ليبيا نحو تقويض الهجرة السرية

02 يونيو 2021
نجت هذه الطفلة من الغرق (فرانس برس)
+ الخط -

 

تسعى السلطات الليبية الجديدة إلى بذل جهود أكبر من أجل تطويق عمل شبكات تهريب البشر عبر حدودها الجنوبية وصولاً إلى نقاط التهريب على ساحل بحرها شمالاً. وأعلنت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش عن اتفاق بلادها مع كل من إيطاليا ومالطا ومفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع أوليفر فاريلي، على "حماية الحدود الجنوبية لبلادها". وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقدته مع نظيرها الإيطالي لويجي دي مايو، والمالطي إيفاريست بارتولو، وفاريلي، الذين زاروا ليبيا ضمن وفد مشترك أخيراً. وتعليقاً على لقائها بالمسؤولين الأوروبيين الثلاثة، قالت المنقوش: "لمست الجدية خلال المناقشات التي تركزت على قضايا الهجرة غير الشرعية"، مؤكدة على ضرورة حل هذه القضية بدعم ووعي دولي، لتكون وفق أطر قانونية، سواء مع الاتحاد أو المنظمات الأوروبية، كما شددت على ضرورة أن يكون حرس السواحل جزءاً من عملية حماية الحدود، مؤكدة على أهمية دعم الاتحاد الأوروبي وفق الأطر المعمول بها.

كذلك التقت المنقوش برؤساء البعثات الأفريقية في ليبيا "لبحث حلّ أفريقي لمشكلة الهجرة غير الشرعية، من خلال العمل الجماعي الأفريقي، وخصوصاً في دول المصدر، لتعزيز التنمية في هذه البلدان ووضع ضوابط وآليات لتنظيم الهجرة والحد منها بطريقة إنسانية تحفظ كرامة المهاجر الأفريقي"، وطالبت بضرورة "تسريع تفعيل اتفاق تعزيز التعاون في مجال مراقبة الأمن ومراقبة الحدود بين كل من ليبيا والسودان وتشاد والنيجر في مايو/ أيار عام 2018". 

في هذا السياق، يرى الناشط المدني الليبي خميس الرابطي أنّ زيارة الوفد الأوروبي الثلاثي إلى العاصمة طرابلس تعكس إدراك الاتحاد الأوروبي لرغبة وجدية السلطة الجديدة في البلاد لحلّ ملف الهجرة المقلق لعدد من الدول الأوروبية، وتشير خطوات عدة اتخذتها السلطة الجديدة إلى تقدم في ملف الهجرة السرية. ففي مطلع مايو/ أيار الماضي، كثف جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية دوريات الرقابة الصحراوية لتشمل مراقبة الطرقات التي تربط بين الشمال والجنوب، وتحديداً مناطق وسط الجنوب التي تعد الأهم بالنسبة لشبكات التهريب في مراحل نقل المهاجرين، بحسب الضابط في جهاز مكافحة الهجرة السرية رمضان الشيباني، الذي يقول لـ"العربي الجديد"، إن الدوريات الصحراوية كثفت من تحركاتها في العديد من المناطق، مشيراً إلى تسجيل تراجع ملحوظ في نشاط المهربين. 

وأعلن اللواء 444 التابع لرئاسة أركان حكومة الوحدة الوطنية، منتصف مايو/ أيار الماضي، عن تحرير أكثر من 110 مهاجرين سريين من جنسيات أفريقية مختلفة، واقتحام 16 مقراً لعصابات تهريب البشر. وقبل فترة، أعلن اللواء نفسه عن اقتحام ست مقرات لمهربي البشر في المنطقة نفسها. 

وتعدّ منطقة بني وليد، الواقعة إلى الجنوب الشرقي من طرابلس، أحد مراكز التهريب الأساسية، وتضم عشرات المخازن، حيث يُحتجز المهاجرون القادمون من الجنوب بداخلها. وزار رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، برفقة عدد من وزراء حكومته، من بينهم وزير الداخلية خالد التيجاني مازن، المدينة للوقوف على احتياجاتها، لا سيما في الجانب الأمني. 
وتعمد السلطة الجديدة إلى تكثيف الرقابة على المناطق الأساسية بين الجنوب والشمال لقطع الطريق أمام المهربين، بحسب الشيباني. وقال إن "الجهود تتجه أيضاً لتكثيف العمل مع المنظمات الدولية للمساعدة في ترحيل المهاجرين المحتجزين في مراكز الاحتجاز في طرابلس، وغالبيتهم ممن أنقذوا في عرض البحر". 

وكان رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قد التقى الرئيس النيجيري محمد بازوم، ورئيس المجلس العسكري الانتقالي التشادي محمد ديبي، على هامش القمة الاستثنائية لرؤساء وحكومات دول حوض تشاد، لمناقشة العلاقات الثنائية معهما. وأفاد بيان أصدره المجلس بأنّ اللقاء أولى ملف مكافحة الهجرة السرية أهمية خاصة.

ويرى الرابطي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ الحراك الحكومي في الملف داخلياً وخارجياً يؤكّد إدراك السلطة الليبية الجديدة تعقيد الملف وارتباط شبكات تهريب البشر بعصابات خارج البلاد، الأمر الذي يستدعي جهداً دولياً مكثفاً. ويرجح أن يشهد الملف تقدماً أكثر "من خلال سعي الحكومة الليبية لنقله من المستوى المحلي إلى المستوى الدولي، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته". ويشير الرابطي إلى أن زيارة المنقوش لمنفذ التوم الحدودي مع النيجر، مطلع مايو/ أيار الماضي، تشير إلى رغبة الحكومة في حلحلة الملف الذي يعد من أولوياتها أمام المجتمع الدولي، تزامناً مع اهتمام حكومي آخر يتعلق بتكليف وحدات عسكرية بضبط الأمن في الجنوب الليبي، على خلفية أحداث شمال تشاد أخيراً. 

المساهمون