محمد شقير: لبنان يعاني جموداً اقتصادياً ينذر بالانهيار

27 يوليو 2015
محمد شقير (العربي الجديد)
+ الخط -
أوضح رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان، محمد شقير، أن التجاذبات السياسية عطلت الاقتصاد اللبناني، حيث سجلت جميع القطاعات تراجعاً ملحوظاً. وأكد أن الهيئات الاقتصادية أطلقت صرخة في وجه السياسيين لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار.

وهذا نص المقابلة:

*الشهر الماضي أطلقت الهيئات الاقتصادية صرخة ضد الانتحار الاقتصادي، بوجه من هذه الصرخة؟

المجتمع المنتج، الذي يضم كل قوى الإنتاج من هيئات اقتصادية واتحاد عمالي عام، ونقابات مهن حرة وهيئات المجتمع المدني، قال كلمته وأطلق نداء 25 حزيران/ يونيو ضد الانتحار. هذا النداء موجه إلى أصحاب الشأن من القوى السياسية التي تعطل البلاد وتمنع انتخاب رئيس للجمهورية، وتشل عمل مجلس النواب والحكومة. ونحن نؤكد في هذا الصدد، أنه لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو من التعطيل الذي بدأ يضرب كل مقومات الدولة وكيانها وقدراتها لا سيما الاقتصادية.

*ما هي الأزمة الفعلية التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني، بعيداً عن المشاكل الأمنية؟

الجميع يعلم أن الاقتصاد يمر بفترة صعبة، مع استمرار التراجع منذ أربع سنوات، من دون أن يكون هناك أي فترة تمكّن أصحاب العمل من التقاط أنفاسهم. وهذا يبدو بوضوح من خلال المؤشرات الاقتصادية التي تظهر تراجعاً كبيراً في أداء قطاعات السياحة والتجارة والعقار والصناعة والخدمات، فضلاً عن مالية الدولة، حيث تجاوز الدين العام عتبة 71 مليار دولار، وعادت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي إلى الارتفاع، وكذلك عجز الموازنة.

اقرأ أيضا: لبنان... مشاريع صغرى ومتوسطة تنتظر

*ما هي المشاكل الاقتصادية التي تنعكس مباشرة على القطاعات الإنتاجية في لبنان؟

لا شك أن القطاع السياحي أبرز المتضررين، فقد أثر غياب السائح والمستثمر الخليجي بشكل عميق في أداء الاقتصاد الوطني، حيث أدى ذلك إلى تدهور الاستثمارات الخارجية في لبنان بشكل كبير، كذلك، تأثر عمل قطاعي التجارة والخدمات المرتبطين بالسياحة.

ويعود السبب في ذلك إلى غياب الاستقرار الأمني، وتدخل بعض الأطراف اللبنانية في شؤون الدول الخليجية الشقيقة، واتخاذ مواقف تصعيدية، إضافة إلى التجاذبات السياسية الداخلية. ويبلغ متوسط إنفاق السائح الخليجي في لبنان نحو 12800 دولار، في حين يبلغ متوسط إنفاق السائح العادي 2400 دولار، إذ لا يتجاوز إشغال الفنادق في بيروت 60%، أما في المناطق اللبنانية الأخرى لا يتعدى الـ 30%. كذلك، تراجع عدد شركات تأجير السيارات من 330 شركة إلى 140 شركة، فيما انخفض عدد السيارات المباعة من نحو 17500 سيارة إلى 7 آلاف سيارة.

كذلك، يعاني قطاع بيع التجزئة من انكماش حقيقي، يهدد بإقفال عدد كبير من المؤسسات التجارية خصوصاً الصغيرة والمتوسطة. القطاع العقاري يعاني من تراجع حاد، فقد تدهورت المبيعات العقارية بشكل لافت وهناك أكثر من 4 آلاف شقة فخمة مجمّدة.

اقرأ أيضا: آلان حكيم: لبنان يمرّ في مرحلة الصمود الإيجابي

*برأيك ألا يتحمل أرباب العمل وأرباب القطاعات الإنتاجية جزءا من الأزمة الاقتصادية، لا سيما أن المصارف والتجار هما جزء من القرار الاقتصادي العام؟ وجزء من مشاكل هذه السياسات؟

أبداً، فأرباب العمل والتجار، ضحايا تعطيل البلد واستمرار الفراغ والتجاذبات السياسية. لقد أطلقنا كقطاع خاص 5 صرخات بين العام 2011 والعام 2014، نحذر فيها من حصول انهيار اقتصادي، وندعو أهل السياسة إلى وقف الخلافات والوقوف صفاً واحداً لمواجهة كل الأزمات التي تضرب البلد، لكن لا حياة لمن تنادي. أما بالنسبة للمصارف، فلا يزال هذا القطاع يشكل رافعة للاقتصاد اللبناني والدولة اللبنانية.

*لبنان قائم على السياحة، ألا يعتبر هذا ضعفا في الرؤية الاقتصادية، لاسيما أن لبنان موجود بين فلسطين المحتلة وسورية، ما يعني أننا معرضون لمخاطر دائمة؟

يبنى اقتصاد أي دولة حول العالم على المقومات التي تتمتع بها هذه الدولة. لبنان يتمتع بطبيعة جميلة ومناخ معتدل وإرث تاريخي وثقافي كبير وشعب مضياف ومحب للحياة وموقع جغرافي مميز، وكل ذلك يشكل عوامل أساسية لوجود قطاع سياحي مميز وقوي. لذلك نرى أن القطاع الخاص والشباب المبادر يتجهون للاستثمار في هذا القطاع أكثر من غيره، علماً أن كل الاستثمارات متاحة في لبنان، وهناك دعم وحوافز توفرها الدولة للاستثمار الزراعي والصناعي.

كما أن مصرف لبنان وبقرار من الحاكم رياض سلامة، وفر مبالغ كبيرة مدعومة للاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات، وهو يشكل إحدى الركائز المستقبلية للاقتصاد الوطني.

اقرأ أيضا: نبيل عيتاني: الاستثمارات مفتاح لبنان للنهوض الاقتصادي

*أطلقت دول الخليج برامج اقتصادية تقوم على التنويع الاقتصادي. أنتم تعتبرون أن المصارف هي نفط لبنان. ألا يفترض بأن يكون بموازاة هذا النفط مصادر إنتاج أخرى؟

المواطن اللبناني هو نفط لبنان. فهو الذي يحقق النجاحات والتفوق في الداخل والخارج. لم نقل يوماً إن المصارف هي نفط لبنان، إنما نقول إنها صمام الأمان للبنان، وقد تأكد ذلك على مدار سنوات طويلة.

أما في ما يخص التنويع، فنعم إن الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد متنوع، ولدينا كل القطاعات والاستثمار فيها متاح ومدعوم، لكن تبقى الحرية للمستثمر في اختيار القطاع الذي يريد الاستثمار فيه.

*تزداد يومياً حدة الأزمة الاقتصادية في لبنان، هل هناك أمل من السياسيين لرسم مستقبل جديد للاقتصاد؟

الجميع يعلم أنه عندما تولت 14 آذار الحكومة، سجل النمو في لبنان بين 8% و9%، وعندما تسلمت 8 آذار تدهور النمو إلى أقل من 1%. اليوم، وفي ظل هذا الوضع المتدهور والخطير على المستويات كافة، المطلوب التكاتف والتضامن بين كل القوى السياسية والتفكير فقط بلبنان واللبنانيين، ووضع كل الطاقات لإنقاذ لبنان.

*ما هي الحلول المقترحة، إضافة إلى الهدوء الأمني لتحسين الوضع الاقتصادي؟

أولاً، الاستقرار الأمني والسياسي المستدام، وهذا وحده من شأنه النهوض سريعاً بالبلد. لكن إذا أردنا أن نعود لملعب المنافسة الإقليمية والدولية فهناك الكثير من العمل، يجب تطوير التشريعات، وإعادة تطوير البنى التحتية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذهاب سريعاً لاستثمار ثروة لبنان الجديدة، أي النفط والغاز، والتحضر لإعادة إعمار سورية.

اقرأ أيضا: هل غياب الموازنة يؤثر على الاستثمارات في لبنان؟

*يقال عن اللبناني إنه رجل التجارة أو التاجر الناجح. برأيك هل هذا التوصيف دقيق؟ ولماذا لا تحدث عملية تكييف للاقتصاد مع المشاكل التي ما زالت تتكرر منذ الحرب حتى يومنا هذا؟

اللبناني ناجح بالطبع، وهو أثبت ذلك في بلده وفي كل دول العالم. المشكلة تكمن في السياسة وفي إدارة البلاد، فالخلافات السياسية الحادة أعاقت تقدّم البلاد، وحدّت كثيراً من طموحات اللبناني في بلده.

فالمشكلة في السياحة، وفي التجارة، وفي كل القطاعات ليست ناتجة من الأداء الاقتصادي، إنما من انعكاس الأزمات السياسية الأمنية المستمرة على الاقتصاد والمؤسسات.
المساهمون