وصلت إلى مخيم الركبان المحاصر في المثلث الحدودي السوري - الأردني - العراقي، خلال اليومين الماضيين، كمية قليلة من الدقيق تكفي لتشغيل مخبزه الوحيد المتوقف منذ أواخر أغسطس/ آب لمدة ثلاثة أيام، بسبب تشديد قوات النظام والمليشيات الموالية لها الحصار على النازحين في الصحراء القاحلة. الفرن الوحيد بمخيم الركبان عاد إلى العمل بعد توقف متقطع عن الإنتاج اليومي، منذ 19 أغسطس/ آب بسبب عدم توفر مادة الطحين التي كانت تصل عبر التهريب، وهذا نجم عنه فقدان أكثر من 7 آلاف شخص قوت يومهم الرئيسي، إذ يحتاج الفرن لنحو 750 كغ يومياً ليلبّي حاجيات السكان.
وقال عضو شبكة "حصار" المقيم في المخيم محمد عمر لـ"العربي الجديد": "منذ يومين وصلت إلى المخيم 100 كيس من الدقيق، عن طريق مهربين من مناطق سيطرة قوات النظام، ووصل سعر الكيس إلى 200 ألف ليرة (حوالي 44.4 دولاراً)، لكن إحدى المنظمات المحلية تكفّلت بثمن 60 كيساً منها. وأوضح عضو الشبكة التي تنقل أخبار المناطق السورية المحاصرة أن كمية الدقيق التي وصلت إلى المخيم تكفي السكان لمدة ثلاثة أيام، ومن غير المعروف إلى الآن إن كانت ستدخل كميات أخرى أم لا، إذ تشدّد قوات النظام الحصار، وتمنع دخول أية مواد غذائية أو طبية، لزيادة الضغط على السكان المحاصرين في الصحراء. وأضاف أن هناك طلباً شديداً على مادة الخبز، وبخاصة أن المخبز الوحيد متوقف منذ 19 أغسطس/ آب الماضي، ما أدى إلى نفاد المدّخرات التي كان الأهالي قد ادّخروها لأوقات الحاجة. وقال النازح من مدينة تدمر إلى المخيم محمود الهاشم لـ"العربي الجديد" إن الخبز مادة رئيسية في وجبات طعام محاصري مخيم الركبان، وانقطاع الدقيق أدى إلى حدوث أزمة كبيرة، حيث لم يعد الأهالي قادرين على إسكات جوع أطفالهم، فيما يتحمّل الكبار الجوع أكثر، بحسب تعبيره. وأضاف "قضينا فترة الانقطاع على ما تبقى لدينا من البرغل والأرز، لكن الأطفال لا يشعرون بالشبع، إذ اعتادوا وجود الخبز على كل وجبة، وبسبب تكرار طبخ هذه المواد ملّوا أكلها، وإذا ما أردنا تنويع الأطعمة فليست هناك اختيارات في المخيم، وإن وجدت بعض المواد فأسعارها ليست في المتناول، على حد قوله.
وفي مايو/ أيار الماضي، توقف المخبز عن إنتاج الخبز أيضاً ليعود إلى العمل بعد أيام قليلة، وكان السبب حينها منع النظام السوري وصول الدقيق إلى مخيم الركبان، بعد فرض رقابة مشددة على طرقات التهريب.
ومنعت القوات أيضاً المهربين من إدخال الأدوية والطعام إلى المخيم، وأخضعت سياراتهم لتفتيش دقيق، إلى جانب قيام منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" بتخفيض حصة المخيّم من المياه إلى النصف وترك أكثر من سبعة آلاف نسمة يواجهون قساوة الصحراء وحدهم.