في الغرفة التي صفّى فيها تنظيم "الدولة الإسلامية" عدداً من معتقليه، وُضعت المقاعد والسبورة في مدرسة جرابلس الرئيسية، وسط المدينة التي حرّرتها المعارضة السورية من قبضة التنظيم ضمن عملية درع الفرات التي أُطلقت في نهاية شهر أغسطس/آب الماضي.
وعمد التنظيم إلى تحويل المدارس لمراكز اعتقال، وأسس المدارس الشرعية ليدرّس الطلاب مناهجه الخاصة، وفق أحد سكّان جرابلس أبو فراس شحنة، الذي عاش في المدينة عندما كانت تحت سيطرة التنظيم قبل أعوام.
نزح أبو فراس وأولاده من المدينة، مطلع العام الحالي، واتجه إلى تركيا، ليلتحق بنحو 2.8 مليون لاجئ من أبناء جلدته، ثم عاد ليجد أن كل شيءٍ تغيّر.
ويقول الأربعيني لـ"العربي الجديد": "عند عودتي بعد تحرير جرابلس من أيدي التنظيم لاحظتُ أن كل شيءٍ تغيّر، عادت المدارس أجمل مما كانت عليه"، مشيراً إلى أن أطفاله الثلاثة حُرموا من التعليم أكثر من موسمين دراسيين.
وعقب تحرير مدينة جرابلس بعد ساعاتٍ من إطلاق العملية، ساهمت جمعيات تركية بدعم من منظّمات حكومية وأهلية في تأهيل المدارس، ترميمها، وتجهيزها للموسم الحالي.
وأوضح رئيس جمعية الأناضول التركية الخيرية، تورغاي أليمير، أن الجمعية تهدف إلى تأهيل المدارس وتجهيزها لتكون قادرة على تقديم خدمات التعليم، لافتاً إلى أنّ السلطات في ولاية غازي عنتاب التركية الحدودية مع جرابلس تبذل جهوداً كبيرة لخدمة هذا الهدف.
ويوجد في مدينة جرابلس 12 مدرسة، كانت كلها خارج الخدمة، أعيد تأهيل ست مدارس منها، بحسب ما يؤكّد عبد الله الحسين لـ "العربي الجديد"، وهو مدرّس مرحلة ابتدائية في مدينة جرابلس، انقطع عن التدريس بعد دخول "داعش" إلى المنطقة.
وكانت مدرسة "صالح هنداي" في مدينة جرابلس تضم أكثر من 1200 طالب، وأقفلت بعد سيطرة "داعش" على المدينة. يشير أحد المدرّسين فيها إلى أنه لجأ لمدينة غازي عنتاب في تركيا مع عائلته، لكنه عاد عقب تحرير جرابلس ليساهم في دعم العملية التعليمية.
ويؤكد المدرّس الذي رفض الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد" أنه أقنع أربعة من زملائه للعودة إلى جرابلس، وبدء التدريس مجدّداً بعد ترميم المدارس وتجهيزها للعملية التربوية.