مفاوضات التنوع الحيوي تنتظر نص تسوية من الصين

18 ديسمبر 2022
وزير البيئة الصيني: ثمّة ثقة كبيرة بالتوصّل إلى اتفاق طموح حول التنوع الحيوي (فرانس برس)
+ الخط -

تعرض الصين، التي تترأس مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوّع الحيوي (كوب 15) المنعقد في مدينة مونتريال الكندية، اليوم الأحد، نصّ تسوية مرتقباً جداً في محاولة لإبرام "ميثاق سلام مع الطبيعة" يحتاج إليه العالم بقوة.

وبدأ بعض التفاؤل الحذر ينتشر، أمس السبت، في أروقة مؤتمر "كوب 15" بعد جلسة عامة أخيرة لوزراء البيئة المكلفين بالخروج من الطريق المسدود الذي آلت إليه المفاوضات حول خارطة طريق لحمل البشرية على وقف تدمير بيئتها الحيوية بحلول عام 2030.

متسلّحة بالتقدّم المحرز، وعدت الرئاسة الصينية للمؤتمر بأن تعرض عند الساعة 13.00 بتوقيت غرينتش "اقتراح نصّ" سوف يكون "طموحاً ومتوازناً وقابلاً للتطبيق"، على الرغم من المسألة المالية التي ما زالت شائكة بين دول الشمال والجنوب.

وأوضح وزير البيئة الصيني هوانغ رونكيو متوجهاً إلى نظرائه: "لن تكون وثيقة مثالية، ولن تكون وثيقة ترضي الجميع، بل تستند إلى جهود الجميع منذ أربع سنوات، وهي وثيقة يجب أن تُقَرّ".

وفي وقت لاحق، عبّر هوانغ أمام الصحافيين عن "ثقة كبيرة" بشأن التوصّل إلى اتفاق طموح.

من جهته، قال وزير البيئة الكندي ستيفن غيلبو، الذي يرأس هذا المؤتمر إلى جانب الصين، التي تعذّر عليها استضافته على أراضيها، بسبب سياستها الصارمة لمكافحة كورونا: "أحرزنا تقدّماً هائلاً".

ويتمثّل هدف الدول الـ196 الأعضاء في اتفاقية التنوّع الحيوي بالتوصّل، يوم غد الإثنين، إلى اتفاق يوازي بأهميته اتفاق باريس بشأن المناخ المبرم في عام 2015. والوقت يداهم المشاركين في المؤتمر، فـ75 في المائة من الأنظمة البيئية في العالم تدهورت، ويعود ذلك إلى حدّ كبير إلى النشاط البشري، وبات أكثر من مليون نوع مهدّداً بالانقراض. كذلك، فإنّ ازدهار العالم على المحكّ، إذ إنّ أكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي العالمي مرتبط بالطبيعة والخدمات التي توفّرها.

ويُعَدّ النص الذي يجري التفاوض بشأنه "إطاراً عالمياً للتنوع الحيوي"، وهو يشمل نحو 20 هدفاً ينبغي تحقيقها بحلول عام 2030 للعيش "بانسجام مع الطبيعة" في عام 2050. ومن بين هذه الأهداف حماية 30 في المائة من الأراضي والمحيطات بحلول عام 2030، وتخفيض استخدام المبيدات بالنصف، واستصلاح مليارات من الهكتارات التي تعرّضت لأضرار، وإرغام الشركات على نشر بصمتها البيئة.

وسوف يحلّ هذا الإطار محلّ خطة عشرية وُقّعت في اليابان في عام 2010، من دون أن تحقّق أياً من أهدافها تقريباً. أمّا آليات التطبيق التي كانت تنقصها، فقد نُصّ عليها بطريقة أفضل الآن. لكنّ الشيطان يكمن في التفاصيل أيضاً. وتفاصيل الأهداف ما زالت موضع نقاش حاد، الأمر الذي يثير قلق المدافعين عن البيئة والشعوب الأصلية القائمة على 80 في المائة من التنوع الحيوي الحالي في العالم. وقد حذّرت وزيرة حفظ الطبيعة النيوزيلندية بوتو وليامز، في هذا الإطار، من أنّه "لا يمكننا أن نواصل طلب تسويات من الطبيعة".

وتخشى دول كثيرة في الجنوب أن يتعارض إقرار أهداف ملزمة جداً مع تطوّرها ونموّها، أو أن تكون هذه الأهداف غير قابلة للتحقيق في غياب مصادر التمويل. وتطالب هذه الدول في مقابل جهودها الدول الغنية بتوفير 100 مليار دولار أميركي سنوياً، أي 10 مرّات تقريباً قيمة المساعدة الدولية الحالية في مجال التنوع الحيوي. ويرتدي المبلغ طابعاً سياسياً، إذ يمثّل طلب تضامن وعدالة تاريخية مثل الـ100 مليار دولار الموعودة لمكافحة التغيّر المناخي، والتي لم تتبلور كلياً بعد.

وفي سياق متصل، كتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس السبت، في تغريدة على موقع "تويتر"، أنّ "الدول الأكثر ضعفاً تحوي كنوزاً في مجال التنوع الحيوي. وعلينا زيادة التمويل لمواكبتها"، موجّهاً نداءً إلى توسيع مجموعة المانحين.

من جهته، قال الوزير الفرنسي للانتقال البيئي كريستوف بيشو في مونتريال: "قد نحدّد طموحاتنا المالية بطريقة أكثر دقّة عندما نطّلع على النص" الصيني.

وإلى جانب الإعانات، تدفع دول الجنوب بقوة في اتّجاه إنشاء صندوق عالمي مكرّس للتنوع الحيوي، وهو مسألة مبدئية، مثل الصندوق الذي أُقرّ في سياق مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27)، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لمساعدة هذه البلدان في مواجهة الأضرار اللاحقة بها من جرّاء التغير المناخي. لكنّ دول الشمال، لا سيّما فرنسا، تقاوم ذلك وتفضّل تعزيز الصندوق العالمي للبيئة القائم حالياً، بالإضافة إلى زيادة التدفقات الخاصة والمساعدات الخيرية في اتجاه دول الجنوب.

وقد لخّص الأمين العام التنفيذي السابق لاتفاقية التنوّع الحيوي براوليو دياس الوضع بقوله: "تصوّروا مباراة كرة قدم مع 200 فريق على الملعب نفسه، بالتزامن. هذا ما نحاول إنجازه هنا!".

(فرانس برس)

المساهمون