كويتيات يشتكين من زيادة التحرّش

25 يناير 2021
المولات من أماكن التحرش الأساسية في الكويت (بيتر دينش/ Getty)
+ الخط -

تشكو كويتيّات من زيادة التحرّش بهنّ في أماكن العمل والمساحات العامة، في ظل غياب قانون رادع يحمي النساء ويعاقب المتحرشين

تُلاحَظ زيادة التحرش بالنساء في الكويت، وخصوصاً في المجمعات التجارية والأسواق وأماكن العمل والجامعات، في وقت تفتقر البلاد فيه إلى الحملات التوعوية، بالإضافة إلى عدم وجود نصوص قانونية واضحة تردع المتحرشين. من جهة أخرى، تغيب الإحصائيات المتعلقة بنسب التحرش. ولم يكن التحرش منتشراً في الكويت بسبب أعراف المجتمع القبلية التي تُحرّمه وتعاقب المتحرشين وفقاً لأحكام عرفية. ومع الوقت، زادت نسبة التحرش كثيراً. وتقول الناشطة شيخة العلي لـ"العربي الجديد" إن تحرش المراهقين في الشوارع بالنساء الأكبر سناً أو المراهقات بات أمراً شائعاً. تضيف: "ليس لدى الفتيات الشجاعة للبوح بتعرضهن للتحرش اللفظي خوفاً من عائلاتهن التي ستلجأ إلى حرمانهن الذهاب إلى المجمّعات التجارية أو الأسواق خوفاً عليهن. كذلك تعتقد بعض الفتيات أن التحرش اللفظي الذي يتعرضن له، مجرد كلمات إطراء وغزل، من دون أن يدركن التأثيرات النفسية عليهن". وتقول العلي إنها تتعرض للتحرش اللفظي مرات عدة لدى خروجها إلى الأسواق والمجمعات التجارية. "دائماً ما يتطرقون إلى جسمي فأتشاجر معهم. وقد لجأتُ إلى الشرطة مرات وتقدمت بدعاوى غالباً ما كانت تنتهي بفرض غرامات مالية على المتحرشين أو تبرئتهم لعدم وضوح النصوص القانونية". وقبل أيام، شهدت الكويت حادثة تحرش تداولها كثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي. وحدث أن توجّهت فتاة إلى الحديقة العامة في منطقة مشرف حيث تحرّش بها شابان لا يتجاوز عمرهما 18 عاماً. وعندما استنجدت بوالدها، طعنه أحدهما. وأعلنت وزارة الداخلية القبض على الشابان ووجهت إليهما تهمة الاعتداء بالضرب والتحريض على الفسق والفجور. 

ويشكو الناشطون والناشطات بسبب عدم تفاعل المجتمع مع قضايا التحرش بسبب الأعراف المجتمعية التي تنص على وجوب "الستر على المتحرشين" وإعطائهم فرصة أخرى، أو بسبب نفوذ الكثير من المتحرشين في أماكن عملهم، أو بسبب شهرة بعضهم.   
وتقول مواطنة (29 عاماً) فضلت عدم الكشف عن اسمها، وتعمل في إحدى الوزارات، إن مديرها السابق دأب على محاولة التحرش بها لفظياً مرات عدة. إلا أنها خافت من تقديم شكوى بحقه لعلمها بعدم وجود قوانين حازمة وعدم تصديق المرأة غالباً في حال تعرضها للتحرش في أماكن العمل، فاختارت الانتقال إلى قسم آخر هرباً من مديرها. 
كذلك تنتشر ظاهرة مطاردة الفتيات بالسيارات من شارع إلى آخر، ما يؤدي إلى حوادث مرورية توفيت بسببها العديد من الفتيات وفق ما تقول سارة بهبهاني لـ"العربي الجديد". وتعرضت الأخيرة للملاحقة من أحد شوارع العاصمة الكويت إلى منزلها في منطقة الجابرية، حيث اصطدمت بسيارة أخرى وهي تحاول الهرب داخل منطقتها، ما أدى إلى إصابتها في الكتف. 
ولم تستطع الانتباه إلى رقم سيارة من كان يطاردها بسبب الارتباك، لكنها قالت إن الملاحقة بالسيارات تنتشر بكثرة في البلاد.   
ولا يوجد قانون في البلاد لمكافحة التحرش وتجريمه. أحد الأسباب ضعف دور منظمات المجتمع المدني لانشغالها بقضايا أساسية أخرى تخص المرأة والطفل. يشار إلى أن اقتراح قانون التحرش بالمرأة ما زال حبيس أدراج مجلس الأمة (مجلس النواب)، على الرغم من تقديمه إلى اللجان التشريعية أكثر من مرة. وتنصّ المادة الـ200 من قانون الجزاء الكويتي (16/ 1960) على عقوبة الحبس لمدة سنة واحدة أو غرامة قدرها 2000 روبية (عملة الكويت قبل الاستقلال) بحقّ كل من يتهم بـ"التحريض على الفجور والدعارة والقمار". وعادة ما تستخدم هذه المادة في قضايا التحرش. لكن غالباً ما ينجو منها المتحرشون بسبب عدم انطباقها بشكل كامل عليهم. 
في هذا السياق، تقول المحامية علياء الكاظمي لـ"العربي الجديد": "ليس هناك نصوص تجرّم التحرش أو تعاقب عليه في الكويت بشكل واضح حتى الآن، وما يفعله المحققون أو وكلاء النيابة، تكييف القضية على نصوص قانون الجزاء الذي كتب قبل كتابة الدستور وقبل استقلال البلاد أصلاً، وهو أمر شائع في القضايا التي ليس لها نصوص واضحة. والمادة الـ200 التي تنص على تحريم أفعال الفجور والدعارة متعلقة بممارسة أعمال البغاء وليست متعلقة بالتحرش اللفظي أو الجسدي". تضيف: "من غير المعقول في عام 2021، وفي وقت تنتشر فيه حملات فضح التحرش في كل أنحاء العالم وتحظى بصدى كبير في الصحف العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي، ألا يكون هناك محاسبة للمتحرشين في الكويت بسبب انعدام القوانين التي تحمي فاضحي التحرش وانعدام وجود قوانين تجرّم التحرش وبالتالي عدم محاسبة المتحرشين". 

وعمدت كويتيات إلى فضح متحرشين بهنّ على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن قوانين النشر الإلكتروني التي تحمي خصوصيات الأفراد في حال عدم إدانتهم أدت إلى رفع العديد منهم (المتحرشين) دعاوى على هؤلاء النساء اللواتي تعرضن للتحرش. وحكمت المحاكم بتعويض مالي للمتحرشين نتيجة الإضرار "بسمعتهم وشرفهم" وعدم وجود حكم نهائي بحقهم.

المساهمون