استمع إلى الملخص
- أثار القانون جدلاً واسعاً في إيران، مع تحفظ الرئيس الإيراني على العقوبات المقترحة، وسط ضغوط شعبية وإصلاحية وانتقادات دولية، بينما أصر البرلمان والتيار المحافظ على تنفيذه.
- يتضمن القانون غرامات مالية وعقوبات إضافية، دون تدخل الشرطة في الشوارع، وتحول الحجاب إلى موضوع ساخن بعد احتجاجات 2022 إثر وفاة مهسا أميني.
أوقف مجلس الأمن القومي الإيراني تطبيق القانون الجديد للحجاب والعفّة المقر من قبل مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) سابقاً، والذي صادق عليه مجلس صيانة الدستور أيضاً، حيث أكد مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاجتماعية علي ربيعي، اليوم الأحد، صحة التقارير الإعلامية بشأن وقف تنفيذ القانون، بعدما أحاله الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى المجلس الأعلى للأمن القومي لـ"تبعاته الاجتماعية"، مقدماً الشكر في تغريدة على منصة إكس للرئيس مسعود بزشكيان على خطوته في إحالته هذا القانون إلى مجلس الأمن القومي الإيراني.
من جهته، كشف عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، علي رضا سليمي، عن أن الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي بعثت رسالة إلى البرلمان دعت فيه إلى وقف إبلاغ الحكومة الإيرانية بقانون العفاف والحجاب للتطبيق، مشيراً، في حديث مع وكالة مهر شبه الرسمية، إلى أنه "حسب ما هو مسموع، فإن الحكومة تعتزم تقديم مشروع جديد للعفاف والحجاب". غير أن سليمي أكد أن البرلمان سيدافع عن قانون أقره سابقاً، باعتبار أن خطوة الحكومة "لا تحمل وجاهة قانونية"، لافتاً إلى أنه حسب القوانين الداخلية في البرلمان الإيراني كان يجب إعادة القانون إليه وإجراء التعديلات قبل مناقشته من قبل مجلس صيانة الدستور، ومشدداً على أنه "بعد المصادقة النهائية من قبل هذا المجلس، يصبح تعديله من قبل الحكومة وإعادته غير ممكن".
كما قال نائب الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية، شهرام دبيري، أمس السبت، إن الحكومة قدمت طلباً لوقف تطبيق القانون الجديد، مضيفاً أنها بصدد إعداد مشروع جديد معدل. وكان البرلمان الإيراني قد أقر قانوناً يعرف باسم "دعم الأسرة عبر ترويج ثقافة العفاف والحجاب"، وهو يتكون من 74 مادة في 5 فصول. وكان من المقرر أن يرسله رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف يوم الجمعة الماضي لتطبيقه. ومع اقتراب تنفيذ القانون خلال الأسابيع الأخيرة، اندلع جدل واسع في أوساط سياسية وإعلامية وشعبية في البلد، لكونه يأتي في خضم التصعيد في المنطقة بين إيران وإسرائيل.
وأبدى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني في وقت سابق من الشهر، تحفّظه الشديد على هذا القانون والعقوبات التي ينص عليها تجاه المخالفات، معلناً أن "الحكومة والأجهزة التنفيذية ليست مستعدة لتطبيق القانون لوجود تساؤلات مهمة للحكومة بقيت بلا جواب". وأكد في مقابلته أنه "باعتباري المسؤول عن تنفيذ هذا القانون، لدي الكثير من التحفظات عليه"، مضيفاً أن تطبيقه "قد يفسد أموراً كثيرة" في المجتمع، داعياً إلى عدم فعل ما يثير "استياء الشعب". إلا أن البرلمان ورئيسه وأوساط محافظة متشددة قد أصروا على ضرورة تنفيذ القانون، وسط ضغوط شعبية وأخرى من التيار الإصلاحي على الحكومة لعدم الرضوخ لذلك. كما أن مؤسسات حقوقية دولية أيضاً انتقدت إقرار هذا القانون والسعي لتنفيذه.
ويفرض القانون غرامات مالية متدرجة وعقوبات إضافية، منها ما يصل إلى 20 ضعف متوسط الراتب إذا ما كررت المخالفات فعلها. وفي حال لم يدفعن الغرامة خلال عشرة أيام، يتعرضن لعقوبات مثل منع السفر إلى الخارج، والحرمان من بعض الخدمات العامة، بما فيها الحصول على رخصة القيادة. إلا أن القانون لا ينص على تصدي دوريات الشرطة في الشوارع لغير المتحجبات. ويجري رفع شكاوى قضائية ضد المخالفات للبت فيها في المحاكم.
وتحول الحجاب في الداخل الإيراني إلى موضوع ساخن منذ نحو عقدين تقريباً، على خلفية تسيير دوريات آداب في الشوارع للتصدي لظواهر عدم التقيد بمعايير الحجاب، وهو ما أطلق شرارة احتجاجات واسعة أواخر 2022 بعد وفاة الشابة مهسا أميني، إثر اعتقالها من قبل دورية شرطة الآداب في طهران بتهمة خرق قواعد الحجاب.
وأفرزت احتجاجات مهسا واقعاً ومشهداً مختلفين في موضوع الحجاب في المجتمع عما كان سائداً قبل اندلاعها، حيث بدأت إيرانيات بخلع الحجاب في خطوة احتجاجية، تحوّلت مع مرور الوقت إلى ظاهرة تنتشر، خاصة في المدن الكبرى. وأصبحت اليوم تتجول إيرانيات في الشوارع من دون غطاء الرأس والمعطف الذي يغطي الجسد، وهو ما أثار انتقادات واسطة في أوساط محافظة ودينية.