فرونتكس: انخفاض اللجوء نحو أوروبا عبر وسط المتوسط

26 اغسطس 2024
شهدت سواحل إسبانيا زيادة في اللجوء بنحو 154%، 22 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تراجع تدفق المهاجرين في مسارات تقليدية**: التعاون الأوروبي مع دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، مثل تونس وليبيا، قلل تدفق المهاجرين بنسبة 64% في مسار وسط المتوسط و75% في مسار غرب البلقان.

- **زيادة في مسارات بديلة**: ارتفع عدد المهاجرين عبر مسار قوارب ساحل الغرب الأفريقي باتجاه جزر الكناري بنسبة 154%، وزاد عدد الواصلين في شرق المتوسط بنسبة 57%، وعابري بحر المانش نحو بريطانيا بنسبة 22%.

- **التحديات والانتقادات**: تواجه السياسات الأوروبية انتقادات من منظمات حقوقية بسبب انتهاكات ضد المهاجرين في تونس وليبيا، وضغط متزايد على نظام اللجوء في دول مثل إسبانيا.

تظهر الأرقام الجديدة الصادرة عن وكالة حراسة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي (فرونتكس)، أن زيادة التعاون الأوروبي مع دول الجوار، وتحديدا في جنوبي البحر الأبيض المتوسط، جنّبت القارة حدوث أزمة مهاجرين كبيرة، كتلك التي واجهتها القارة بين 2014 و2016. ومع أن السياسة التي ينتهجها الأوروبيون في السيطرة على الحدود الخارجية خففت العبء عن بعض دول مسار اللجوء وسط "المتوسط"، إلا أن الأرقام توضح انتقال ذلك العبء إلى مناطق أخرى.


ويفيد تقرير وكالة فرونتكس بأنه في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي 2024 انخفض تدفق اللاجئين/المهاجرين في اثنين من أكثر طرق ازدحاما نحو أوروبا، وسط البحر الأبيض المتوسط وغرب البلقان، اللذين شكلا لعقدين ماضيين مسارا لمئات آلاف طالبي الهجرة واللجوء من خارج أوروبا. وواجهت أوروبا ما سمي بـ"أزمة اللجوء" في 2015، بعد خلافات بين دولها على تحمل أعباء مئات آلاف وصلوا عبر مسار البلقان ومسارات أخرى. 

وفي ذات السياق، ووفقا لحسابات وكالة فرونتكس، وصل إلى دول الاتحاد الأوروبي في الأشهر السبعة الماضية أكثر من 113 ألف طالب لجوء (مائة وثلاثة عشر ألفا وأربعمائة مهاجر). وفي ذلك تراجع بنحو 36% عن نفس الفترة من 2023.

اللجوء يتراجع في مسار وسط البحر المتوسط

ويبرز التراجع بنسبة 64% في مسار وسط المتوسط، الذي يشهد عادة حركة كثيفة من شواطئ تونس وليبيا نحو جزر إيطالية بصفة خاصة. وبالأرقام لم يصل أكثر من نحو 32 ألفا خلال هذا المسار في الأشهر الماضية من هذا العام، بحسب ما نشرته خريطة الوكالة الأوروبية.

وتعيد وكالة فرونتكس تراجع قوارب اللجوء إلى "التدابير الوقائية التي اتخذتها السلطات التونسية والليبية لعرقلة أنشطة المهربين". ويمثل الوافدون من هذين البلدين 95% من جميع المهاجرين الذين تم الإبلاغ عنهم في هذا المسار المتوسطي. وتمنح الأرقام رئيسة حكومة إيطاليا اليمينية المتشددة، جيورجيا ميلوني ارتياحا وسعادة، باعتبارها أنها كانت المحرك الرئيسي في اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع العديد من دول شمال أفريقيا، والتي يبدو أنها بدأت تؤتي ثمارها.

وفي المقابل، تشير منظمات حقوقية أوروبية ودولية، ومن بينها منظمة العفو الدولية (أمنستي)، إلى أن "الشرطة التونسية لا تقوم فقط باعتقال مجموعات كبيرة من الأفارقة السود، بل تتركهم في مناطق صحراوية مقفرة".

وتشدد أمنستي على أن القبضة الأمنية وعمليات الصد بحق قوارب المتوسط بتكثيف دوريات خفر السواحل التونسية والليبية والأوروبية لصد قوارب اللجوء قبل وصولها المياه الإقليمية لإيطاليا وجزر أخرى في المتوسط باتت تخيف الباحثين عن الهجرة من خلال تونس وليبيا.

وفي مسار غرب البلقان، تفيد الأرقام بتراجعه بنسبة 75%، ولم يعبر منه نحو حدود الاتحاد الأوروبي سوى حوالي 12 ألفا، وأغلبيتهم من سورية وأفغانستان وتركيا والمغرب وباكستان هم أكثر الجنسيات التي تحاول العبور من صربيا.

وعزز المعسكر الأوروبي تعاونه مع دول البلقان، وبالأخص صربيا، بعد أن شهد ذلك في أواخر العام الماضي وبداية الحالي زيادة في أعداد الواصلين؛ قبل انخفاضه في الأشهر الأخيرة، عبر صربيا والبوسنة وصولا إلى كرواتيا العضو في الاتحاد الأوروبي.

ومنذ بداية العام الحالي، دأبت بلغراد على اتخاذ إجراءات صارمة ومتشددة لمنع وصول العابرين من البوسنة، وخاصة من خلال نهر درينا الحدودي، وذلك بعد اتفاقها مع أوروبا لضبط الحدود ومنع تدفق طالبي اللجوء، وإعادتهم إلى الحدود التي وصلوا منها. وتنتقد عديد المنظمات الحقوقية عمليات صد اللاجئين، معتبرين ذلك انتهاكا لحق دراسة طلب اللجوء.

مع ذلك، واستنادا إلى أرقام وكالة فرونتكس نفسها، فإن الانخفاض في مسار بعينه قد يقابله ارتفاعا في آخر، وذلك ما يشهده مثلا مسار قوارب ساحل الغرب الأفريقي على المحيط الأطلسي باتجاه جزر الكناري التابعة لإسبانيا بزيادة بنحو 154%، حيث وصلها أكثر من 22 ألف طالب لجوء أفريقي. واشتكت مدريد خلال الأشهر الأخيرة من أن استمرار زيادة التدفق الأفريقي إلى الكناري يساهم في انهيار نظام اللجوء ومتابعة القادمين الجدد.

وبرغم أن إسبانيا ودولا أوروبية تتعاون مع دول مثل السنغال وموريتانيا والمغرب، فإن مدريد تحذر من فقدانها السيطرة إذا لم يصبح الجهد والتمويل أوروبيا مشتركا. وتشير منظمات دولية إلى أن تزايد معاناة الأفارقة بسبب الجفاف والانقلابات العسكرية والصراعات السياسية تدفع بعشرات الآلاف من أفريقيا نحو البحث عن مستقبل أفضل لهم ولأسرهم.

إذا، ومع أن أرقام مسار وسط البحر الأبيض المتوسط جنبت أوروبا هذا العام من "أزمة لجوء"، إلا أن شرق المتوسط شهد ارتفاعا بنسبة الواصلين بنحو 57% مقارنة بالعام الماضي. أضف إلى ذلك أن الأشهر السبعة الماضية شهدت زيادة عابري بحر المانش نحو بريطانيا بنحو 22%، وبواقع أكثر من 33 ألف شخص، ذلك رغم الإجراءات الأمنية للأخيرة بالتعاون مع فرنسا.

في كل الأحوال، من الواضح أن التعاون الداخلي في الاتحاد الأوروبي ومع دول الخارج لحراسة حدوده بات يثمر عن انخفاض في مسارات تقليدية، غير أن ذلك في المقابل يفتح مسارات أخرى، من بينها عبر شواطئ غرب أفريقيا وشرق المتوسط. أضف إليه قلق أوروبا من مسار آخر نحوها مباشرة من خلال حدودها الشرقية، وذلك باتهام روسيا وبيلاروسيا بإغراقها باللاجئين، وتلك قصة تؤرق بولندا ودول البلطيق وفنلندا، وبالطبع من خلفهم عموم أوروبا، التي ما أن تسد ثغرة مسار حتى يُفتح نحوها مسار بديل.

المساهمون