كيف تواجه الدول آثار تغير المناخ؟

22 يوليو 2023
أدت فيضانات جنوب السودان إلى تضرر مزروعات (سيمون ماينا/ فرانس برس)
+ الخط -

كانت مستويات ثاني أكسيد الكربون قبل عصر الصناعة حوالي 280 جزءاً في المليون. وفي عام 2017، قفزت هذه المستويات إلى 400 جزء من المليون. وعام 2023، اقتربنا من 420 جزءا في المليون. كانت المرة الأخيرة التي احتوى فيها الغلاف الجوي على نفس القدر من ثاني أكسيد الكربون كما هو الحال الآن، وفقاً لمجلة "وايرد" (WIRED) الأميركية، منذ أكثر من ثلاثة ملايين عام، عندما كانت مستويات سطح البحر أعلى بكثير، وحينها نمت الأشجار في القطب الجنوبي. 
حالياً، يمكن أن يقيد تغير المناخ مثل موجات الحرارة من قدرة الناس على العمل في الهواء الطلق. وفي الحالات القصوى، تعرّض حياتهم للخطر. وفي ظل سيناريو مناخ عام 2050 طورته وكالة ناسا (الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء)، يمكن أن يؤدي النمو المستمر للانبعاثات الدفيئة بالمعدل الحالي إلى زيادة الاحتباس الحراري بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050. 
وبينت الدراسات أن الدولة الأكثر تأثراً بتغير المناخ في السنة الماضية هي جنوب السودان، إذ تواتر الجفاف مع الفيضانات. ولما قام المزارعون بزراعة الذرة في شهر يونيو/حزيران الماضي، وجدوها مطمورة بمياه الفيضانات في شهر يوليو/تموز. من الواضح أن تغير المناخ يؤثر بشدة على الاقتصاد. أما الصحة، فيمكن لتغير المناخ أن يؤثر عليها عن طريق تدهور جودة الهواء والماء، وزيادة انتشار بعض الأمراض، وتغيير تواتر أو شدة الظواهر الجوية المتطرفة. ويهدد ارتفاع مستوى سطح البحر المجتمعات الساحلية والنظم البيئية، وتهدد فترات الجفاف الأطول والأكثر حدة المحاصيل والحياة البرية وإمدادات المياه العذبة. من الدببة القطبية في القطب الشمالي إلى السلاحف البحرية قبالة سواحل أفريقيا، ويتعرض تنوع الحياة على كوكبنا لخطر تغير المناخ. فكيف تواجه دول العالم تبعات تغير المناخ؟
في الواقع، تعمد الولايات المتحدة إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 50 ـ 52 في المائة أقل من مستويات عام 2005 في عام 2030، والوصول إلى كهرباء خالية من الكربون بنسبة 100 في المائة بحلول عام 2035، وتحقيق اقتصاد خالٍ من الانبعاثات بحلول عام 2050، وتحقيق 40 في المائة من الفوائد من الاستثمارات الفيدرالية في المناخ والطاقة النظيفة للمجتمعات المحرومة. 
وترى وكالة حماية البيئة الأميركية أنه يمكن أن يؤثر تغير المناخ على المجتمع من خلال التأثير على عدد من الموارد الاجتماعية والثقافية والطبيعية المختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤثر تغير المناخ على صحة الإنسان والبنية التحتية وأنظمة النقل، فضلاً عن الطاقة والغذاء وإمدادات المياه. وفي مكان آخر، حددت ألمانيا هدفاً لخفض الانبعاثات على مستوى الاقتصاد بنسبة 65 في المائة على الأقل بحلول عام 2030 و88 في المائة على الأقل بحلول عام 2040، مقارنة بمستويات عام 1990. كما تهدف ألمانيا إلى الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2045 (قبل خمس سنوات من هدف الاتحاد الأوروبي) وتحقيق انبعاثات غازات دفيئة سلبية بعد عام 2050. 

موقف
التحديثات الحية

ويشكل تغير المناخ مخاطر على بقاء الأنواع على الأرض وفي المحيط، وتزداد هذه المخاطر مع ارتفاع درجات الحرارة، وأصبح العالم يفقد الأنواع بمعدل 1000 مرة أكبر من أي وقت آخر في التاريخ البشري المسجل. وفي اليابان حيث يتتبعون تأثير تغير المناخ حتى عام 2100، مات الكثير من الشعاب المرجانية في البحار والمحيطات اليابانية بسبب ارتفاع درجات حرارة البحر وتحمض المحيطات. وتم العثور على بعوض النمر الذي ينقل حمى الضنك في مناطق أكثر شمالاً من ذي قبل. وتكشف حسابات Earth Simulator عن الزيادة اليومية في متوسط درجة الحرارة في اليابان خلال الفترة من 2071 إلى 2100. وعليه، تعهدت اليابان بأن تصبح متعادلة لناحية الأثر الكربوني بحلول عام 2050 بعدما كانت في عام 2019 خامس أكبر منتج لانبعاثات الكربون. 
وكانت اليابان عام 2017 مسؤولة عن 3.3 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم. أما الصين، فأطلقت أيضاً جهوداً كبيرة لتحسين التكيف مع المناخ ومرونتها، بما في ذلك وضع استراتيجية وطنية لزيادة حماية الأراضي الرطبة وأنواع الحيوانات، وزيادة نسبة الأراضي العشبية والمناطق الحرجية. استثمرت الحكومة بكثافة في السيارات الكهربائية. أخيراً، يبقى القول إنه من الصعب حل مشكلة تغير المناخ، لأنه لا توجد تقنية واحدة تفعل شيئاً واحداً لاستبدالها، ولكن هناك مجموعة متنوعة من التقنيات والتطبيقات المطلوبة لحل المشكلة. وصدق المثل القائل إن الإنسان لا يحصد سوى ما أتى به عمله.

(اختصاصي في علم الطيور البريّة)

المساهمون