خفّضت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد العائلات السورية اللاجئة في لبنان المستفيدة من المساعدات، وذلك لأسباب ربطتها بالشحّ الكبير في تمويل ميزانيتها المحددة لهذا العام والنقص في الموارد.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية في لبنان دلال حرب، لـ"العربي الجديد"، إنه "نتيجة الدورة السنوية التي تقوم بها المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، سيصار إلى تحديد العائلات التي تتلقى مساعدات نقدية لكل عام. وبسبب الشح الكبير في التمويل والموارد التي لا تلبي جميع الحاجات، اضطررنا إلى تحديد الفئات الأكثر حاجة وبالتالي انخفض عدد الأسر المستفيدة 35 ألفاً، ليصبح مجموع العائلات السورية المستفيدة حوالي 234 ألفاً".
وأوضحت أنه "في كل عام، تجري مفوضية اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي مراجعة لنقاط الضعف لدى العائلات اللاجئة، استناداً إلى معايير تتوافق والواقع الاجتماعي والاقتصادي في البلد. وبسبب القيود المالية، يتوجب على مفوضية اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي أن يعطيا الأولوية للعائلات التي يتمّ تحديدها على أنها الأكثر ضعفاً اقتصادياً وبالتالي المؤهّلة أكثر من غيرها لتلقّي المساعدات النقدية والغذائية".
وأشارت إلى أنه "وفقاً للمراجعة الأخيرة لأوضاعها، أضيفت عائلات جديدة لم تكن تتلقى المساعدات النقدية من قبل على أن تبدأ بتلقيها هذا العام، فيما توقفت عائلات أخرى عن تلقي هذه المساعدات بعدما كانت تستلمها العام الماضي".
وقالت إنه "تم استبدال معظم العائلات التي توقفت عن تلقي المساعدة النقدية بعائلات جديدة اختيرت حديثاً، ولم تكن تتلقى المساعدة من قبل. بالتالي، وبسبب قلّة الموارد المتوفّرة لتلبية الاحتياجات المتزايدة، انخفض عدد العائلات ممن يتلقون مساعدات نقدية أو غذائية شهرياً بـ 35 ألف عائلة لعام 2023، لتشمل المساعدات حالياً 81 في المائة من العدد الإجمالي للاجئين".
كذلك، أشارت حرب إلى أنه "يبقى اللاجئون الذين تم إبلاغهم بأنهم لن يتلقوا مساعدات نقدية أو غذائية لهذا العام مؤهلين لبرامج مساعدات إنسانية أخرى".
وتزيد الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ أواخر عام 2019 من محنة اللاجئين السوريين، والتي تتفاقم أكثر في فصل الشتاء، إذ يضاعف البرد معاناتهم، وسط صعوبة كبيرة في الوصول إلى وسائل التدفئة.
وأشار أكثر من تقرير دولي إلى أن العدد الأكبر من عائلات اللاجئين السوريين في لبنان يعيش تحت خط الفقر المدقع، ويجد اللاجئون أنفسهم مضطرين لاتباع آليات سلبية من أجل التكيف، كخفض عدد وجباتهم الغذائية، بالإضافة إلى عمالة الأطفال، وسلوك طريق الهجرة السرية، في ظاهرة ترتفع وتيرتها في لبنان على الرغم من المخاطر الكبيرة، وتسجيل نسبة وفيات مرتفعة.
وكانت حرب قد أشارت إلى أن 9 من أصل كل 10 لاجئين يعيشون في فقر مدقع، ما يدفعهم إلى اتخاذ قرارات مصيرية وصعبة جداً كل يوم، واتباع استراتيجيات تأقلم سلبية، كتناول وجبة واحدة في اليوم، والتقليل من كمية الوجبات، وإجبار الأولاد على ترك المدرسة للعمل، وعدم طلب الرعاية الصحية اللازمة.
ويأتي قرار خفض أعداد العائلات السورية المستفيدة من المساعدات في وقتٍ تسجل الليرة اللبنانية انهياراً كبيراً في قيمتها في مقابل ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل ينعكس تزايداً كبيراً في أسعار السلع والمواد الغذائية والمحروقات، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين والعائلات التي باتت عاجزة عن الوصول إلى أبسط الاحتياجات الأساسية والخدمات الحياتية، عدا عن الارتفاع الكبير في الفاتورتين الاستشفائية والدوائية.
كما يأتي القرار فيما كانت الأمم المتحدة قد أعربت عن قلقها من شتاء قارس سيصعب حياة اللاجئين، لا سيما في توفير التدفئة، وقد تضطر العائلات النازحة إلى الاختيار بين الأكل أو التدفئة، بينما تعاني صعوبات لتدفئة ملاجئها وشراء ملابس تقي من البرد وطهي وجبات ساخنة.
ويبلغ العدد الرسمي للاجئين السوريين في لبنان مليونين و80 ألف لاجئ، بحسب آخر الأرقام التي أعلنها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استأنف لبنان تنفيذ خطة العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم، التي بدأ الشروع بها عام 2017 وتوقفت خلال جائحة كورونا، وسط تحذيرات منظمات إنسانية ودولية من الترحيل القسري، في وقتٍ ما زالت تعد سورية غير آمنة للعودة مع تسجيل انتهاكات جسيمة واضطهاد على يد النظام السوري.