أفادت مصادر عراقية بأنّ ضابط أمن قتل وأصيب آخر، اليوم السبت، بمواجهات مسلّحة مع تجّار للمخدرات في العاصمة بغداد، حاولت القوة اعتقالهم. ودعا مسؤولون ومراقبون إلى إبعاد الملف عن التجاذبات السياسية، وسط تحذيرات من نشاط ملحوظ لتجارة المخدرات في البلاد، ولا سيما أنّ التجّار الكبار فيه مرتبطون بفصائل مسلّحة وأحزاب سياسية.
وتتّسع تجارة المخدرات وتوريدها إلى العراق بشكل خطير، إذ أصبحت بعض المحافظات بؤرة للمخدرات وحبوب الهلوسة التي تهدّد الشباب، في وقت تحاول القوات الأمنية فيه السيطرة على الملف من خلال عمليات دهم تنفّذها، بحسب المعلومات التي تتوافر لديها عن تحركاتهم.
ووفقاً لوكالات أنباء عراقية محلية، فإنّ "اشتباكاً وقع بين قوة أمنية داهمت مجموعة تجّار للمخدرات"، وأضافت أنهم "واجهوا العناصر الأمنية في منطقة حي البساتين، شمالي بغداد، ما أدى إلى مقتل ضابط برتبة نقيب وإصابة آخر، فيما قُتل أحد تجّار المخدرات"، كذلك "استخدم التجار قنابل يدوية ضدّ القوة المهاجمة".
عضو في لجنة الأمن البرلمانية أكّد في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنّ "قضية المخدّرات تحوّلت إلى إرهاب آخر، والتجارة مدعومة من مليشيات مسلّحة". وأضاف أنه يتابع قضية الاشتباكات، وتبيّن أنّ هناك تقصيراً في عملية إعداد الاقتحام، ولم يكن الضباط يعلمون بأنهم سيواجهون قنابل وأسلحة رشاشة خلال محاولتهم اعتقال أعضاء شبكة تجارة مخدرات في بغداد".
وشدّد على أنّ "المجاملات السياسية بتطبيق القانون، والتعامل بالمحسوبيات هو الذي سبّب نشاطاً خطيراً للمخدرات في البلاد"، مشيراً إلى أنّه "قبل فترة، هُرِّب تجّار للمخدرات من داخل أحد السجون في بغداد بدعم من فصيل مسلّح، الأمر الذي يستدعي من الحكومة مراجعة الملف، ومراجعة خططها في التعامل معه".
ويثير ملف المخدرات في العراق، التي تنتشر بشكل متزايد في عدد من المحافظات، خاصة الجنوبية، قلق مراقبين ومختصّين بالشأن المجتمعي. وهم طالبوا بضبط المنافذ الحدودية مع إيران لإنهاء هذا الملف الذي يشكل خطراً مجتمعياً.
وقال الخبير بالشأن العراقي، مازن اللهيبي، إنّ "تجارة المخدرات تنمو في العراق بشكل خطير، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها إزاء الموضوع"، وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنه "يجب حماية المجتمع من مخاطر تلك السموم التي تغزو البلاد، وأن يجري التعامل بحزم مع الفصائل المسلّحة التي تتاجر بها، أو تحمي المتاجرين بها مقابل نسب مالية".
وأشار إلى أنّ "انفلات الحدود مع إيران، من أكبر أسباب انتشار المخدرات، ويجب السيطرة عليها". كذلك حمّل اللهيبي، الحكومة "مسؤولية توفير الحماية للشباب والمجتمع العراقي من المخدرات، التي سبّبت ارتكاب جرائم كبيرة، منها عائلية، وسبّبت تفكّك الكثير من الأسر".
وأكّد أنّ "ملف الأمن في البلاد، مرتبط بملف المخدرات، إذ إنّ انتشار تعاطي المخدرات بين الشباب يدفع نحو ارتكاب الجرائم، والانتماء إلى الجهات الإرهابية والفصائل المسلّحة، لذا يجب إعطاؤه الأولوية، والسعي للسيطرة عليه".
وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق قد كشفت في نهاية العام الماضي، عن ارتفاع عدد المعتقلين بجرائم الاتجار بالمخدرات، بما فيها حبوب الهلوسة، إلى 4594 شخصاً.
وأصبح العراق من البلدان التي تنتشر فيها المخدرات بشكل واسع، وأصبح يشكّل ممراً لها من إيران إلى الدول العربية الأخرى، بينما لم تُتخذ الإجراءات اللازمة للحدّ من دخول المخدرات إلى البلاد.