ليبيا: اهتمام بمرضى ضمور العضلات بعد وفاة ثلاثة أطفال

07 اغسطس 2024
ينقل الأطفال المصابون إلى مصر لتلقي العلاج (علي مصطفى/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أعلنت رابطة مرضى ضمور العضلات عن وفاة ثلاثة أطفال في بنغازي وسبها وطرابلس بسبب مضاعفات المرض وعدم تلقي العلاج اللازم.
- اجتمع مسؤولون في حكومة الوحدة الوطنية مع ممثلين عن الرابطة بعد وقفة احتجاجية، وأصدرت الحكومة تعليمات لتوفير المعامل الجينية والأدوية والعلاج الطبيعي.
- تضم ليبيا 739 حالة مسجلة من مرضى ضمور العضلات، ويُرجح ارتفاع الأعداد بسبب الأسباب الوراثية، مع مطالبات برفع المعاشات الشهرية وتصنيف المرضى بشكل خاص.

أعلنت رابطة مرضى ضمور العضلات الأهلية في الأسبوع الماضي وفاة طفل مصاب في مدينة بنغازي، وذلك بعد يومين فقط من وفاة طفل آخر في مدينة سبها، وقد سبقهما طفل ثالث توفي قبل أسبوعين في العاصمة طرابلس
وأوضحت الرابطة أن سبب الوفيات الثلاث هي مضاعفات المرض الذي يؤدي إلى توقف أعضاء الجسم بالتدريج، نتيجة عدم تلقي المريض العلاج اللازم، معلنة أن الطفل المتوفى في سبها لديه شقيقان مصابان بالمرض نفسه، ولم يتمكنا من إجراء التحاليل اللازمة للحصول على الأدوية. 
لاحقاً، اجتمع مسؤولون في حكومة الوحدة الوطنية مع ممثلين عن رابطة مرضى ضمور العضلات الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الصحة، للمطالبة بضرورة تسهيل وصولهم إلى العلاج. وأصدرت الحكومة جملة من التعليمات لتوفير المعامل الجينية الخاصة بمرضى ضمور العضلات وعائلاتهم، والبدء في إجراءات توريدها، واستمرار إجراء التحاليل الجينية للمرضى، واستكمال علاج الحالات البالغ عمرها أقل من سنتين بشكل عاجل، كما وجهت الحكومة بضرورة توفير الأدوية الخاصة بهذا المرض من خلال التعاقد مع الشركات المصنعة، وضرورة تنفيذ برنامج العلاج الطبيعي بالداخل، من خلال الاتفاقية التي أبرمها جهاز تطوير الخدمات العلاجية مع شركة متخصصة. 

تضم ليبيا 739 حالة مسجلة من مرضى ضمور العضلات

وذكرت الرابطة أن الاجتماع مع الحكومة أسفر عن اتفاق على تشكيل لجنة وطنية للبدء في إتاحة التحليل الجيني، مع الشروع في تأسيس معمل تحاليل جينية داخل ليبيا، واستعجال توفير الأدوية، وكذلك تخصيص مبالغ مالية لسفر الأطفال المصابين بالمرض إلى الخارج لتلقي الحقنة الجينية. 
ونظم مرضى ضمور العضلات العديد من الوقفات الاحتجاجية، من بينها وقفة في يونيو/حزيران الماضي، ضمت عدداً من المرضى، أغلبهم أطفال، أمام مقر الحكومة، للمطالبة بإيجاد حلول للمشاكل والعراقيل الصحية التي يعانون منها، ومن بينها عدم توفر الأدوية، ونقص الرعاية الطبية، وعدم توفر الأدوات والمعدات التخصصية التي يحتاجها المرضى، إضافة إلى المطالبة بالنظر في رفع قيمة الإعانة المنزلية والمعاشات للمرضى. 
وكشفت رابطة مرضى ضمور العضلات أن ليبيا تضم 739 حالة مسجلة لديها، مؤكدة وجود أعداد أخرى من المرضي غير المسجلين.

لا يتوفر علاج ضمور العضلات في ليبيا (محمود تركية/فرانس برس)
لا يتوفر علاج ضمور العضلات في ليبيا (محمود تركية/فرانس برس)

ويرجح طبيب أمراض المخ والأعصاب، محمد الغزالي، ارتفاع أعداد المصابين بالمرض، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أنه من بين الأمراض النادرة التي ترتبط بمجموعة من الأسباب الوراثية، وهو يؤدي إلى تلف الأنسجة، وبالتالي ضعف العضلات، ما يتسبب في إعاقات حركية، وبمرور الوقت تتناقص قدرات أعضاء بعض المرضي إلى حد التوقف تماماً، ما يؤدي إلى الوفاة. 
يضيف الغزالي: "على الرغم من أن طفرات هذا المرض تزيد عن الستين، إلا أن المنتشر منها في ليبيا لا يزيد عن ثلاث طفرات، لكنها تستوجب الرعاية الصحية المستمرة بهدف تصحيح سلوك المريض الذي لا ينتبه إلى بعض الأضرار التي تؤدي إلى تسارع فشل الأعضاء. الأهم من ذلك هو التحليل الجيني، كونه الأساس الذي يمكن الطبيب من متابعة المريض، ومعامل التحليل الجيني توفرت في ليبيا منذ عام 2022، وعوضت عجزاً كبيراً في عمليات تشخيص المرض، وبالتالي وصف الأدوية المناسبة". 
ويؤكد الطبيب الليبي ضرورة حصول الأطفال المصابين على حقنة خاصة قبل بلوغ عامين، لكنه يؤكد أيضاً عدم توفر هذه الحقن، ما اضطر الحكومة إلى إيفاد قرابة 22 طفلاً إلى مصر، للحصول على هذه الحقنة. يتابع: "عدد المرضى في تزايد، ويمكن رصد هذا من خلال متابعة مستشفيات الأطفال، وينبغي بناء قاعدة بيانات خاصة بهم لتسهيل عملية متابعتهم، والإسراع في علاجهم، ومن المهم توفير هذه الحقنة في البلاد". 

من جانبها، تعبر أم أروى عموش، وهي والدة طفلة مصابة بمرض ضمور العضلات، عن استيائها من عدم وجود مراكز متخصصة، والاعتماد على تنظيم الاحتجاجات لتوصيل صوت المرضى، مشيرة إلى أن "وصول أعداد المصابين بهذا المرض إلى المئات يفترض أن يدق ناقوس الخطر". 
وفي حين تؤكد عموش حق ابنتها في العلاج، فإنها تطالب أيضاً بضرورة رفع الحكومة المعاشات الشهرية المخصصة لمرضى ضمور العضلات، وتصنيفهم بشكل خاص خارج فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، ما يعزز الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية المقدمة لهم. 
وتعتبر عموش أن "الرعاية الاجتماعية جزء من الرعاية الصحية، فبعض المرضى يحتاجون إلى رواتب مساعدة أعلى مما تمنحهم إياه الدولة، لكن مطلب رفع الرواتب لا يقف عند حد المطالب المعيشية، بل يحمل رسالة تشعر المريض بأن الدولة تساويه ببقية المواطنين، ومن المهم أيضاً أن يغير المجتمع طريقة تعاطيه مع المريض، ويستوعب ظروفه لمساعدته على التعافي، ومعاملته بصفته فرداً طبيعياً في المجتمع".

المساهمون