قال مسؤولون محليون في محافظة ديالى شرقي العراق، الثلاثاء، إن مليشيا مسلحة استولت على مخيم للنازحين بعد أسابيع من إجبار سكانه على مغادرته رغماً عنهم، وذلك في حادث هو الثالث من نوعه، إذ استولت جهات حكومية على ممتلكات مخيم شرقي الأنبار، كانت منظمة دولية قد جهزته بمولدات كهرباء وبنى تحتية مختلفة، كما تم الاستيلاء على مخيم مماثل في بلدة زمار من قبل مسؤولين متنفذين بمحافظة نينوى.
ووجهت منظمات دولية عدة، خلال الفترة الأخيرة، انتقادات للسلطات العراقية بشأن عمليات الإخلاء القسرية للمخيمات، وإجبار ساكنيها على مغادرتها من دون تأمين مكان بديل لهم، خاصة الذين دمرت منازلهم، أو ينحدرون من مدن تستولي عليها مليشيات مسلحة وتمنع أهلها من العودة، مثل جرف الصخر، ويثرب، والعوجة، والعويسات.
ووفقاً لمسؤول في ديوان محافظة ديالى الحدودية مع إيران، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإنّ فصيلاً مسلحاً تابعاً لـ"الحشد الشعبي" استولى على مئات البيوت الجاهزة والخيام، ومولدات كهرباء ومعدات أخرى، منها ورشة تشغيل، ومركز تعليم أطفال، ومعدات إسعافات أولية، ومستلزمات أخرى كانت منظمات دولية قدمتها لإغاثة النازحين في مخيم الوند في عام 2019، مضيفاً أنّ الإجراءات القانونية تقضي بانتقال ما يوجد في المخيم إلى السلطات الحكومية، لكن "اللواء 110" ضمن "الحشد الشعبي" استولى على محتويات المخيم بشكل كامل.
وكشف المسؤول المحلي، الذي طلب إخفاء هويته لاعتبارات أمنية، أنّ سكان المخيم تعرضوا للتهديد والمضايقة لإجبارهم على مغادرته، إذ كان يتم تفتيشهم واتهامهم بالإرهاب، معتبراً أنّ إخلاء المخيم في نهاية العام الماضي كان هدفه مصادرة محتوياته التي قدمتها منظمات دولية.
ويقع مخيم الوند على مقربة من الحدود مع إيران ضمن مدينة خانقين بمحافظة ديالى، وكان يضم نحو 600 عائلة عراقية نازحة منذ عام 2014، أغلبهم من من الأطفال والنساء، ومع تزايد أعداد النازحين في المخيم، جهزته مفوضية اللاجئين بستة مولدات كهرباء حديثة، فضلاً عن بيوت جاهزة وخيام، فيما جهزت منظمات أخرى المخيم بمركز طبي متكامل، وآخر لتعليم الأطفال، ومشغل للنساء.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في وقت سابق، إنّ خطة العراق لإغلاق المخيمات "حرمت آلاف النازحين من الحصول على الخدمات الأساسية"، مؤكدة أن الحكومة العراقية أغلقت 16 مخيماً على مدى 7 أشهر مضت، وتركت أكثر من 34 ألف نازح من دون الحصول على خدمات ميسورة التكلفة.
من جانبه، قال الناشط الحقوقي في محافظة ديالى إبراهيم المحمود، لـ"العربي الجديد"، إنّ أكثر من 400 عائلة من نازحي مخيم الوند، من أصل 603 عائلات، لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم في مناطق المقدادية، وما زالوا نازحين لأسباب تتعلق بهدم منازلهم، أو نزاعات ومشاكل عشائرية تمنع العوائل من العودة.
وأضاف المحمود أنّ "وزارة الهجرة وعدت النازحين بحل المشاكل حال قبولهم إخلاء المخيم، لكنهم حتى الآن ما زالوا نازحين من مكان إلى آخر، واضطر كثيرون منهم إلى البحث عن أماكن بديلة في مخيمات بإقليم كردستان. تم إخلاء المخيم في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى جانب مخيم آخر في نفس المنطقة، وكل محتوياتهما صودرت".
ويقول مواطنون من قضاء خانقين إنّ أحد مولدات الكهرباء التي كانت موجودة في المخيم شوهد على رصيف أمام منزل مسؤول محلي، بينما الآخر في مبنى قائّمقامية قضاء خانقين، والمولدات الأخرى استولى عليها القيادي في "الحشد الشعبي" طالب الموسوي، الذي يشغل منصب آمر "اللواء 110" في وحدات "الحشد الشعبي".
وقال عضو التيار المدني العراقي أحمد حقي إنّ "إجراءات إغلاق المخيمات ينبغي أن يطلق عليها عمليات طرد النازحين، إذ نفذت وزارة الهجرة عمليات إغلاق إجبارية لأكثر من 22 مخيماً خلال العام والنصف الماضيين، ما تسبب بتشريد آلاف العوائل".
وتابع حقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "محتويات المخيمات قد تكون واحدة من الأسباب الرئيسة لإغلاقها، حيث وفرت منظمات دولية مستلزمات داخل المخيمات بملايين الدولارات، منها مولدات الكهرباء، والمعدات الطبية، ومراكز التعليم، والبيوت الجاهزة، ومنظومات تنقية وتعقيم المياه، وجميع المخيمات التي أغلقت تم الاستيلاء على محتوياتها من قبل جهات نافذة، بينها مليشيات ومسؤولون ودوائر محلية في تلك المناطق".