ليبيا: سرطان الثدي ينتشر بين النساء

28 أكتوبر 2022
من إحدى حملات التوعية حول سرطان الثدي (عبدالله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

تعدّ نسبة الإصابة بسرطان الثدي مرتفعة بين النساء في ليبيا، في وقت تغيب الجهات الرسمية عن أداء دورها سواء لناحية التوعية حول المرض وأهمية الكشف المبكر أو تقديم الرعاية الصحية اللازمة للنساء. والإحصائية الأخيرة المتعلقة بنسبة انتشار المرض بين النساء صدرت عام 2016، علماً أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أنه من أكثر أنواع أمراض السرطان انتشاراً في ليبيا خلال عام 2020.
آخر الإحصائيات الرسمية التي أعلن عنها المركز الوطني لمكافحة الأمراض الحكومي كانت عام 2016، وتضمنت أن مركز مصراتة للأورام (شرق طرابلس) استقبل خلال ذلك العام 346 إصابة جديدة بسرطان الثدي، منها 151 حالة في مراحل متقدمة، كما استقبل المعهد القومي لعلاج الأورام في صبراتة (غرب طرابلس) 204 حالات جديدة منها 119 حالة في مرحلة متقدمة.
ويقول الطبيب المتخصص في أمراض الدم والأورام جبريل نوّيل إن هذه الإحصائية منقوصة ولا يمكن الاعتماد عليها، مشيراً إلى أن الأرقام المعلنة هي فقط من مركزين لعلاج الأورام، فيما لم تعلن بقية المراكز في مختلف أنحاء البلاد عن حجم الحالات التي استقبلتها. ويقول نويل خلال حديثه لـ "العربي الجديد" إنّه يمكن البناء على الأرقام ولو كانت قديمة بعض الشيء، شرط أن تكون متكاملة، مشيراً إلى أن السلطات تساهم إلى كبير في التعتيم على الأرقام بدلاً من العمل على الحد من تفاقمها.  
ويشير نويل إلى ارتفاع أعداد المصابات بسرطان الثدي اللواتي يترددن على عيادته أو المستشفيات الحكومية، قائلاً: "من الواضح أن نسبة الإصابات إلى زيادة. لكن لا يمكن الاستناد إلى عدد المصابات اللواتي استقبلهن لتحديد نسبة انتشار المرض في البلاد".
وعلى الرغم من وجود برنامج وطني لمكافحة السرطان في ليبيا، يقول إنه يحظى بدعم حكومي إلا أنه دعم اسمي، إذ إن البرنامج قائم على جهود الأطباء والممرضين المتطوعين، مشيراً إلى أن الأرقام التي يعلنها البرنامج غير واقعية، وقد أشار إلى وجود قرابة 3700 إصابة بسرطان الثدي عام 2020. وفي العام نفسه، أوضح أن من بين كل ثماني سيدات، واحدة مصابة بسرطان الثدي". يضيف أنه "لا يمكن تصديق أن من بين كل ثماني نساء واحدة مصابة بسرطان الثدي. ولو كان هذا الأمر صحيحاً، فعلينا إعلان حالة الطوارئ القصوى".
وأعلنت السلطات الحكومية مرات عدة عن استجابتها لمكافحة سرطان الثدي. وفي أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020، أطلقت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني السابقة "برنامج الكشف المبكر عن سرطان الثدي" ضمن عدة مراحل. وتهدف المرحلة الأولى إلى افتتاح فروع لعيادات الكشف المبكر في العديد من المدن الليبية، فيما تهدف الثانية إلى تدريب العديد من الكوادر الطبية والمساعدة للإحالة السريعة.
من جهتها، تقول طبيبة الأمراض النسائية مفيدة مولود إن "البرنامج فتح العديد من مراكز الكشف المبكر، إلا أن نسبة الانتشار كبيرة. وتكثر النساء المصابات بسرطان الثدي اللواتي يترددن على عيادات زملائي الأطباء". وتشدد مولود في حديثها لـ "العربي الجديد" على أهمية الكشف المبكر عن هذا المرض للحد من ارتفاع نسبته. لكن ماذا عن المصابات فعلياً بالمرض وهن في مراحل متقدمة؟ هل وفرت السلطات لهن العلاج والدواء؟"، لافتة إلى أن النسبة المعلنة عام 2016، بحسب المركز الوطني لمكافحة الأمراض، تعني أن نسبة من هن في مراحل متقدمة تصل إلى 50 في المائة.

وتقول مولود إن النساء المصابات بسرطان الثدي يتوجهن إلى العيادات الخاصة، وهذا دليل كاف على العجز الذي تعانيه المستشفيات الحكومية. وتقول: "كلفة علاج أمراض السرطان مرتفعة. ولجوء المريضات إلى العيادات الخاصة يعني تأكيدا واضحا على إهمال السلطات للمستشفيات الحكومية وعدم دعمها، وخصوصاً تأمين الأدوية التي يشتريها المريض بأسعار باهظة جداً".

وتشدد مولود على أهمية حملات التوعية، قائلة: "لا بد من تكثيف حملات التوعية بين النساء، والتأكيد على ضرورة الكشف الدوري وبشكل مستمر كوسيلة للوقاية من اكتشاف المرض في مرحلة متأخرة وبالتالي صعوبة السيطرة عليه".
ويشير البرنامج الوطني لمكافحة السرطان إلى أنه في ما يتعلق بأعداد المصابين بأمراض السرطان في ليبيا، يبقى الوضع معقداً. وتشير أحدث إحصائية أممية إلى أن 6077 شخصاً ينضمون إلى طابور المرضى بالسرطان في ليبيا سنوياً، والنسبة الكبرى هي نسبة المصابين بسرطان القولون والرئة وهي 12 في المائة لكل منهما من إجمالي المصابين بالسرطان في البلاد، ثم تأتي الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 11 في المائة، وتالياً سرطان المثانة بنحو 6.4 في المائة، في مقابل 59 في المائة لباقي أنواع السرطانات. لكن تبقى نسبة الإصابة بسرطان الثدي هي الأعلى بين نسب الإصابات بمختلف أمراض السرطان لدى الإناث.

المساهمون