يمضي معظم أطفال مخيم تلمنس الذي يقع في منطقة كفر تخاريم شمال غربي إدلب يومهم في جمع بقايا الأشجار من أحراج مجاورة لبيعها ومساعدة أهاليهم في العيش، أو لاستخدام هذه البقايا في التدفئة، وذلك بعدما أوقفت المنظمات الإنسانية دعمها للتعليم في هذا المخيم، وتسرّب معظم طلابه من المدرسة. وفي محاولة لتدارك سلبيات هذا الواقع، شكل عدد من المعلمين المتطوعين في منطقة أرمناز غربي مدينة إدلب رابطة لهم من أجل جمع تبرعات من ميسوري الحال، لتأمين احتياجاتهم وتوفير دعم لازم لهذه المدراس، ومحاولة دفع عملية التعليم إلى الأمام.
يقول مدير رابطة معلمي أرمناز فائز إسماعيل لـ"العربي الجديد": "أطلقنا مشروع ساهموا كي يقدم كل من يرغب في المساهمة في دفع عجلة التعليم إلى الأمام تبرعات في صناديق جرى وضعها في محلات معروفة بالمنطقة. وجرى توزيع مبلغ 300 ليرة تركية (20.22 دولاراً) على كل معلم متطوع، وسبق ذلك أيضاً توزيع سلل غذائية عليهم".
يضيف: "تهدف المبادرة إلى مساعدة المعلمين المتطوعين الذي يساهمون في تحسين واقع التعليم في مدينة أرمناز، وغالبيتهم من المهجرين. وستواصل الرابطة العمل كي لا يبقى معلم واحد يعمل بصفة متطوع".
ويوضح رئيس مجلس أعيان منطقة أرمناز، مصطفى مسلم، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن رابطة المعلمين المتطوعين في المنطقة تأسست برعاية مجلس وجهاء المدينة من أجل توفير متطلبات متابعة آلية التعليم التي تراجعت أخيراً، ومحاولة تخفيف معاناة المعلمين عبر تقديم الدعم المادي اللازم لهم. ويتولى مجلس إدارة تسيير أمور الرابطة، ويضم مسؤولين إداريين وآخرين للعلاقات العامة، وأميناً للصندوق".
يتابع: "جاء تأسيس الصندوق بعد محاولات عدة لتطبيق خطط تسمح بإيجاد دعم مادي للمعلمين، ومحاولة ربط هذا الدعم بمنظمات وهيئات إنسانية وإغاثية، وهو ما لم يحصل، فتقرر تصميم وطباعة إيصالات مالية قيمتها 10 ليرات تركية (67 سنتاً) وتوزيعها على مراكز عدة قرب مدارس ومراكز تجارية رئيسية. وأعلن عن الخطة وأسماء المراكز عن طريق صفحات التواصل في المدينة وأئمة المساجد. ونحن نعلم أن هذا المبلغ لا يكفي لتغطية احتياجات أي مدرّس، لكننا نأمل في الحصول على تعاون أكبر من الأهالي في الأشهر المقبلة، وتبني الخطة في مناطق أخرى لدعم المعلمين والحفاظ على أطفالنا وحمايتهم من حرمان التعليم والانحدار نحو الجهل".
وعن واقع المعلم في إدلب، يقول مدرّس مادة الرياضيات المتطوّع منذ عام 2015، عبد الله حمود: "يعاني معلمو المحافظة من الظروف المعيشية السيئة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة السائدة والغلاء الفاحش في أسعار السلع الذي انعكس على كل نواحي الحياة. وغالبية المعلمين المتطوعين في أرمناز من المهجرين، وكل منهم مسؤول عن عائلة وأسرة، ويحتاجون إلى تلبية أدنى متطلبات المعيشة". ويشير أيضاً إلى أن معظم المدارس تعاني حالياً من نقص في غرف الصفوف، بسبب ازدياد عدد سكان المدينة في شكل كبير بسبب النزوح.
ويشيد حمود بمبادرة تشكيل رابطة معلمي أرمناز التي تعمل لتأمين بعض حقوق. ويؤكد "ضرورة أن تتفاعل المبادرة أكثر مع المجتمع المحلي كون أفراده هم المستفيدون الأوائل من تحسين العملية التعليمية في المدينة. ويجب بالدرجة الأولى دعم المعلم وكفايته كي يكون قادراً على العطاء، ونحث المجتمع المحلي في أرمناز على الوقوف إلى جانب المعلم من أجل استمرار عملية التعليم".
ويتابع حمود: "تعمل ثماني مدارس في أرمناز بمدرّسين يتوزعون على فوجين، يتلقى الأول دعماً من مديرية التربية في إدلب، ويعمل الثاني في أربع مدارس غير مدعومة. ويعمل المدرسون بصفة متطوعين بسبب النقص في الكوادر في بعض المدارس".
ويخبر الأكاديمي التربوي قتيبة إسماعيل "العربي الجديد" أن "عملية التعليم مهملة جداً من القائمين عليها في شمال غربي سورية، ويضم الصف الواحد في المدارس بين 65 و70 طالباً أحياناً، ما يخلق مشاكل عدة، أهمها عدم قدرة المعلم على إعطاء الدروس في شكل جيد، علماً أن الأعداد الكثيرة تخلق عموماً حال فوضى في بعض الصفوف. وقد رأينا كيف نظم معلمو إدلب وشمال حلب احتجاجات ضد تردي عملية التعليم، وطالبوا فيها الجهات المعنية بتحسين الواقع الحالي الذي سينعكس حتماً على جودة التعليم، وصولاً إلى الطلاب والتزامهم بتلقي العلم في المدارس.
ويورد تقرير نشرته شعبة إدارة المعلومات في وحدة تنسيق الدعم التابعة للمعارضة السورية إن "1.5 مليون طفل في مناطق شمال غربي سورية محرومون من حق التعليم، وأن نسبة 51 في المائة منهم فضلت ترك المدارس والالتحاق بسوق العمل لمساعدة عائلاتهم في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية.
ويشير التقرير إلى تدمير 242 مدرسة بغارات الطيران الحربي لقوات النظام، و61 أخرى نتيجة القذائف الصاروخية والمدفعية.