حلّ فصل شتاء جديد على النازحين في إدلب، جالباً، مع برده وصقيعه، هموماً ثقالاً ألقى بها على النازحين في المخيمات، مستهدفاً ضعفهم وسوء حالهم، ليقف الكثيرون منهم عاجزين أمام أطفالهم غير قادرين على توفير ملابس الشتاء لهم، مترقّبين ما قد تحمله الأيام القادمة.
تنتظر علياء، التي نزحت من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، المنظمات الإنسانية على أمل الحصول على ملابس لأطفالها، وتحكي لـ"العربي الجديد"، قصة أيام صعبة عاشتها الشتاء الماضي، بعد النجاة من القذائف والخروج من مدينتها سالمة مع أطفالها، مشيرة إلى أنها غادرت والبرد القارس يطوق الأنقاض في الشوارع، في شهر يناير/ كانون الثاني 2020، أطفالها يبكون وزوجها يترقب ويسارع بهم لأقرب سيارة تقلهم للأمان.
وتبين أن الطريق في البرد القارس وتحت رعب الطائرات لم يكن ينتهي، ولم تشعر بشيء من الأمان حتى وصلت إلى ريف إدلب الشمالي، لكنها تركت كلّ شيء خلفها، حتى ملابس الشتاء.
وتقول علياء "لم أكن أبصر أمامي، كل ما كان يشغلني هو الخروج بأطفالي سالمين، وعند وصولنا لبلدة مشهد روحين وقعنا في كارثة الملابس، حصلنا على ملابس حينها للأطفال، لكنها بالكاد كانت تكفي ونجونا حينها، لم يعد لدينا من مدخراتنا ما يكفي لشراء الملابس، واليوم نحن عاجزون نترقب ما تقدمه المنظمات لنا ولأطفالنا".
ولبعض النازحين والمهجرين حلول قد تجدي في الحصول على ملابس لهم ولأطفالهم، خاصة بظلّ الظروف الصعبة التي يعيشونها، ومنهم أمينة عمر (30 عاماً)، التي تقول لـ"العربي الجديد"، إن أشقاءها المقيمين في تركيا خففوا عنها جزءاً كبيراً من معاناة الحصول على ملابس الشتاء، خاصة أن لديها أربعة أطفال.
وتضيف أمينة "في كل شتاء يرسل لي أشقائي ملابس لأطفالي، تغنيني عن ترقب مساعدة المنظمات الإنسانية أو غيرها، وهذا يشعرني بالارتياح كثيراً. الحصول على ملابس جديدة لأربعة أطفال كل عام شيء صعب، ويضعنا أنا وزوجي أمام صعوبات كثيرة، هذه المبادرة جميلة وفعالة وأرجو أن تنتشر في الشتاء لتخفف عن النازحين".
وبالنسبة للعوائل الكبيرة هناك معاناة في الحصول على الملابس، بظل الوضع الحالي للنازحين وتراجع دعم المنظمات والجهات الإنسانية وانخفاض مستوى الإستجابة الإنسانية، مع تفشي فيروس كورونا في المنطقة.
الناشط الإعلامي عباس سليمان، أوضح لـ"العربي الجديد"، أنه في العام الماضي كان هناك جهد وتوجه من المنظمات الإنسانية نحو تأمين المسكن للنازحين، وبشكل عام فإن ما تؤمنه المنظمات من الملابس للنازحين قليل جداً، وتوجه معظم النازحين والسكان نحو ملابس "البالة"، وهذا يخفف عبئاً عنهم بظل الظروف الحالية، "فمعظم الأهالي في المنطقة المحررة يعتمدونها".
وأضاف سليمان أن الملابس التي تمنحها المنظمات تكون لفئة محدودة، وغالباً ما توزع على الأطفال الأيتام، أو شرائح أخرى محدودة من النازحين.
ويعيش في المنطقة المحررة من محافظة إدلب نحو مليوني نازح ومهجر، يقيم نصفهم في المخيمات، يعانون في الوقت الحالي من مخاوف مروا بها خلال الأعوام الماضية جلبها فصل الشتاء، كغرق الخيام ونقص أو عدم توفر مصادر التدفئة والملابس الشتوية.