بين النشاطات الجديدة الخاصة بالمرأة الليبية وأدوارها المهمة في كل المجالات الاجتماعية، إعلان تأسيس "المجلس الأعلى لنساء فزان"، في نهاية ملتقى استضافته مدينة سبها (جنوب) أخيراً.
وأوضحت عضو اللجنة التحضيرية للملتقى، فاطمة الأزهري، أن الملتقى نظمته مجموعة ناشطات في الحقلين المدني والحقوقي وعضوات في البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، بهدف "تحقيق بيئة معرفية في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تسمح للمرأة بإيجاد فرص مناسبة لها، وتوفير دليل شامل لدعم حركة المرأة وتطويرها، وتوثيق دورها في كل المجالات، والعمل لنشره والتعريف به".
وحظي الحدث باهتمام رسمي وشعبي أكدته المشاركة الواسعة لعضوات في البرلمان والمجلس الأعلى للدولة والهيئة التأسيسية لصياغة الدستور. وأكدت عضو المجلس الأعلى للدولة، فاطمة أطليويح، أن "الملتقى انعقد بعد أشهر من الدراسة والاجتماعات مع كل القوى الفاعلة في الحراك النسوي في منطقة الجنوب". وأوضحت أن "الملتقى هدف إلى توحيد صف المرأة في الجنوب، وتعزيز عمل المنظمات المحلية المهتمة بحقوق المرأة. وتشكيل المجلس الأعلى لنساء فزان هو الأول من نوعه على صعيد درجة تمثيل كل نساء فزان داخل المجلس، ومناقشة الملفات الحقوقية والإنسانية والمجتمعية الخاصة بهن". وشددت على أن "الباب مفتوح أمام كل المؤسسات المهتمة بحقوق المرأة للانضمام إلى المجلس ودعم عمله".
إلى ذلك، أشارت عضو مجلس النواب فاطمة الصويعي إلى أن "الملتقى يعمل لجمع نساء فزان بعيداً عن التجاذبات السياسية، للمطالبة بحقوقهن السياسية والاقتصادية".
أما الناشطة الحقوقية بدرية الحاسي فأشادت بفعّالية المرأة في الجنوب الليبي، الذي شهد مبادرات عدة لتأسيس مؤسسات وكيانات خاصة كثيرة بها في الفترة الماضية.
وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، أعلن ملتقى "رائدات الجنوب" تأسيس "شبكة سيدات الجنوب"، لتعزيز مشاركة المرأة الليبية عموماً ونساء الجنوب خصوصاً في نشر السلام المجتمعي وتحقيق التنمية الاجتماعية والعمل لإزالة كل الفوارق بين الطبقات.
وأورد بيان ملتقى "رائدات الجنوب" أن "الهدف الأساسي لشبكة سيدات الجنوب هو تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً وفكرياً، من خلال عقد ملتقيات سنوية دائمة لمناقشة ملفات متعددة، بينها تمكين المرأة اقتصادياً في المجتمع، وفتح أسواق العمل أمامها". واعتبر البيان أن "مشاركة المرأة مع كل شرائح المجتمع يعزر السلم والسلام المجتمعي".
ورأت الحاسي، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "عقد هذه الملتقيات وإطلاق مؤسسات ومجالس نسوية يشيران إلى تنامي وعي المرأة بدورها الاقتصادي أيضاً، وعدم اقتصار طموحها الحالي على المطالبة بالمشاركة السياسية ونيل حصص في الانتخابات والحكومات".
وتكشف الحاسي أن "حراك النساء في الجنوب يناقش أيضاً إمكانية مشاركة المرأة في المصالحات الاجتماعية التي يتولاها عادة زعماء القبائل والعشائر، ما يشكل تغيّراً كبيراً في البنية الثقافية لمجتمع الأرياف والقرى المحافظة، وطريقة التفكير بمشاركة المرأة في معالجة ملفات الجنوب الليبي".
ويبدو أن تعدد مشاركات المرأة في المجالات الاجتماعية ومحاولتها تعزيز دورها لم يمنعاها من الاستمرار في المطالبة بحقوقها في المشاركة السياسية. والتقت مجموعة من الناشطات والمرشحات للانتخابات أخيراً المبعوث الأممي الخاص بليبيا، عبدالله باتيلي.
وأورد بيان صحافي أصدرته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن النشاطات والمرشحات للانتخابات بحثن المبادرة التي أطلقها باتيلي أخيراً والخاصة بتشكيل لجنة رفيعة المستوى لتسهيل عقد الانتخابات خلال العام الجاري. ونقل البيان عن باتيلي دعوته إلى "زيادة تمثيل المرأة في العملية السياسية خلال التحضير للانتخابات".
ويشيد الناشط المدني رمزي المقرحي باستمرار المرأة الليبية في محاولة فرض حضورها القوي في مجالات مختلفة، لكنه يستدرك بالقول لـ"العربي الجديد" إن "هذا الحضور ما زال ضعيفاً إذا جرت مقارنته بحجم التضحيات التي تقدمها المرأة".
ويعتبر أن "الحديث خاطئ عن أن الثقافة المجتمعية تحدّ من مشاركة المرأة، فالمعاناة لا تقتصر على عقبات المجتمع، ومن تلعب أدوارا رئيسية في إعالة أطفالها بعد موت زوجها، وتشكل نصف الكادر الوظيفي في الدولة جزء من التضحيات التي تتعمد شرائح التستر عليها وعدم التحدث عنها".
ويربط المقرحي الظاهرة بتجربة المرأة الحديثة في المشاركة السياسية بليبيا، "لكنني أعتقد بأن هذه الملتقيات تعزز الوعي بدور المرأة، في حين ما زالت النتائج بعيدة، وتحتاج المرأة بالتالي إلى وقت أطول للمطالبة بحقوقها".