كليات الطب الأهلية تهدد التعليم في العراق: تبعية حزبية وربح مادي

09 نوفمبر 2022
تحذيرات من نتائج سلبية لتخريج طلاب غير مؤهلين لممارسة الطب (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

دعا مسؤولون عراقيون إلى وقف استحداث كليات الطب الأهلية في البلاد، والتي لا تعتمد معايير قبول الطلاب في نظيراتها من الكليات الحكومية، وسط تحذيرات من النتائج السلبية لتخريج آلاف الطلاب سنويا غير المؤهلين علميا لممارسة مهنة الطب، مؤكدين أن تلك الكليات تسعى لتحقيق الأرباح فقط على حساب التعليم.

وتثير الأعداد الكبيرة لكليات الطب العام وطب الأسنان والصيدلة الأهلية، التي تستحدث بالعراق منذ العام 2003، والتي تخرّج سنويا آلاف الطلاب، ممن ينافسون خريجي الكليات الحكومية على التعيينات والعمل، جدلا سنويا، وشكاوى متكررة من وزارة الصحة ونقابة الأطباء. 

ولا تعتمد الكليات الأهلية على معيار المعدل العالي لقبول الطلاب، على غرار الكليات الحكومية، بل هناك فارق كبير جدا بين معدل قبول الطالب المتخرج من المرحلة الثانوية في الكليات الحكومية، ومعدل الخريج المتقدم إلى الكليات الأهلية.

وكانت وزارة التعليم العالي قد قررت منذ نحو عامين وقف افتتاح الكليات الأهلية تخصص الطب العام، غير أن وزير التعليم العالي الجديد، نعيم العبودي، وهو قيادي في جماعة "عصائب أهل الحق" المسلحة، ألغى قبل أيام قرار وقف استحداث كليات الطب الأهلي، ووقع على افتتاح كليات جديدة، بينما ينتظر التوقيع على كليات أخرى، كما أنه وجّه بخفض مستوى معدلات القبول في الطب الأهلي وطب الأسنان والصيدلة إلى 89%، في وقت لم تقبل كليات الصيدلة الحكومية لهذا العام معدلات دون 98.29%، والطب العام 99%.

عضو لجنة الصحة في البرلمان السابق، جواد الموسوي، أكد في بيان، أنه "تم أمس الأول الإثنين استحداث ثلاث كليات طب عام أهلية على الرغم من قرارات مجلس الوزراء بالتريث في استحداث الكليات الأهلية، وتوصيات لجنة القرار 92 وبيانات النقابات المهنية، وكتب أعضاء البرلمان ولجنة التعليم البرلمانية"، معتبرا ذلك الإجراء "من المخالفات الجسيمة لقانون التعليم العالي الأهلي، وقرارات وزارة التخطيط".

وأضاف الموسوي أن "العراق لديه 36 كلية بالتخصصات الطبية حاليا، وهي أكثر من كليات الطب في بريطانيا"، مضيفا أنه "في عام 2027 سيكون عدد الأطباء في العراق أكثر من 95 ألف طبيب، وكل هذه الزيادة بالخريجين من الأطباء يرافقها نقص شديد بالبنى التحتية للكليات الطبية، وخاصة المستحدثة والأهلية، مع عدم توفر كوادر التدريس، وعدم وجود مستشفى تعليمي يتضمن أدنى متطلبات الوزارة، وبالإضافة إلى نقص شديد في المستشفيات".

وشدد المتحدث ذاته: "لا يمكن استمرار فتح دكاكين تجارية لتخريج أنصاف أطباء"، معتبرا أن الهدف "هو الربح المادي فقط، وبضغط من جهات معروفة، حيث تم تغيير أعضاء لجان الاستحداث الرصينة واستبدالهم بآخرين"، داعيا إلى "تشكيل لجنة رصينة لتدقيق الملف وإحالة المقصرين إلى القضاء"، محملاً المسؤولين عن هذه الاستحداثات، وخاصة اللجان التي وافقت على الاستحداث، المسؤولية الكاملة "لأنهم إما خضعوا للضغط أو ضللوا الوزارة"، كما دعا هيئة النزاهة ولجنة النزاهة والتعليم البرلمانية إلى فتح "تحقيق فوري بالموضوع".

من جهتها، لم ترد وزارة التعليم العالي بشكل رسمي على ما سبق، ولم تبين حتى مبرراتها لاستحداث تلك الكليات.

التبعية السياسية للكليات الأهلية

وفي السياق، حذر عضو نقابة الأطباء العراقيين، فلاح السعدي، من خطورة تلك الكليات على رصانة التعليم في العراق، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أنه "من المعروف أن أغلب الجامعات الأهلية هي تابعة لأحزاب معينة وشخصيات سياسية متنفذة في الحكومة، وأن هذا الارتباط ومحاولة تلك الجهات الحصول على الربح المادي فقط خطيران على مستوى التعليم بالعراق"، مبينا أن "تلك الجهات لها تأثير على وزارة التعليم وتدفعها لإصدار القرارات التي تصبّ في صالح تلك الكليات بالنسبة لخفض معدلات القبول، والطاقة الاستيعابية لأعداد الطلاب، وموافقات افتتاح كليات جديدة، وأن كل ذلك يجري من دون تخطيط مسبق".

وشدد السعدي: "سنواجه بطالة في كليات المجموعة الطبية، فأعداد الخريجين من الجامعات خارج البلاد، وبعضها غير رصينة، وأعداد الخريجين من الكليات الأهلية، تسببت بتخريج جيوش في التخصصات الطبية، وأثر ذلك على أعداد الخريجين من الجامعات الحكومية الرصينة"، مشيرا إلى أن "خفض معدلات القبول بالكليات الأهلية منح فرصة القبول لآلاف الطلاب غير المؤهلين لأن يكونوا أطباء أو صيادلة، لقدرتهم المادية على تحمل تكاليف الدراسة".

ودعا عضو نقابة الأطباء العراقيين وزارة التعليم إلى "التراجع عن قرار استحداث كليات جديدة، والتراجع عن قرار خفض معدلات القبول في الكليات الأهلية، لما فيه من مخاطر كبيرة بتخريج طلاب لا كفاءة لهم".

وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، انتقد مدونون ومثقفون قرارات استحداث الكليات الأهلية.

وقالت المدونة أم زينب: "وزير التعليم العالي نعيم العبودي يوافق على استحداث ثلاث كليات أهلية للطب العام بكربلاء (كليتا الكفيل والعين) وكلية طب فرع جامعة طهران"، معتبرة ذلك "نكسة كبيرة بالتعليم الجامعي... هذه خطة لتدمير الطب بالعراق".

المساهمون