مدارس جديدة في مناطق طالبان

16 يناير 2021
الحرب أدت إلى ترك الأولاد الدراسة والتوجه نحو العمل (وكيل كوسار/ فرانس برس)
+ الخط -

کانت للحرب في أفغانستان تبعات كثيرة على كلّ جوانب الحياة. تأثرت كلّ القطاعات على إثرها، لكن قطاع التعليم كان على رأس القائمة، إذ دُمّر إلى حدٍّ كبير في الأرياف، كما تضرر إلى حدٍّ ما في المدن الرئيسية. ومع بدء عملية السلام في أفغانستان، توقع الأفغان أن تكون إعادة ترميم هذا القطاع على رأس الأولويات. وفعلاً، تمّ إدراجه ضمن أجندة طرفي الحرب (الحكومة وطالبان)، قبل بدء الجولة الثانية من عملية السلام في السادس من الشهر الجاري في الدوحة، ما يعطي الأمل بمستقبل هذه البلاد إذا توصل الطرفان إلى حلٍّ ما.
وقبل وصول الطرفين إلى أيّ توافق بشأن الملفات المهمة، منها ملف التعليم، جاءت بارقة أمل لسكان أرياف الجنوب الأفغانية في صورة إعلان منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) فتح أربعة آلاف مدرسة في المناطق الموجودة تحت سيطرة طالبان. وذلك بالتنسيق مع الحركة، ليدرس فيها أكثر من مليون طفل محرومين من التعليم. هذا الأمر، لاقى ترحيباً كبيراً في الأوساط الاجتماعية والقبلية.
في هذا الخصوص، يقول الزعيم القبلي في إقليم هلمند، منظور خان، لـ "العربي الجديد": "إنّ التعليم وسيلة أساسية لازدهار أي شعب، وبسبب الحرب في أفغانستان، دُمر هذا القطاع بشكلٍ شبه كامل، حيث يوجد آلاف من الأطفال في الأقاليم الجنوبية عموماً، وفي إقليم هلمند (الذي جزء كبير من مناطقه تحت سيطرة طالبان، وتشهد العديد من مديرياته معارك بين الحكومة والحركة حتى في موسم الشتاء) خصوصاً، هم بحاجة إلى التعليم". من هنا، يشير إلى الحاجة الملحّة لإعادة ترميم هذا القطاع، معتبراً انه سيكون من أهمّ الخطوات في هذا الخصوص. 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ويضيف منظور أنّ "القضية الأساسية التي نعاني منها، وهي سبب أساسي وراء الحرب، هي الجهل". ويؤكد أنّ "الكثير من الشباب يتوجهون صوب الحرب وميادين القتال بسبب الجهل، لذا فتح المدارس خطوة ريادية، وستكون لها آثار كبيرة على المجتمع الأفغاني". ويطالب المجتمع الدولي، وتحديداً مؤسسة اليونيسف، بأن تعطي الأولوية لتعليم الفتيات، لأنّهن الشريحة المنسيّة في مناطق الحرب والمناطق الريفية.
بدورها، تقول اليونيسف إنّ في أفغانستان نحو 3.7 ملايين طفل من دون تعليم، وهم بعيدون عن المقاعد الدراسية. وتؤكد أنّها كمؤسسة تسعى من خلال برامجها التعليمية إلى ألا يبقى أي طفل أو طفلة بعيداً عن مقاعد الدراسة، لأنّ التعليم هو الوسيلة الوحيدة ليخرج الجيل المقبل من المأزق الحالي ومن تبعات الحرب، نحو التطور والتقدم والوعي والإنسانية.
ويُتوقع أن تفتح المؤسسة أربعة آلاف مدرسة في المناطق التي هي تحت سيطرة طالبان، ما سيتيح الفرصة لما بين مليون ومليون و400 ألف تلميذ وتلميذة للذهاب إلى المدارس والتعلّم. واللافت في القضية أنّ هذا الأمر حصل بالتوافق مع طالبان والتنسيق معها.
وحول أهمية الخطوة، يقول الأكاديمي والناشط الاجتماعي، عتيق الله زمن، لـ "العربي الجديد"، إنّ "هذه الخطوة مهمّة وتعني التطور، لأنّ من آثار الحرب في بلادنا حرمان الأولاد من التعلّم، ما يعني أنّ الأمور إذا إستمرت على المنوال الحالي، جيلنا المقبل سيكون في الحرب. لذا أرى من المهمّ جدّاً أن توافق طالبان على فتح المدارس". لكنه يشير إلى وجود مشكلة كبيرة أخرى، تتمثل بغياب الحكومة ووزارة التعليم عن القضية، إذ إنّ تطبيق نظام التعليم لا بدّ أن يكون بالتنسيق مع الجهات الرسمية. ويتساءل الناشط حول المناهج التي ستطبق في تلك المدارس، لأنّ لطالبان منهجاً خاصاً، بينما الحكومة ووزارة التعليم لهما منهج آخر، وبالتالي لم يتم إيضاح أي منهج سيُطبّق". ويعرب زمن عن خشيته من نقص الكادر التعليمي في المناطق الموجودة تحت سيطرة طالبان، ومن أنّ تُدخل الحركة الكثير من أنصارها في الكادر التعليمي، حيث سيحث هؤلاء الجيل الحاضر على الحرب. ويُذكّر الناشط بقصة أستاذ في مدرسة، تقع تحت سيطرة طالبان في إقليم ننجرهار، وهو من عناصر الحركة وكيف أنّ عمله كان تجنيد الطلاب والشباب في صفوف المسلحين، وحثهم على الحرب.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

أما المناطق الموجودة تحت سيطرة الحكومة، فعملية التعليم فيها تواجه أيضاً مشاكل كثيرة، مثل افتقار المدارس إلى المباني والمحتويات الأخرى. في إقليم هلمند الجنوبي، تتوقع الحكومة المحلية فتح 96 مدرسة خلال العامين المقبلين في المناطق التي تخضع لسيطرتها. بهذا الخصوص، يقول رئيس إدارة التعليم المحلية في الإقليم، محمد ولي سرحدي، لـ "العربي الجديد": "إنّ الحكومة تسعى، مستخدمة كافة الوسائل المتاحة، إلى أن توفر فرصة التعليم لجميع الأطفال". ويلفت إلى أنّ 250 ألف طفل محرومون من التعليم في إقليم هلمند، وأنّ الحرب، وتحديداً المعارك الأخيرة بين طالبان والقوات الأفغانية، أضرّت كثيراً بعملية تعليم الأطفال، وتسببت بالنزوح في بعض المديريات. وحيال سعي الحكومة للنهوض بعملية التعليم، يقول الزعيم القبلي، منظور خان، إنّ الحكومة مشغولة بملفات كبيرة مثل الأمن، ولا تولي اهتماماً كبيراً لعملية التعليم.

المساهمون