لقاحات كورونا تقلق ليبيا

05 ابريل 2021
ترتفع أعداد الإصابات بكورونا في ليبيا (مجاهد أيديمير/ الأناضول)
+ الخط -

لا تبدو قرارات الحكومة الليبية الجديدة، مع الإعلان عن قرب وصول أولى دفعات لقاح "أوكسفورد-أسترازينيكا" مريحة لجميع المواطنين، في ظلّ غياب الخطط البديلة

بينما كانت ليبيا تنتظر لقاح "أوكسفورد-أسترازينيكا" المضاد لكوفيد-19 لتبدأ حملة التحصين الوطنية، أعلنت وزارة الصحة، أمس الأحد، استلامها أكثر من 100 ألف جرعة من لقاح "سبوتنيك-في" من خارج مبادرة "كوفاكس". وكانت الحكومة الجديدة في ليبيا قد شدّدت في تصريحاتها على إيلاء ملف كورونا الأولوية في المرحلة الانتقالية الحالية. واستبقت نيلها الثقة من مجلس النواب (البرلمان) لتُصدر قرارات عدة، من بينها حلّ اللجان المشكلة من الحكومة السابقة لمكافحة تفشي الوباء في البلاد.

وشملت قرارات الحكومة حلّ اللجنة العلمية الاستشارية (تابعة للجنة العليا لمكافحة الوباء التابعة بدورها لحكومة الوفاق الوطني)، ولجنة توفير لقاح فيروس كورونا، واللجنة الاستثنائية للمشتريات الخاصة لمواجهة الجائحة التابعة للجنة العليا، في إطار إعادة النظر في كيفية مكافحة الوباء والحدّ من الفساد. وبعد عرض تشكيلته الحكومية على مجلس النواب، وقبل المصادقة عليها، أصدر رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة، أول قراراته لإعادة النظر في اللجان الفرعية التابعة للجنة العليا لمكافحة الوباء، عازياً السبب إلى فشل اللجان بالتعامل مع الجائحة في ظل "غياب نتائج ملموسة على الأرض". وبحسب المكتب الإعلامي للحكومة، فقد أكد دبيبة أنّ إدارة أزمة الجائحة بهذه الطريقة "لن تكون مقبولة بعد اليوم"، من دون أن يعلن عن خطته الجديدة في هذا الإطار. 

دبيبة خلال مؤتمر وطني حول كورونا (محمود تركية/ فرانس برس)
دبيبة خلال مؤتمر وطني حول كورونا (محمود تركية/ فرانس برس)

من جهته، يقول رئيس المركز الوطني لمكافحة الأمراض، بدر الدين النجار، إنّه خلال الأيام القليلة المقبلة، سوف يصل لقاح "أوكسفورد-أسترازينيكا" على دفعات، مشيراً إلى أنّ الدفعة الأولى هي عبارة عن 65 ألف جرعة، وذلك في إطار مبادرة "كوفاكس" للقاحات المدعومة من الأمم المتحدة، لافتاً إلى أنّ الكمية المنتظرة هي 340 ألف جرعة. يضيف: "ستتولى بعض المنظمات الدولية نقل الكمية كلها على دفعات" موضحاً أنّ السلطات الجديدة تعوّل على العقود التي أبرمت مع شركات كبيرة لاستيراد نحو ثلاثة ملايين جرعة من اللقاحات، إذ إنّ الـ340 ألف جرعة غير كافية في ظلّ تفشي الفيروس في البلاد. 
هذه القرارات لم تُزل مخاوف الطبيب الليبي والعضو في فرق الرصد والتقصي لمكافحة كورونا، رمزي أبو ستة، الذي يخشى تأخر وصول الجرعات. ويقول لـ "العربي الجديد": "ما من معلومات حتى الآن عن شكل اللجنة الجديدة الموحدة. أما كمية الجرعات المعلن عنها فلا علاقة لها بالعقود الرسمية التي أبرمتها الحكومة السابقة، كونها تأتي ضمن مبادرة كوفاكس". ويسأل عن مدى فعالية الدفعة الأولى على الأرض، خصوصاً أنّها ستستهدف شريحة الأطباء والمرضى في مراكز العزل.
ولم تعلن الحكومة عن مصير العقود المبرمة. وكان رئيس اللجنة العليا لمكافحة وباء كورونا المنحلة، خليفة البكوش، قد أعلن نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، عن إبرام سلطة حكومة الوفاق الوطني عقوداً مع أربع شركات عالمية لاستيراد 12 مليون جرعة من اللقاحات، مؤكداً أنّ أولى دفعاتها ستصل خلال مارس/ آذار الماضي، وهو ما لم يحصل.

وفي ما يتعلق بقرب وصول أولى دفعات لقاح "أوكسفورد-أسترازينيكا" يلفت أبو ستة إلى أنّه في ظلّ الجدال القائم حول جلطات رُبطت بتلقذي هذا اللقاح، لا بدّ من السؤال: "في حال طلبت منظمة الصحة العالمية من الدول التوقف عن استخدامه، فما البديل لدينا في ليبيا؟".
من جهتهم، يقول مسؤولون في وزارة الصحة إنّ الحكومة الجديدة ستسعى إلى استيراد لقاح "سينوفارم" الصيني. لكنّ الناشط خميس الرابطي يوضح أنّ المواطنين اعتادوا مثل هذه التصريحات "المسكّنة لهواجسهم". يضيف في حديث إلى "العربي الجديد" أنّ المعنيين يتحدثون عن قرب وصول الدفعة الأولى من أوكسفورد-أسترازينيكا من دون أيّ إشارة إلى تأمين جرعات كافية لجميع المواطنين. ويحذر من أن تقع الحكومة الجديدة فريسة الفساد في هذا القطاع على الرغم مما اتخذته من قرارات وأعلنته من تصريحات، إذ إنّ "غالبية المسؤولين الجدد في قطاع الصحة لا خبرة لديهم أو دراية بمشاكل القطاع". ويطالب الرابطي بإجراء إصلاحات سريعة في القطاع الصحي، معلقاً: "الخطر الحقيقي الآن يتمثل في تفشي الفيروس، وتقدّر نسبة المصابين بكورونا في مدن غرب ليبيا وحدها بنحو 20 في المائة من بين من يخضعون للفحوص يومياً". كذلك، يلفت إلى نقص كبير في الكوادر الطبية والأوكسجين. يتابع: "النسخ المتحورة الجديدة، وأخطرها الجنوب أفريقية، زادت من نسبة الوفيات في البلاد. ويتوجب على الحكومة أن تستعين بكوادر طبية من ذوي الخبرة من الخارج" محذراً من كيفية توزيع اللقاحات من دون خطة واضحة ومعلنة لتأمين وصولها إلى شرائح المجتمع كافة، في ظلّ المحسوبيات والوساطات.

المساهمون