حذّرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان، روزا أوتونباييفا، من تدهور إضافي للأوضاع الاجتماعية والإنسانية في أفغانستان، وخاصة حقوق النساء. وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية خلال إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك خلال اجتماع دوري له حول الوضع في أفغانستان، مساء أمس الأربعاء.
واستهلت المبعوثة الأممية إحاطتها أمام مجلس الأمن بالتعبير عن أسفها أنه في اليوم الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمرأة، فإن رسالتها للنساء والفتيات في أفغانستان لا تحمل إلا القليل من الطمأنة. وشرحت أنه "لا يزال الحظر المفروض على عمل المرأة والدراسة والسفر دون محرم، وحتى الذهاب إلى المتنزهات لا يزال ساري المفعول. تدعي حركة طالبان أنها وحدت البلاد، لكن واقع الحال يظهر أنها قسّمتها بشدة بحسب الجنس. في الوقت الذي تحتاج فيه أفغانستان إلى كل رأسمالها البشري للتعافي من عقود من الحرب، يتم عزل نصف الأطباء والعلماء والصحافيين والسياسيين المحتملين في البلاد في منازلهم. تحطمت أحلامهم... تظل أفغانستان تحت حكم طالبان البلد الأكثر قمعاً في العالم في ما يتعلق بحقوق المرأة".
وتوقّفت المسؤولة الأممية عند ادعاءات طالبان بأن الفصل بين الجنسين "ليس بقضية مهمة وتجري معالجتها"، مدعين أنه يجب الحكم عليهم بحسب إنجازاتهم. وقالت: "الحقيقة هي أن الحظر في 20 ديسمبر/ كانون الأول على التعليم العالي، ثم حظر 24 منه على النساء العاملات في المنظمات غير الحكومية لهما عواقب وخيمة على السكان الأفغان وعلى العلاقة بين طالبان والمجتمع الدولي. من المرجح أن ينخفض التمويل الإنساني لأفغانستان إذا لم يُسمح للمرأة بالعمل. المنظمات غير الحكومية التي تديرها النساء، على سبيل المثال، اضطرت إلى وقف أنشطتها".
ولفتت أوتونباييفا الانتباه إلى عدد من الأمور، من بينها أن خفض مستوى المساعدات المادية، إن حدث "فسوف يؤدي إلى خفض مقدار الشحنات النقدية بالدولار الأميركي المطلوبة لدعم تلك المساعدات. وقد توقفت المناقشات حول تقديم المزيد من المساعدة للتنمية، بما في ذلك البنية التحتية والسياسات الهادفة إلى التخفيف من آثار تغير المناخ، فضلاً عن المشاركات السياسية المخطط لها، جميعها توقفت نتيجة لهذا الحظر. نحن نفهم أن حركة طالبان لديها وجهة نظر مختلفة تماماً عن أي حكومة أخرى، لكن من الصعب أن نفهم كيف يمكن لأي حكومة جديرة بهذا الاسم أن تحكم ضد احتياجات نصف سكانها".
وشددت على أن "أفغانستان تشهد أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم. سيحتاج ثلثا السكان، أي 28 مليون شخص، إلى المساعدة الإنسانية هذا العام للبقاء على قيد الحياة. سيكلف هذا 4.62 مليارات دولار، وهو أكبر نداء لمساعدات إنسانية لدولة واحدة على الإطلاق. يعاني ما يقرب من نصف السكان، أي 20 مليون شخص، من مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي. ستة ملايين على بعد خطوة واحدة من ظروف شبيهة بالمجاعة". وعبّرت كذلك عن قلقها من احتمال منع الأفغانيات العاملات مع الأمم المتحدة كذلك من العمل. وقالت إن الأمم المتحدة لاحظت محاولات من قبل طالبان في خمس محافظات لمنع الموظفات الأفغانيات من القدوم إلى مكاتب الأمم المتحدة. وشددت على أن المنظمات غير الحكومية تعاني بشكل أكبر من تلك القيود، ما اضطر الأمم المتحدة إلى تعليق تقديم المساعدة مؤقتاً، في بعض المناطق، حيث وضع المسؤولون المحليون شروطاً غير مقبولة على توزيعها. وشددت على وجود تدهور إضافي في الآونة الأخيرة في المجال الإنساني.
وأكدت المسؤولة الأممية أنه بالإضافة إلى اضطهاد حقوق النساء وتقييدها، فإن أفغانستان تشهد تآكلاً لحقوق الإنسان عموماً. ولفتت الانتباه إلى أن "تقرير الأمين العام يشير إلى استمرار عمليات القتل خارج نطاق القانون والاعتقالات التعسفية والاحتجاز والتعذيب التي تقوم بها سلطات الأمر الواقع (طالبان) ضد المسؤولين الحكوميين السابقين وقوات الأمن. هذه انتهاكات لمرسوم العفو الخاص الذي أعلنته طالبان في وقت سابق. لا توجد شفافية في ما يتعلق بالتحقيقات في الانتهاكات، ويبدو أنه يسمح بالانتهاكات بشكل متزايد". وعبّرت عن قلقها كذلك من تنفيذ العقوبات البدنية في الأماكن العامة، وقالت إنها تشكل -بحسب القانون الدولي- شكلاً من أشكال التعذيب وسوء المعاملة. ولفتت الانتباه إلى خنق وقمع قطاع الإعلام والمجتمع المدني.
وحول العقوبات التي تفرضها دول غربية والتنديد الدولي بقرارات طالبان، قالت إنها لم تظهر أي أثر إيجابي يؤدي إلى تراجع طالبان عن استمرار اضطهادهم للنساء والفتيات. وأضافت: "ربما كانت قد زادت من التشدد في بعض مواقف طالبان. من ناحية أخرى، أعتقد أن هناك فصيلاً داخل قيادة طالبان وعبر الحركة لا يتفق مع الاتجاه الحالي الذي اتخذته القيادة. يدرك هذا الفصيل أنه يجب الاهتمام بالاحتياجات الحقيقية للشعب". ثم حذرت من أن الوقت ينفد، وخاصة "في ظل تضاعف الأزمات العالمية. وفي الوقت الذي يتزايد فيه الطلب على موارد المانحين مع تناقص في تلك الموارد".