يستفيق لبنان كل يوم على فاجعةٍ جديدة، تصيب أبناءه أو اللاجئين والمقيمين فيه على حدّ سواء. فعند رصيف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت، أضرم أحد اللاجئين السوريين النار بنفسه، صباح اليوم الخميس، ما أدّى إلى تدخّل عناصر الأمن التابعين للمفوضية، لمحاولة إخماد النيران وإنقاذه. وتمّ نقل اللاجئ إلى إحدى مستشفيات العاصمة، ليعتصم لاحقاً عددٌ من اللاجئين السوريين أمام مبنى المفوضية، رافعين لافتات مندّدة بالحادثة.
اللاجئ الذي لم تتّضح حالته الصحية لغاية كتابة هذا التقرير، والذي فضّلت المفوضية عدم الكشف عن هويته وعن اسم المستشفى المُعالج حفاظاً على خصوصيته، يعبّر عن معاناة وآلام آلاف اللاجئين وحتّى المواطنين، الذين بات الموت إمّا قدراً يوميّاً يلاحقهم أو سبيلاً يلجأون إليه للهروب من واقعهم المرير، علماً أنّ المسح الأخير الصادر عن المفوضية في شهر مايو/أيار 2020، نبّه إلى أنّ أكثر من 80 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر المدقع.
الجرح واحد
وفي اتصالٍ مع "العربي الجديد"، يسرد أحد اللاجئين الأفارقة المعتصمين أمام المفوضية منذ أكثر من عام، ما حصل ويقول: "بُحّ صوت اللاجئ السوري وهو يستجدي رداً من موظّفي المفوضية، غير أنّ أحداً لم يخرج للقائه والاستماع لهمومه وعائلته، ما دفعه إلى محاولة الانتحار عبر إشعال النار بنفسه".
وفي السياق، يؤكّد، خالد اليوسف، المتحدّث باسم اللاجئين السوريين المعتصمين أمام المفوضية، أنّهم "يعتصمون بشكلٍ دوري، منذ حوالي السنة، مرة أو اثنتين في الأسبوع، غير أنّ المأساة والمعاناة لم تنتهيا، بل تفاقمتا مع انتشار جائحة كورونا وبعد انفجار مرفأ بيروت". ويقول: "لقد طُردنا من منازلنا بعد عجزنا عن دفع الإيجار، وبتنا نحو مائة عائلة بحكم المشرّدين. فمنذ 23 يوماً ونحن، نساءً وأطفالاً ورجالاً، ننام في الشارع أمام مبنى المفوضية، تحت الأمطار والعواصف".
ويتابع اليوسف: "لم تجدِ آليات المفوضية أي نفع، سواء آلية الخط الساخن أو وعودهم الفارغة، لقد صمّوا آذانهم عن سماع مطالباتنا بحقوقنا المشروعة، فنحن من دون أيّ مأوى ولا طعام أو شراب. كلّها عوامل أدّت إلى أزمات نفسية، دفعت بالكثير من اللاجئين إلى التفكير بالانتحار أو حرق أنفسهم، وهذا ما حصل اليوم مع أحدهم بعد أن بلغ اليأس حدّه معه ووصل إلى مرحلة حرجة، فكان أن أشعل النار بنفسه".
المفوضية: حادثة مأساوية
من جهته، يوضح المسؤول الإعلامي لدى مكتب المفوضية في بيروت، عمر النعيم، لـ"العربي الجديد"، أنّه "وفي حادثة مأساوية هذا الصباح، حاول لاجئ سوري مسجّل مع المفوضية، حرق نفسه بالقرب من مركز الاستقبال. ولقد تمّ إنقاذ اللاجئ من قبل أفراد الأمن التابعين للمفوضية، ونقله لاحقاً إلى المستشفى من قبل الدفاع المدني اللبناني لتلقّي العناية الطبية اللازمة".
ويضيف: "إنّ المفوضية على اتصال وثيق بالعائلة والفريق الطبي في المستشفى لمتابعة حالته. وتركّز الجهود الآن على ضمان حصوله على الدعم الطبي اللازم. كما نتمنى أن تبقى هوية الضحية سرية للحفاظ على خصوصيته أثناء تلقّيه العناية الطبية اللازمة".