أزمات معيشية كثيرة نتيجة عدم قدرة النظام على تأمين المحروقات والمواد الأولية والأدوية وغيرها من متطلبات الحياة اليومية للسكان، للعيش بشكلٍ أفضل، من دون الإصابة بالأمراض إثر تلوث أو فقدان المياه.