ليبيا: إطاحة بعصابة خطف أطفال

15 فبراير 2021
ربّما تكون هذه الساحة مكاناً مناسباً لخطف الصغار (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

 

في الحروب والصراعات، يتعرّض الأطفال لانتهاكات مختلفة. صغار ليبيا من هؤلاء، وقد سُلّط الضوء أخيراً على عمليات خطف طاولتهم. وقد كشفت الإطاحة بعصابة مسلحة تخطف الأطفال في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، عن حجم الوضع الصعب الذي خلقه انعدام الاستقرار والأمن والذي يعشيه المواطن الليبي في ظلّ استمرار أزمة السلاح وانتشار المجموعات المسلحة. وكان مكتب الإعلام في قسم النجدة التابع لمديرية أمن بنغازي أعلن عن ضبط تشكيل مسلح وخطر يمتهن خطف الأطفال وسلبهم بقوة السلاح في داخل مناطقهم ومن أمام منازلهم. وأوضح المكتب أنّ العملية تمّت بعد ورود بلاغات وشكاوى كثيرة إلى قسم النجدة الذي كلّف قوة أمنية مختصة ببدء البحث في عمليات الخطف والسلب تلك والتي تستخدم فيها سيارات مموّه زجاجها وركّابها ملثمون في الأغلب.

وقد لفت المكتب في الإطار نفسه إلى أنّ متابعة أماكن الخطف والسلب ومراجعة كاميرات المراقبة قادتا إلى تحديد هوية الأشخاص الذين تبيّن أنّهم من أصحاب السوابق الجنائية، قبل القبض عليهم وعرضهم على عدد من أولياء الأمور الذين اصطحبوا أطفالهم الذين تعرّضوا إلى الخطف في حوادث سابقة بهدف التعرّف على أفراد العصابة.

ويُعَدّ هذا الإعلان أوّل اعتراف رسمي من قبل سلطات ليبيا، خصوصاً السلطة العسكرية المسيطرة على بنغازي ومناطق شرق البلاد، بشأن وجود عصابات تمهتن خطف الأطفال من أجل الفدية المالية. إلى جانب ذلك، كانت تقارير أممية، في أكثر من مرّة، قد اتهمت معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر بترهيب الأسر في مناطق شرق ليبيا حتى يوافقوا على تجنيد أطفالهم كمحاربين. كذلك اتهمت قواته بتنفيذ عمليات خطف في مدينة درنة، شرقي البلاد، في عام 2018، مشيرة إلى أنّه تمّ العثور على 100 جثة، عدد منها يعود إلى نساء وأطفال.

صحة
التحديثات الحية

في هذا السياق، ترى الناشطة الحقوقية الليبية بدرية الحاسي أنّ "إعلان نجدة بنغازي يأتي في سياق محاولات تبرير الجريمة من قبل أجهزة أمنية تسيطر على المدينة"، مضيفة لـ"العربي الجديد" أنّه "يتعيّن على النجدة إعلان عدد الأطفال المختطفين، وعلى أقلّ تقدير الذين حضروا للتعرّف على هوية أفراد العصابة". وفي حين تقول الحاسي إنّ "الهدف من الإعلان هو تحميل أطراف مسلحة مسؤولية الانتهاكات في حق الأطفال كتجنيدهم في الحروب"، تشير إلى أنّ "عمليات اختطاف الأطفال تتمّ في الغالب بهدف حصول المختطفين على فدية مالية". وتتابع أنّه "عند التأكّد من الأمر، لا بدّ من الالتفات إلى هذه القضية على أنّها تأتي على مستوى تنظيم جماعي"، مؤكدة أنّ "الانفلات الأمني الواسع الذي تعيشه البلاد في ظل غياب سلطة الدولة من شأنه أن يشجّع على انتشار مثل هذه العصابات".

وكانت ليبيا قد شهدت عمليات كثيرة ذات صلة بانتهاكات تطاول الأطفال، لعلّ أشهرها حادثة خطف ثلاثة أطفال من مدينة صرمان، غربي البلاد، في عام 2015. وقد عُرفت تلك العملية من قبل الرأي العام بحادثة "أطفال الشرشاري"، قبل أن تعود إلى الواجهة مجدداً على إثر القبض على قائد إحدى المجموعات المسلحة في المدينة الذي اعترف بقتل الأطفال الثلاثة ودفنهم، بسبب عجز والدهم عن سداد الفدية المالية المطلوبة.

لكنّ الحاسي توضح أنّ حوادث مماثلة كثيرة لم تخرج إلى العلن أو لم يذع صيتها على نطاق واسع، لأنّها "وقعت بالتزامن مع أحداث الحرب التي طغت على المشهد في فترات متلاحقة". من تلك الحوادث، تذكر مقتل الطفل عبد الإله الدعدوش في عام 2016 خنقاً، قبل أن ينشر خاطفه صورته على منصات التواصل الاجتماعي، متوعّداً ذويه العاجزين عن توفير المال المطلوب بـ"المزيد". وبعد ذلك رمى جثة الطفل أمام منزل العائلة. وفي العام نفسه، عُثر على الطفل إيهاب المعداني مقتولاً بعد تعرّضه إلى التعذيب للأسباب نفسها. تضيف الحاسي أنّها وثّقت "في خلال الأعوام الخمسة التالية وقائع مشابهة لقي فيها أطفال المصير نفسه للأسباب نفسها، بعدما تحوّل خطف الأطفال إلى مصدر رزق لحملة السلاح المنفلت"، غير أنّها تشدد على أنّ "عودة الظاهرة بشكل منظّم يستدعي وقفة من المسؤولين وكذلك من المدافعين عن حقوق الطفل".

تجدر الإشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كانت قد دعت، في تقارير عدّة، إلى حماية أطفال ليبيا، فيما أشارت في أحدها إلى أنّ 400 ألف في طرابلس تعرّضوا لانتهاكات مختلفة. وكان مسؤولون في المنظمة نفسها قد أكدوا، في أكثر من مناسبة، أنّ 2.6 مليون طفل في حاجة إلى مساعدة في ليبيا، وأنّ الأطفال في البلاد يتعرّضون إلى أخطار مباشرة، بسبب فقدان الأمن وانتشار الجريمة وفوضى السلاح، الأمر الذي يجعلهم "أطفال حرب" بامتياز.

المساهمون