يقترب موعد الإجازة الصيفية بالنسبة لتلاميذ المدارس في ليبيا بعد الانتهاء من امتحانات نهاية العام الدراسي الحالي، والتي عادة ما تمتد من يوليو/ تموز وحتى بداية سبتمبر/ أيلول المقبلين. إلا أن العراقيل والصعوبات التي تواجهها العملية التعليمية خلال السنوات الماضية، ربما تجعل فترة الإجازة تستمر أطول. واعتاد عادل ختروش، وهو مواطن من حي عين زاره بطرابلس، على إلحاق ولديه اللذين يدرسان في الصفين الثالث والرابع بكتاب لحفظ القرآن الكريم في منطقته. ويقول لـ "العربي الجديد": "هذا هو برنامج أطفالي في كل عام. أعتقد أنني أقدم لهم أفضل هدية". بالإضافة إلى حفظ القرآن، باتا يكتبان بخط أفضل بدلاً من التلهي بالألعاب الالكترونية على الهواتف أو قضاء الإجازة من دون أي فائدة".
ويقرّ ختروش بضرورة منح وقت كاف لولديه للعب كأي طفل، لكنه في الوقت نفسه يعرب عن خشيته مما قد يحمله الشارع لهما بعيداً عن رقابته. ويقول: "تروج في الساحات العامة والأحياء ثقافات ضارة ما قد يقود الأطفال إلى الانحراف". ويشير إلى غياب المراكز التثقيفية أو التسلية، منتقداً سعي المدارس والمعاهد الخاصة إلى الربح التربح.
من جهته، يقول أيمن موسى، الذي يدرس في الصف الثامن في إحدى مدارس العاصمة إنه يستعد للالتحاق بدورة مكثفة لتقوية لغته الانكليزية خلال الصيف. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنه حريص على الاستعداد للمرحلة الثانوية. "أنوي اختيار شعبة العلوم ومن الضروري أن أكون مستعداً ومتمكناً من اللغة".
وإذ يقرّ أيمن بضعف دورات تعليم اللغات الأجنبية المحلية، إلا أنه يتحدث عن إقبال التلاميذ في المراحل المتقدمة من التعليم الأساسي والثانوي على المدارس الأجنبية، كونها تضم أساتذة ومناهج متقدمة. "ففي طرابلس وحدها، توجد أربع مدارس أجنبية كبيرة يمكن أن أقضي جزءاً كبيراً من إجازتي فيها".
وتقول رحاب بن دائخة التي تتحدر من مدينة البيضاء شرقي البلاد، والتي تخطط لإلحاق ابنتها بدورات للتدبير المنزلي على الرغم من أنها ما زالت في التعليم الثانوي، لـ "العربي الجديد": "مثل هذه الدورات التي تنظمها مدارس خاصة لا تحتاج إلى الكثير من المهارات التي تتطلب مناهج معينة. أسعى إلى أن تتعلم ابنتي بعض المهارات وترفه عن نفسها في الوقت نفسه".
ويقبل الكثير من الأهالي على إلحاق أولادهم في النوادي الصيفية الخاصة بتعليم أنواع من الرياضات كالسباحة أو كرة القدم وغيرها وخصوصاً أن أسعارها مناسبة. وعما قد يدفع الأهل إلى التركيز على هذه الأنشطة بدلاً من الالتحاق بالمراكز التي توفر برامج ترفيهية متكاملة، توضح أن أعمار الأطفال المتفاوتة داخل العائلة الواحدة قد تربك بعض الأهالي، عدا عن اضطرار بعض التلاميذ الذين رسبوا في امتحانات الدورة الأولى إلى التحضير لامتحانات الدوررة الثانية التي تجرى في الصيف.
ويعد إلحاق الأطفال في النوادي والدورات الترفيهية ثقافة حديثة على المجتمع، كما تقول الباحثة الاجتماعية حسنية الشيخ، مشيرة إلى أنها ما زالت تتبلور سواء لدى العائلات أو المدارس الخاصة. وتوضح الشيخ في حديثها لـ "العربي الجديد" أن إرسال الأطفال إلى كتاتيب لتحفيظ القرآن يكاد يكون الثقافة المعروفة والأقدم لدى الأسر، لكن دروات تعلم المهارات أو نوادي الترفيه الصيفي كلها حديثة وبالتالي لا تجد في مضمونها الكثير مما يشير إليه عنوان الدعاية أو الإعلان عنها. وتؤكد أن الجهات الحكومية المعنية بالشباب والشؤون الاجتماعية ما زالت بعيدة عن إدراك أهمية تطوير ودعم الأنشطة الصيفية.
مؤخراً، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية إنشاء المركز الوطني للتتخييم والاصطياف، ويتولى تنظيم مخيمات وأنشطة صيفية للشباب، علماً أنها متوقفة منذ عام 2009. إلا أن الشيخ ترى أن تطور البرامج الصيفية هي رهن تطور المجتمع وإدراكه لمدى أهمية هذه الأنشطة، مشيرة إلى أهمية أن تبحث الجهات المشرفة على إطلاق البرامج الصيفية للطلاب والأطفال عما يفيدهم ويخدم الجانبين التثقيفي والترفيهي، ويساهم في تطوير سلوك الأطفال والشباب.
ولا تحبذ الشيخ قضاء الطفل كامل العطلة الصيفية في الكتاتيب أو في دورة لتعليم الرياضة. وتقول: "التنوع مهم بالنسبة للطفل في المرحلة الأساسية والشباب في المرحلة الثانوية؛ فالمزج بين التثقيف والترفيه يساهم في التخلص من الضغط طوال العام الدراسي"، مشيرة إلى أن "بعض العائلات في المجتمع لا تساعد أولادها على الاستفادة من العطلة الصيفية، ويقضونها من دون أي برامج".