أعلنت لجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية، اليوم الخميس، رفضها مشروع قانون تنوي الحكومة الإسرائيلية طرحه بعد أيام في الكنيست، ينصّ على استبعاد أيّ طالب يرفع العلم الفلسطيني في الجامعات والمعاهد الأكاديمية التي يتابع دراسته فيها، أو يُعلن دعمه لـ"الإرهاب".
وعبّرت اللجنة عن موقفها في هذه القضية، من خلال رسالة بعثت بها إلى مجلس التعليم العالي، الذي سوف يمثّل المؤسسات الأكاديمية في المناقشات التي سوف تجري يوم الأحد المقبل في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الكنيست، موضحة أنّ مشروع القانون شديد الخطورة ويمسّ بحرية التعبير والحرية الأكاديمية.
وينصّ مشروع القانون الذي تقدّمت به النائبة في الكنيست ليمور سون هار ميلخ (عوتسما يهوديت) على أنّ الطالب الذي يُعرب عن دعمه لـ"منظمة إرهابية" أو يعمد إلى رفع العلم الفلسطيني أو علم دولة معادية، سوف يُقصى عن التعليم لمدّة لا تقلّ عن 30 يوماً، كذلك ينصّ القانون على تفكيك أيّ جسم طالبي يخرج على القانون. وفي حال تكرار "المخالفة"، يُستبعد الطالب نهائياً من الجامعة أو المعهد الأكاديمي ويُحرَم من الحصول على لقب أكاديمي لمدّة خمس سنوات.
ويستهدف القانون في الأساس الطلاب العرب من فلسطينيي 48، الذين يحيون في العادة المناسبات الوطنية، من قبيل ذكرى النكبة وغيرها، من خلال نشاطات في داخل المؤسسات التي يتابعون دراستهم بها، علماً أنّ الفترة الأخيرة شهدت تضييقاً كبيراً على نشاطاتهم.
وجاء في رسالة لجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية إلى مجلس التعليم العالي أنّ "مشروع القانون يسعى إلى تحويل مؤسسات التعليم العالي إلى أذرع لشرطة إسرائيل وجهاز الشاباك، وإلزامها بمراقبة مئات الآلاف من الطلاب في حرمها، وإلزام المؤسسات بفرض عقوبات على نشاطات تُنظَّم اليوم في معظمها تحت مظلة حماية حرية التعبير".
ورأت اللجنة أنّ ما يحصل هو "تسييس وتدخّل كبيران وغير مقبولَين في الأنشطة التي تُقام في الحرم الجامعي، ومحاولة لتوظيف المؤسسات الأكاديمية في الضبط الجنائي، ولتحويل إداراتها الى عناصر شرطة، وإلى قضاة وجلادين، في مخالفات لا تمتّ بصلة إلى المؤسسات الأكاديمية".
ولفتت اللجنة إلى أنّ التعليم حقّ للجميع، "حتى للمجرمين المدانين الذين صدرت أحكام بحقهم"، وأنّ اقتراح القانون يمسّ باعتبارات المؤسسات الأكاديمية ومجلس التعليم العالي، وأنّ هذه المؤسسات تحظر أصلاً التحريض وأعمال العنف في داخلها وتتعامل معها بحزم.
قلق من المقاطعة
وحذّرت لجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية من أنّ إدخال الاعتبارات السياسية في عملية اتّخاذ القرارات في المؤسسات الأكاديمية "سوف يضرّ بشدّة بمكانة هذه المؤسسات في العالم"، وكذلك "سوف يدعم كلّ مزاعم منظمات حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (تُعرَف اختصاراً في العالم باسم بي دي إس)، ويتسبّب في موجة مقاطعة أكاديمية للمؤسسات الإسرائيلية في العالم بأسره".
وقبل ذلك، نشر رئيس جامعة "تل أبيب" أرئيل فورات بياناً، وصف فيه اقتراح القانون بأنّه "فاشي" وقد عبّر عن رفضه له وثقته بأنّ المحكمة العليا الإسرائيلية سوف تعدّ إلزام الجامعات فيه خطوة غير قانونية.
كذلك حذّر فورات من أنّ جامعة "تل أبيب" لن تلتزم به، موضحاً أنّ "السلطة الفلسطينية ليست دولة عدو وليست منظمة إرهابية"، وأنّ رفع العلم الفلسطيني محفوظ في إطار حماية حرية التعبير. وتابع أنّه "في حال طبّقنا هذا القانون، في حال تحوّل فعلاً إلى قانون، سوف نضطر بحسب ما يبدو إلى استبعاد جزء كبير من طلابنا الذين لن يتقبّلوا مثل هذا القمع - وبحق - ولن يترددوا في رفع علم السلطة الفلسطينية".
من جهتها، نشرت "جمعية حقوق المواطن" بياناً على وسائل الإعلام، تعلن فيه عن رفضها القاطع لمشروع القانون الذي شدّدت أنّه "ينتهك حرية التعبير (...) ويعرّض الحرية الأكاديمية للخطر".
جفرا والتجمّع الطالبي: لن تثنينا القوانين العنصرية
في سياق متصل، أصدرت حركة "جفرا" والتجمّع الطالبي بياناً، ظهر اليوم الخميس، حول "اقتراح القانون المزمع عرضه على طاولة اللجنة الوزارية يوم الأحد والذي ينصّ على محاسبة كلّ طالب أو حركة طالبية ترفع العلم الفلسطيني أو تتظاهر في قضايا تدعم القضية الفلسطينية والتي تأتي تحت بند الإرهاب في نصّ القانون".
ورأت الحركة والتجمّع أنّ "هذه القوانين العنصرية تأتي كردّ فعل مباشر على نشاطات ذكرى النكبة في الأسابيع الأخيرة في جامعات البلاد، وهو ما يؤكد أنّ رسالتنا وصلت وبقوة كبيرة ونحن جزء من الشعب الفلسطيني وكلّ محاولات المحو والأسرلة التي استهدفت المجتمع العربي منذ النكبة وحتى اليوم فشلت".
أضافت الحركة والتجمّع أنّ "هذه القوانين تأتي للتعبير عن جنون اليمين الفاشي في إسرائيل، بعد أن حسم الشباب العربي في الداخل وطلابنا في الجامعات هويتهم وانتماءهم وهم يرون بأنفسهم جزءاً من الشعب الفلسطيني ونضاله العادل ضد العنصريّة والظلم والاحتلال وسياسات التهجير والملاحقة لكل ما هو عربي وفلسطيني في البلاد".
وتابعا في بيانهما: "ترى جفرا والتجمّع الطالبي في رفض هذا القانون من قبل رؤساء الجامعات خطوة إيجابية، إلا أنّ تبريرهم لهذا الرفض بحسب اعتقاداهم أنّ القانون قد يسيء إلى سمعة الجامعات، في العالم، يؤكد أنّ منطلقاتهم ليست مبدئية بل تأتي لمصالحهم الاقتصادية التي تتعلق بالتمويل والميزانيات والدعم العالمي لها". وأكدا اعتزازهما بـ"الطلاب الفلسطينيين" في ما يخصّ "نشاطات ذكرى النكبة في الجامعات ورفعهم العلم الفلسطيني الذي بعث الأمل في نفوس أبناء وبنات شعبنا جميعاً، أينما وُجدوا سواء في الداخل أو في الشتات".
وشدّدت الحركة والتجمّع على أنّه "مهما ازدادت هذه القوانين العنصرية وملاحقة العمل الطالبي والوطني، فإنّ هذا لن يغيّر حقيقة كوننا جزءاً من الشعب الفلسطيني، وسوف نستمرّ في التعبير عن انتمائنا لشعبنا ولقضيته العادلة وثوابته الوطنية وعلى رأسها العلم الفلسطيني".