تكثف السلطات المغربية حملاتها الرقابية في المناسبات، مثل شهر رمضان والأعياد، لتستهدف المنتجات التي يكثر عليها الطلب، والتي يمكن أن تكون محل تلاعب من قبل التجار. وتشير تقارير رسمية إلى ضبط جرائم تمسّ العديد من أنواع السلع، مثل الأسماك واللحوم والتمور والدقيق والألبان، تشمل تغيير تاريخ الصلاحية، علماً أن الأغذية الفاسدة تحتل المركز الثاني ضمن مسببات التسمم بعد الأدوية.
وقالت "مديرية المنافسة والأسعار والمقاصة" (حكومية) في بيان، إنها ضبطت 1964 مخالفة في قطاع الأغذية خلال شهر رمضان، توزعت بين 691 مخالفة تتعلق بعدم إشهار الأسعار، وعدم تقديم الفاتورة للمستهلك، و423 مخالفة مرتبطة بالزيادة غير القانونية في الأسعار، و36 مخالفة تتعلق بالنصوص المتعلقة بالصحة والسلامة.وثمة 380 مخالفة شكلت موضوع إنذارات للمخالفين، و1584 حُرِّرت محاضر بشأنها وأُرسِلَت إلى المحاكم، وقامت اللجان المختصة بحجز وإتلاف 33.2 طناً من المنتجات غير الصالحة للاستهلاك، أو غير المطابقة للمعايير التنظيمية المعمول بها".
وبينما نشطت الحملات الرقابية خلال شهر رمضان، إلا أن نتائجها تثير انتقادات جمعيات حماية المستهلك. يقول رئيس "الجمعية المغربية لحقوق المستهلك"، بوعزة الخراطي، إن "مناهج المراقبة الحالية الخاصة بالجودة والسلامة الصحية مكلفة، كذلك فإنها موسمية. المعضلة تكمن في وجود عدد كبير من مؤسسات المراقبة، ما يجعلها حجر عثرة في وجه تنزيل مبادئ حماية المستهلك المعترف بها دولياً".
يضيف الخراطي في تصريحات لـ"العربي الجديد": "هناك مؤسسات حكومية عدة تقوم بالمراقبة، لكنها تقوم بذلك في مناسبات بعينها، وتحت إمرة وزارة الداخلية، وحين تكون هناك هيئة مكونة من مؤسسات مختلفة تضطلع بمهمة المراقبة، تغيب الفعالية. آن الأوان لكي تكون هناك مؤسسة مختصة، كما هو الشأن في الولايات المتحدة، وفي كندا، وفي سلطنة عمان. هناك نماذج عدة أثبتت نجاعتها، ويُعيَّن فيها رئيس المؤسسة من قبل رئيس الدولة، ما يمدها بالقدرة على تطبيق القانون، فأي قانون مهما كانت ماهيته لن يكون له جدوى إن لم تكن المؤسسة الموكول إليها تطبيقه قوية".
ويمتلك المغرب ترسانة قانونية خاصة للسلامة الغذائية، أبرزها القانون رقم 28.07، الذي يعرّف أحد فصوله الخطر بأنه "كل عنصر بيولوجي أو كيماوي أو فيزيائي يوجد في منتج غذائي، كالأكسدة والتعفن والتلوث، أو أيّ حالة أخرى مشابهة يمكن أن تؤثر سلباً في الصحة".
وتحدد المادة الـ14 من القانون ذاته، المنتج المضر بالصحة على أنه "كل منتج له آثار سامة فورية أو محتملة على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد في صحة الفرد، أو يسبب حساسية صحية مفرطة، أو أي شكل آخر من الحساسية التي يمكن الكشف عنها، والتي تصيب فرداً أو فئة معينة من الأفراد الموجه إليهم المنتج المعني".
ويعاقب القانون بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة مالية كل من عرض أو قدم في السوق الداخلية أو استورد أو صدر أي منتج غذائي يشكل خطراً على حياة أو صحة الإنسان أو الحيوان، ويعاقب بغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم (2000 دولار)، كل من لم يسحب كل منتج غذائي من السوق الوطنية خلال الأجل الذي تحدده السلطات المتخصصة.
وبحسب إحصائيات صادرة عن وزارة الداخلية، فقد سُجِّل خلال عام 2022، 6377 مخالفة للقوانين المتعلقة بحماية المستهلك والأسعار والمنافسة، بزيادة قدرها 71 في المائة، مقارنة بسنة 2021، وتتوزع المخالفات المسجلة ما بين 4 آلاف و140 مخالفة لتدابير حماية المستهلكين، و267 مخالفة مرتبطة بعدم احترام شروط النظافة والسلامة الصحية بأماكن البيع.
وخلال الفترة نفسها أُتلف ما يناهز 1100 طن من المواد والمنتجات غير الصالحة للاستهلاك، إلى جانب إغلاق 130 محلاً تجارياً لم يحترم أصحابها الضوابط القانونية والتنظيمية المعمول بها في مجال جودة المواد والمنتجات الاستهلاكية وسلامتها.
وخلّف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات في المغرب، وهو أعلى هيئة رقابية في مجال تدبير المرافق العمومية، الصادر في سبتمبر/ أيلول 2019، صدمة كبيرة لدى الرأي العام، لما تضمّنه من معطيات خطيرة حول نتائج فحوص قامت بها الهيئة الرسمية المكلفة مراقبة جودة الأغذية المتداولة في الأسواق المغربية، مؤكداً أن المغرب "لا يتوافر على رؤية واضحة أو سياسة عمومية في مجال السلامة الصحية للمنتجات الغذائية".
وعلاوة على ضعف المراقبة محلياً، سجل التقرير سهولة اختراق بعض النقاط الحدودية، وصعوبة المراقبة بسبب تهريب الحيوانات الحية والأدوية البيطرية ومبيدات الآفات الزراعية، وكذا دخول أنواع كثيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر.