ليبيا: أزمة الكتاب المدرسي مستمرة

24 أكتوبر 2022
دأ تلاميذ ليبيا العام الدراسي من دون كتب (عبد الله دومة/فرانس برس)
+ الخط -

نشرت الصفحة الرسمية لوزارة التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، على موقع "فيسبوك"، الإثنين الماضي، صوراً متعددة لجولة أجراها وزير التعليم، موسى المقريف، إلى المخازن الرئيسية، وأشارت إلى أن الوزارة بدأت نقل الكتاب المدرسي من المخازن الرئيسية إلى المخازن الفرعية في مختلف البلديات، ما يعني قرب موعد توزيع الكتب على الطلاب.
بدأ العام الدراسي الجديد صباح الأحد الماضي، وأكدت وزارة التعليم أن كافة المدارس في مختلف أنحاء البلاد فتحت أبوابها لاستقبال الطلاب "تنفيذاً للمواعيد الدراسية التي صدر بشأنها قرار وزير التربية والتعليم".
وشهدت ليبيا تضارباً كبيراً بسبب موعدين أعلنت عنهما وزارتا التعليم في الحكومتين القائمتين في البلاد، إذ قررت حكومة الوحدة الوطنية انطلاق العام الدراسي يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول، وأعلنت وزارة التعليم في الحكومة المكلفة من مجلس النواب بدايته في يوم 17 سبتمبر/أيلول الماضي.
وواجهت المدارس في كافة المناطق ارتباكاً كبيراً، ففيما بدأت مدارس في عدة مدن بمناطق شرق البلاد، ومنها بنغازي، العام الدراسي وفقاً للموعد المحدد من قبل وزارة التعليم بالحكومة المكلفة من مجلس النواب، تراجعت مدارس أخرى في غرب وجنوب البلاد عن فتح أبوابها بعد أيام من استقبالها للتلاميذ، وأعلنت عن تقيدها بالموعد الذي أعلنته وزارة التعليم بحكومة الوحدة الوطنية.

يستحضر مدير مدرسة القدس للتعليم الأساسي، عامر عبد الدائم، أزمة الكتاب المدرسي التي رافقت العام الدراسي الماضي، ويقول: "طلاب كافة المدارس الليبية أمضوا عاماً دراسياً كاملاً من دون كتب، وظلت الوعود تتوالى على مدار أشهر، وكنا في كل مرة نفرح مع الطلاب وأولياء الأمور، لكن مضى العام من دون تحقق شيء، واليوم لا نعرف إن كانت الوعود الحكومية ستتحقق، أم يتكرر ما جرى خلال العام الماضي".
في مطلع أكتوبر الجاري، عقد مدير مركز المناهج التربوية والبحوث التعليمية التابع لحكومة الوحدة الوطنية، كامل الويبة، مؤتمراً صحافياً، أعلن فيه أن عملية توزيع الكتاب المدرسي على كافة مدارس البلاد لن تتجاوز عشرة أيام بعد بداية العام الدراسي الجديد.
واستعرض الويبة في المؤتمر العراقيل التي حالت دون البدء في طباعة الكتب خلال العام الحالي، ومنها تأخر صرف الاعتمادات المخصصة للطباعة والتوريد حتى 11 سبتمبر الماضي، لكنه أكد أن مخازن الوزارة يتوفر فيها قبل البدء في الطباعة أكثر من 40 في المائة من حاجة مدارس البلاد من الكتب المدرسية.
وفي رصد جديد لأعداد الطلاب في المرحلة الأساسية، أوضح الويبة أن عددهم لهذا العام بلغ 1000420 تلميذاً وتلميذة، من بينهم 173700 جدد ممن سجلوا في الصف الأول الابتدائي.
ويعبر عبد الدائم، خلال حديثه لــ"العربي الجديد" عن استغرابه، قائلا: "أول ملامح عدم الدقة هو الإعلان عن أعداد الطلاب قبل وضوح نتائج الدور الثاني، خصوصاً في المرحلة الثانوية، فهل ستتوفر كميات إضافية من الكتاب المدرسي في حال زيادة أعداد الطلاب بعد ظهور نتائج الدور الثاني؟"، مستطرداً أن "غالبية الناس لا يثقون في الإعلانات الرسمية، بل تكون مبعثاً لاستمرار القلق".

مشكلات مدارس ليبيا متعددة (محمود تركية/ فرانس برس)
مشكلات مدارس ليبيا متعددة (محمود تركية/ فرانس برس)

توافقه المفتشة التربوية عبير بن غزي، الرأي، مؤكدة أن أغلب من تعرفهم من أولياء الأمور استعدوا للعام الدراسي بتوفير الكتاب المدرسي لأولادهم على حسابهم الخاص، وأن "منهم من قام بتوفير الكتب لأولاده بطريقة التصوير مبكراً تحسباً لارتفاع أسعار التصوير في حال حدوث العجز".
وتعبر بن غزي في حديثها لـ"العربي الجديد"، عن خشيتها من كل هذه الإعلانات الحكومية، موضحة أن "صور نقل الكتاب المدرسي من المخازن الرئيسية إلى الفرعية شاهدها الجميع أيضاً خلال العام الماضي، ولو توفرت كامل الكمية المطلوبة من الكتب لتم إعلان ذلك، لكن ما أخشاه أن تكون هذه الصور والإعلانات مجرد وسيلة لامتصاص غضب الطلاب ومديري المدارس، والخوف حالياً من إمكانية تصاعد الانقسام الحكومي، وتأثيره على انسياب توزيع الكتاب المدرسي، خصوصاً في المناطق التي لا تخضع لسيطرة حكومة الوحدة الوطنية".

يقول فرج عبد العليم، وهو مواطن من بنغازي: "التضارب قائم بالفعل، وبعض المدارس فتحت أبوابها الشهر الماضي بناء على الموعد المحدد من الحكومة الأخرى، ومن دون أن يتوفر أي شيء للطلاب، حتى أن الطباشير وأقلام لوحات الفصول يشتريها المدرسون على نفقتهم الخاصة".
وأضاف عبد العليم لـ"العربي الجديد": "الأزمات عادة ما ترافق التعليم، ولا ينتهي العام الدراسي إلا بأزمة من نوع آخر، فحتى لو توفر الكتاب المدرسي، فهناك أزمة نقص المدرسين في بعض التخصصات، وأزمة تعديل مواعيد الامتحانات، ومواعيد إعلان نتائجها، وكلها تتغير بشكل دائم، فضلاً عن إعلان مواعيد العطلات لأي سبب، كارتفاع درجات الحرارة، أو الأمطار، أو غلق الطرقات".

المساهمون