لماذا باتت سياتل الأميركية من أسوأ المدن في جودة الهواء عالمياً؟

21 أكتوبر 2022
تسبب الهواء المصحوب بالدخان في غياب أفق الرؤية في المباني الشاهقة (Getty)
+ الخط -

سجّلت مدينة سياتل الأميركية أسوأ جودة هواء في العالم، يومي الأربعاء والخميس، إذ غطّى سماءها مزيج كثيف من الضباب والدخان، ما رفع نسبة التلوث فيها. ومن المقرر أن تنحسر هذه الموجة من الدخان بعد تساقط الأمطار، ما قد يساعد في تحسين جودة الهواء بشكل أكبر.

وبحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أمس الخميس، فقد تفوقت المدينة، خلال اليومين الماضيين، بارتفاع نسب التلوث على مدن شهيرة مثل بكين في الصين ونيودلهي في الهند. ووصل مؤشر جودة الهواء في سياتل المعروف باسم AQI، إلى أكثر من 240 - وهو مستوى يُعرف بأنه "غير صحي للغاية" لجميع المجموعات، كما تسبب الهواء المصحوب بالدخان في غياب أفق الرؤية في المباني الشاهقة التي تعد جزءاً من هوية المدينة.

تعرضت المدينة، خلال الأسابيع القليلة الماضية، لطقس جاف وحار، وحطمت سياتل رقماً قياسياً في أكثر الأيام حرارة في أواخر الخريف، عند 88 درجة فهرنهايت، فيما شهدت واشنطن هطولاً للأمطار منذ يونيو/ حزيران الماضي، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، ما أدى إلى تفاقم مشكلة الملوثات في الهواء.

ووفق موقع مراقبة جودة الهواء IQAir، فإنّ تركيز PM2.5 في سياتل (أي جزيئات صغيرة أقل من 2.5 ميكرون) الذي ظهر في 20 أكتوبر/ تشرين الأول، كان أعلى 38 مرة من المبدأ التوجيهي السنوي الذي توصي به منظمة الصحة العالمية.

يعد تركيز PM2.5 مؤشراً ضاراً بالصحة العامة، إذ يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مشاكل الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، وقد ثبت أنّ التعرض الشديد المتكرر له يؤثر على إدراك الأطفال.

ويحدّد التلوث بوجود ملوثات يمكن أن يكون لها تأثير ضار على البيئة الطبيعية، وقد يكون للعديد من أشكاله تأثير سلبي واسع وطويل الأمد على صحة البشر أو النباتات والحيوانات أو النظم البيئية بأكملها.

ويتفاقم تلوث الهواء بشكل أساسي من خلال حرق الوقود الأحفوري. وأكبر المساهمين في ذلك المركبات التي تعمل بالوقود الأحفوري (السيارات والشاحنات والطائرات والسفن وما إلى ذلك)، ومحطات ومصانع الطاقة التي تعمل بالفحم أو النفط، فضلاً عن أي نشاط ينطوي على حرق الأخشاب، بحسب ما يورده موقع "وورلد بوبيوليشن ريفيو" الإحصائي.

يشير مقياس PM2.5 للتلوث أو الجسميات الدقيقة 2.5، بحسب وكالة حماية البيئة الأميركية، إلى الجزيئات أو القطرات الصغيرة الموجودة في الهواء والتي يبلغ قطرها 2.5 ميكرون (ميكروغرام) أو أقل من التلوث.

ويعد هذا النوع من الجسميات مصدر قلق على الصحة عند وجوده بتركيزات عالية، وتصدر مدن مثل نيويورك إشعاراً صحياً PM2.5 عندما تعتبر الظروف غير صحية للمجموعات الحساسة.

في السنوات الأخيرة، تسببت حرائق الغابات في زيادة عدد تحذيرات PM2.5 في العديد من المناطق، بما في ذلك أجزاء من أوروبا وأستراليا وأفريقيا وغرب الولايات المتحدة.

مؤشر مقلق

وعلّقت عالمة الأرصاد الجوية في خدمة الأرصاد الجوية الوطنية بسياتل مادي كريستل على هذه النتائج بالقول إنّ "تسجيل أسوأ جودة هواء في سياتل يعد صادماً"، موضحة أنّ جزءاً من المشكلة يعود سببه إلى الضغط المرتفع الذي منع العواصف من الاستقرار فوق المدينة، وأضافت "تسببت درجات الحرارة بإشعال الحرائق لفترات طويلة في الجبال المحيطة بسياتل، ما رفع نسبة التلوث".

بحسب مؤشر الدول الأكثر تلوثاً للعام 2022، احتلت بنغلادش المركز الأول، بـ77.1، ثم باكستان 59، فالهند 51.9، ومن ثم منغوليا 46.6، فأفغانستان 46.5، وعمان 44.40.

يأتي تفاقم تلوث الهواء في سياتل، في وقت يحاول فيه الباحثون فهم ما إذا كان دخان حرائق الغابات يتزايد، وكيف يؤثر على صحة الإنسان على الساحل الغربي وما وراءه.

وفي هذا السياق، يشير أستاذ علوم الأرض في جامعة ستانفورد مارشال بيرك، وهو أحد المؤلفين المشاركين في دراسة نُشرت في سبتمبر/ أيلول الماضي، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، إلى التغييرات التي تشهدها المدن غربي الولايات التحدة، ولذا تسعى المؤسسات البيئية إلى دراسة هذه التأثيرات، بهدف إيجاد حلول مناسبة لها.

وتظهر الدراسات بين عامي 2006 و2010 أنّ أقل من 500 ألف شخص كل عام تعرضوا ليوم واحد من المستويات القصوى من PM2.5. لكن بين عامي 2016 و2020 قفز هذا الرقم إلى أكثر من 8 ملايين. 

أساليب الوقاية

هل يعد البقاء داخل المنازل حلاً أساسياً للوقاية من تأثير التلوث؟ بحسب الخبراء، فإنّ البقاء في الداخل ليس بالضرورة حلاً، فقد أظهر موقع PurpleAir لمراقبة جودة الهواء، أنه حتى العديد من أجهزة استشعار الهواء في الأماكن المغلقة في سياتل، وتحديداً أمس الخميس، كانت تبلغ عن مؤشرات AQI بين 100 و150، وهو ما يمكن أن يكون خطيراً للعديد من المجموعات الضعيفة.

ولذا، ينصح الخبراء عادة، في حال ارتفاع مؤشر التلوث، بضرورة تشغيل أجهزة تنقية الهواء داخل المنازل والمصانع، من أجل الحصول على الهواء النظيف.

سعت منظمة الصحة العالمية إلى أن تبقي الملوثات عند 0-10 ميكروغرام/ متر مكعب، للحفاظ على الصحة العامة.

المساهمون