دقّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب (مؤسسة دستورية) ناقوس الخطر بخصوص النظم البيئية الغابوية، موضحاً أنّ تلك النظم تتعرّض لتدهور مقلق يُقدَّر بنحو 17 ألف هكتار سنوياً.
وكشف رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أحمد رضى الشامي، اليوم الأربعاء، في خلال تقديم رأي المجلس حول "النظم البيئية الغابوية بالمغرب: المخاطر والتحديات والفرص"، أنّه في كلّ عام يُتلَف 17 ألف هكتار من الغابات بسبب انعكاسات تغيّر المناخ، والرعي الجائر المفرط، وبفعل الاستغلال المفرط لكلّ الموارد الغابوية الذي يتجاوز بصورة كبيرة قدرات التجدّد الطبيعي (التخليف). فيبلغ مثلاً الاستخراج المفرط للحطب سنوياً نحو ثلاثة ملايين طنّ، وهو ما يفوق بمرّتَين أو ثلاث مرّات القدرة الإنتاجية للنظم البيئية الغابوية.
ويمثّل المجال الغابوي نسبة 13 في المائة من مساحة المغرب، ويستوطنه سبعة ملايين مغربي، أي ما يعادل نصف سكان العالم القروي، الأمر الذي يضع البلاد في المرتبة الثانية لجهة التنوّع الحيوي في حوض البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب تعدّد مجالات السياحة والبيئة والطاقة.
وعلى المستوى الاقتصادي، يوفّر المجال الغابوي 1.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل 17 مليار درهم (نحو 1.70 مليار دولار أميركي) سنوياً، كذلك يؤمّن 50 ألف فرصة عمل ثابتة، إلى جانب 30 في المائة من الخشب المستخدم في الصناعة والبناء، و17 في المائة من كلأ الماشية، وأربعة في المائة من العرض العالمي للفلّين الناتج من أشجار بلّوط الفلّين.
وبهدف تفادي الانعكاسات السلبية لتدهور الرأسمال الغابوي، قدّم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مجموعة من التوصيات، في مقدمتها تكثيف عمليات إعادة التشجير والتخليف من خلال تنظيم حملات وطنية، وتحديد المساحات المستهدفة، وتعزيز الاستثمارات المستدامة، وتقديم التحفيزات الضريبية للمقاولات المعنية، وإعادة النظر في الاختيارات المتعلقة بالأصناف الغابوية المعنيّة بإعادة التشجير والتخليف.
ودعا المجلس إلى اعتماد نمط الرعي بالتناوب في المناطق المخصصة للرعي، وتحديد قدرتها الاستيعابية، ومواكبة ودعم السكان المحليين والرعاة من خلال الصندوق الوطني الغابوي لتشجيع مشاريع زرع الأشجار الغابوية المثمرة والنباتات العطرية والطبية في الأراضي الخاصة والجماعية.
كذلك أوصى المجلس بإعادة تأهيل النظم البيئية الغابوية من خلال الانتقال التدريجي من صيغة حقّ الانتفاع الممنوح للسكان المعنيين إلى استرجاع هذه الحقوق من قبل الدولة في كلّ المناطق المحمية، مع دمج السكان المحليين في أنشطة اقتصادية بديلة، والرفع التدريجي من مساحة المناطق المحمية، ما بين 3.76 في المائة و30 في المائة بحلول عام 2050، وذلك تفعيلاً للالتزامات الدولية في مجال التنوّع الحيوي.
وشدّد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على ضرورة الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في تتبّع عمليات التشجير، ومراقبة حرائق الغابات ومكافحتها، وذلك من خلال الاستفادة من خبرة وتجارب القطاع الخاص في هذا المجال.
ورأى المجلس ضرورة إنشاء مدوّنة للغابات يُصار بموجبها إلى تجميع وتحيين النصوص القانونية المعمول بها، وتحديد حقوق والتزامات كلّ الأطراف المتدخلة، وتدقيق طرق وكيفيات حماية التنوّع الحيوي، وتحسين سلامة النظم البيئية الغابوية، ومكافحة حرائق الغابات وتأمين الملك الغابوي من خلال استكمال تحفيظ المساحات الغابوية المتبقية.