مع برودة الطقس، يلاحظ بعض الناس أن لديهم طاقة أقلّ ولا يشعرون بالإيجابية كالمعتاد، في حين أن هذه المشاعر قد تكون مؤقتة بالنسبة للبعض، وهو ما يعرف بالاكتئاب الموسمي، إذ يعاني حوالي واحد من كل ثلاثة أشخاص باستمرار، خلال أشهر الخريف والشتاء، من نوع من الاكتئاب يعرف باسم الاضطراب العاطفي الموسمي، بحسب تقرير صادر عن صحيفة "ذا كونفرزيشن" في نسختها البريطانية.
وبحسب التقرير، يمكن أن تختلف أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي من خفيفة إلى شديدة، ولكنها عادة ما تشمل مزاجاً سيئاً، وفقدان الاهتمام أو الاستمتاع بالأشياء التي استمتعت بها سابقاً، وتغيّرا في الشهية (عادة الأكل أكثر من المعتاد)، واضطرابا في النوم، والشعور بانعدام القيمة.
تختلف أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي من خفيفة إلى شديدة، ولكنها عادة ما تشمل: مزاجاً سيئاً، فقدان الاهتمام أو الاستمتاع بالأشياء، والشعور بانعدام القيمة.
ولم يتضح بعدُ للباحثين أسباب هذا الاضطراب، ولكن من المحتمل أن تكون معقدة، ومتعددة الأوجه، إذ تشير بعض الأبحاث إلى أنه قد يكون بسبب خلل في منطقة hypothalamus (منطقة في الدماغ تنظم العمليات البيولوجية مثل المزاج والنوم والشهية) أو إنتاج الكثير من الميلاتونين (هرمون يتحكم في دورة النوم والاستيقاظ لدى الإنسان، والتي تنتجها الغدة الصنوبرية في المخ).
يعتقد بعض الباحثين أنه قد يكون أيضاً سبب الاضطراب حصول تغييرات في إيقاع الساعة البيولوجية - العملية الداخلية الطبيعية التي تنظم دورة النوم والاستيقاظ لدى الإنسان.
وقد تكون هناك عوامل أخرى تلعب دوراً أيضاً. على سبيل المثال، أشارت بعض الأبحاث إلى أن النساء قد يكن أكثر عرضة لهذا الاضطراب.
ويلاحظ بعض الناس أن أعراضهم تبدأ في التحسن عندما تبدأ الفصول في التغير ويقترب الربيع. لكن هذا لا يعني أنه لا توجد أشياء كثيرة يمكن للأشخاص القيام بها خلال أشهر الشتاء لمساعدتهم على التعامل مع أعراضهم.
ما هي علاجات الاكتئاب الموسمي؟
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الاضطراب، تشمل العلاجات الرئيسية الموصى بها التدخلات النفسية (مثل العلاجات بالكلام)، أو تناول الأدوية (مثل مضادات الاكتئاب). وتظهر الأبحاث أن العلاج السلوكي المعرفي (الذي يركز على تحدي أفكار الإنسان المؤلمة وتغيير سلوكه) هو علاج فعال للاضطراب العاطفي الموسمي.
وفي إحدى الدراسات، أظهر الباحثون أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) كان مرتبطاً بانخفاض ملحوظ في الاكتئاب عند متابعته بعد عام واحد ومقارنته بالعلاج بالضوء (علاج آخر يستخدم أحياناً للاضطراب العاطفي الموسمي، والذي يتضمن الجلوس أمام صندوق أو أسفله ينبعث منه ضوء ساطع للغاية، لمدة تتراوح من 20 و30 دقيقة أو أكثر يومياً).
جزء أساسي من العلاج المعرفي السلوكي هو دعم المرضى بتقنية تسمى التنشيط السلوكي، والتي تهدف إلى تحسين الحالة المزاجية من خلال تشجيع الناس على تنظيم يومهم والانخراط في أنشطة هادفة وممتعة، على سبيل المثال ممارسة الهوايات المفضلة.
وتشير الأبحاث أيضاً إلى أن بعض مضادات الاكتئاب (تحديداً مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية) قد تكون فعالة بشكل خاص في علاج أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي.
كما يتم حالياً التحقيق في العلاج بالضوء للاضطراب العاطفي الموسمي، نظراً لأنه لا يزال علاجاً ناشئاً، تظل الأبحاث المتعلقة بفعاليته غير متسقة. ولكن أظهرت إحدى الدراسات أن العلاج بالضوء يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتحكم في أعراض هذا الاضطراب عند استخدامه مع مضادات الاكتئاب.
ولا يتوفر العلاج بالضوء عادةً في هيئة الرقابة الصحية في المملكة المتحدة، ولذلك، وإذا كان لا بد من تجربته، يجب اختيار منتج تمت الموافقة عليه طبياً لعلاج الاضطرابات العاطفية الموسمية، واتباع تعليمات الاستخدام أو استشارة الطبيب.
تغيير نمط الحياة يساعد في حالة الاكتئاب الموسمي
وبصرف النظر عن طلب المساعدة المهنية، هناك بعض الأشياء الأخرى التي يمكن للأشخاص القيام بها لمساعدتهم على التعامل مع الاضطراب العاطفي الموسمي خلال يومهم.
ويساعد الخروج من المنزل والحصول على بعض ضوء النهار الطبيعي في العلاج.
ووفق إحدى الدراسات، فإن الحصول على المزيد من الضوء الطبيعي أثناء النهار قد يساعد في تحسين الأعراض.
وكان الباحثون في الدراسة قد طلبوا من المشاركين إما الذهاب في نزهة يومية لمدة ساعة واحدة في الهواء الطلق، أو استخدام صندوق ضوء اصطناعي منخفض الجرعة لمدة 30 دقيقة يوميا لمدة أسبوع واحد.
وأظهر المشاركون الذين ذهبوا في نزهة يومية تحسناً ملحوظاً في جميع أعراض الاكتئاب، مقارنةً بمن تعرضوا للضوء الاصطناعي. وفي حين أنه من غير المؤكد بالضبط سبب تحسن حالة من تعرضوا لضوء النهار، فقد يظل هذا أمراً سهلاً وفعالًا يمكن للناس القيام به لتحسين مزاجهم كل يوم.
وتظهر الأبحاث أيضاً أن عوامل نمط الحياة (مثل مستويات التمرين والنظام الغذائي) يمكن أن تلعب دوراً مهماً في التسبب في الاكتئاب وإدارته، عندما يتعلق الأمر بالاضطراب العاطفي على وجه الخصوص، وهناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن التمرين (بمفرده أو بالاشتراك مع العلاج بالضوء) قد يحسن الأعراض.
ويختم تقرير الصحيفة بالإشارة إلى أن هناك العديد من الأشياء الأخرى التي يمكن للأشخاص القيام بها للتعامل مع أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي طوال أشهر الشتاء، فمن المهم استشارة الطبيب العام بشأن الأعراض والمشاعر– خاصة إذا لم تتحسن الأعراض، أو إذا أصبح من الصعب إدارة الحالة.