مطالبة مغربية بإعلان "الطوارئ المناخية"

19 ديسمبر 2022
حرائق المغرب دمّرت نحو 10.500 هكتار من الغطاء النباتي في 5 أيام (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -

 

طالبت هيئتان مغربيتان تنشطان في مجال البيئة مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) بإعلان "الطوارئ المناخية"، وذلك لتجاوز سوء وضع البلاد في مواجهة التغيّر المناخي.

ودعت "جمعية مغرب أصدقاء البيئة" و"حركة الشبيبة من أجل المناخ"، من خلال عريضة أطلقتاها بدعم من منظمة "غرينبيس" الدولية، إلى الإقرار الرسمي بتأثير التغيّر المناخي في المغرب، من قبيل الإعلان عن حالة الطوارئ المائية، وأوضحتا أنّ البلاد تشهد اليوم كوارث كثيرة مرتبطة بالمناخ، في مقدمّتها الجفاف والإجهاد المائي والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة التي دامت أكثر من أسبوعَين هذا العام وناهزت 48 درجة مئوية في بعض المناطق، بالإضافة إلى الحرائق التي دمّرت نحو 10.500 هكتار من الغطاء النباتي في خلال الفترة الممتدة ما بين 13 و18 يوليو/ تموز الماضي، في حين فقد المغرب في العام الماضي نحو 2.782 هكتاراً من الغابات من جرّاء اندلاع 285 حريقاً.

وأشارت الهيئتان إلى أنّ المغرب اعتمد نهجاً طوعياً ومتكاملاً وتشاركياً ومسؤولاً في جهود التكيّف التي تشكّل إحدى الركائز الرئيسية لاستراتيجيته الوطنية للتنمية المستدامة، إدراكاً منه لتداعيات تغيّر المناخ على النظم البيئية والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية في الأعوام الأخيرة. وقد انضمّ إلى الجهود الدولية لمكافحة تغيّر المناخ من خلال توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ في عام 1992، والتصديق عليها في عام 1995، وكذلك على بروتوكول كيوتو في عام 2002 واتفاقية باريس بشأن المناخ في عام 2015. إلى جانب ذلك، احتلّ المغرب المرتبة الرابعة لجهة الأداء المناخي بعد كلّ من السويد والمملكة المتحدة والدنمارك، وفقاً لتقرير مؤشّر الأداء المناخي لعام 2021. لكنّ التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيّر المناخ زاد المخاوف بهذا الشأن.

وفي هذا الإطار، قال رئيس "جمعية مغرب أصدقاء البيئة" محمد بنعبو لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إنّ إطلاق العريضة المطالبة بإعلان حالة "الطوارئ المناخية" يهدف إلى تسريع وتيرة إنجاز برامج عديدة تعمل عليها الدولة المغربية على أرض الواقع لمواجهة التغيّر المناخي، وإلى جعل الدولة على أهبّة الاستعداد لكلّ السيناريوهات، خصوصاً في ظلّ الحديث حالياً عن التراجع على مستوى التنوّع الحيوي وحرائق الغابات وارتفاع المدّ البحري.

أضاف بنعبو أنّ "العريضة هي نوع من التوعية بالمخاطر، ونرى أنّ المؤسسة التشريعية هي المكان الأنسب لمناقشة مضامينها ومطالبها والبرامج الخاصة لمواجهة التغيّر المناخي والمطالبة بتفعيل المنظومة القانونية من أجل حماية المنظومة البيئية"، لافتاً إلى "وجود رهان على إشراك المشرّعين المغاربة في مناقشة العريضة والبرامج الوطنية لمواجهة التغيّر المناخي والانخراط في هذه الدينامية من خلال مساءلة الحكومة وتقديم نصوص تشريعية".

وبيّن بنعبو أنّه حتى صباح اليوم الإثنين، بلغ عدد التواقيع على العريضة التي أُطلقت على منصة "صوت" التي أطلقتها "غرينبيس" كأولى المنصات المتخصصة في الحملات البيئية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 1200 توقيع، علماً أنّ سقف التواقيع المطلوبة هو 2000. وتابع أنّ القائمين على العريضة "يراهنون على تفاعل المواطنين ونوّاب الأمّة لبلوغ 5000 توقيع، لإيداعها لدى إدارة مجلس النواب المغربي".

واستندت "جمعية مغرب أصدقاء البيئة" و"حركة الشبيبة من أجل المناخ" في مطالبتهما بإعلان "الطوارئ المناخية" إلى الفصل 40 من الدستور المغربي الذي ينصّ على أنّه "على الجميع أن يتحمّل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفّرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد".

كما استندت الهيئتان إلى التشريعات والمخططات المناخية (المخطط الوطني للمناخ 2030)، التي أقرّت بضرورة مساهمة المجالس الترابية وبإرساء أسس تنمية منخفضة الكربون ومقاومة تغيّر المناخ، الأمر الذي من شأنه أن يوفّر استجابة ملموسة لالتزامات المغرب الوطنية والدولية بالتوازي مع طموح البلاد للتخفيف من انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، والنجاح في جهود التكيّف مع التغيّر المناخي عبر تحقيق 52 في المائة من الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجدّدة بحلول عام 2030، مع التقليل من استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة عبر زيادة حجم تعبئة الموارد المائية ودعم تهيئة الغابات وإعادة التشجير وأيضاً تحسين تقنيات الريّ.

ودعت الهيئتان في العريضة إلى إعداد خريطة طريق بصورة مستعجلة للإسراع في إنجاز المشاريع التي جاء بها البرنامج الوطني للتزويد بالمياه الصالحة للشرب ومياه السقي (2020-2027)، والتي تهدف إلى تنمية العرض المائي ودعم وتنويع مصادر التزويد بالمياه، والاقتصاد في المياه وفي شبكات التوزيع، وإعادة استخدام المياه العادمة، وتنويع العرض المائي ومنع سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف بواسطة المياه التقليدية، أي المياه الصالحة للشرب والمياه السطحية أو الجوفية، ومنع غسل الشوارع والأماكن العامة بالمياه المعالجة، ومنع جلب المياه غير القانوني من الحفر والآبار والعيون ومياه قنوات الريّ، ومنع استخدام المياه لغسل المركبات والآليات.

وشدّدت الهيئتان على أهمية إشراك فعاليات المجتمع المدني في كامل مراحل إرساء حالة الطوارئ المناخية من التخطيط إلى التنفيذ وذلك حتى "نضمن سرعة ونجاعة تحقيقها". كما دعتا إلى تأليف لجنة تحرص على مراقبة تنفيذ برنامج العمل، وتكون مؤلّفة من ممثلين عن الحكومة وخبراء عن كلّ مجال ذي صلة بالتغيّر المناخي: المياه والغابات، الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، الفلاحة والصيد البحري، الصحة والحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني.

المساهمون