يعود ملف المهاجرين التونسيين غير النظاميين إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، بعد تداول تصريح المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابرييل أتال، في حوار أجرته معه القناة الفرنسية "سي نيوز" وتناقلته مختلف وسائل الإعلام المحلية.
وأفاد أتال في هذا الحوار، تعليقاً على ملف ترحيل مهاجرين غير نظاميين من الأراضي الفرنسية، بوجود تعاون تونسي في هذا الإطار وترحيل مئات التونسيين من فرنسا، بعد حصولهم على التصاريح القنصلية.
تصريح يؤكّد من جديد خضوع تونس للضغوط الأوروبية في معالجة ملف الهجرة غير النظامية والتي كانت من نتائجها على أرض الواقع المقاربة الأمنية التي اعتمدتها السلطات التونسية وأسفرت عن منع نحو 20 ألف مهاجر سري من الوصول إلى إيطاليا خلال سنة 2021، بالإضافة إلى قبول ترحيل المئات من التونسيين من عدة دول أوروبية وإعادتهم إلى أرض الوطن.
ورغم إثارة تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال جدلاً، فإنّ هذه الإجراءات كانت متوقعة بالنسبة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. إذ يقول المتحدث باسمه رمضان بن عمر، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إنّه "منذ أن أعلنت الحكومة الفرنسية عن التشديد في الإجراءات المتعلقة بمنح التأشيرات لمواطني تونس والمغرب والجزائر، أعربنا عن تخوفنا من موقف السلطات التونسية".
ويضيف: "اتّسم الموقف التونسي من قضايا الهجرة في السنوات الأخيرة بالهشاشة الكبيرة والتعاون المفرط الذي فاجأ الأوروبيين في حدّ ذاتهم. فأظهر الجانب التونسي على أنه مستعد لتقديم كل التنازلات في علاقة بهذه القضية لإرضاء شركائه الأوروبيين حتى لو كانت على حساب حقوق المهاجرين".
ويوضح بن عمر: "من المهم التأكيد أنّه لم يتم احترام التراتيب الإجرائية للأشخاص المشمولين بقرارات الترحيل من السلطات الفرنسية. فأغلب الملفات في طور التسوية من أجل الحصول على شهادات الإقامة والبعض من الموقوفين يعملون وليس في حقهم أي تتبعات قانونية".
ويقول الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إنّ "من بين هؤلاء الصادرة في حقّهم قرارات الترحيل والمرحّلين في السابق، من لهم عائلات أو من قد ينضافون إلى قائمة المشرّدين. فالدولة التونسية عندما تساهم في إعادة المئات من التونسيين من فرنسا وإيطاليا وألمانيا، فإنها تساهم أيضاً في زرع الإحباط والفشل باعتبار أن ليس لها أي استراتيجية لاستقابلهم وإعادة إدماجهم بالمجتمع التونسي".
ويُضيف: "بسبب سياسات دول الاتحاد الأوروبي هذه، التي لا تحترم حقوق المهاجرين، وخضوع السلطات التونسية المؤسف لهذه الضغوط من أجل ضمان الدعم السياسي لتونس في هذه الفترة، فإنّ أزمة ملف الهجرة غير النظامية ستتعمق أكثر فأكثر".
وهو ما يعكس أيضاً، وفق قوله، أن "الجانب التونسي ليس لديه أي أرضية صلبة تمكنه من التفاوض مع أوروبا وليس لديه أي استراتيجية ولا مبادئ واضحة فهو مستعد للتنازل عن جزء من سيادته وعن حقوق المهاجرين التي تضمنها المعاهدات الدولية في سبيل إرضاء الجانب الأوروبي".
ويضيف رمضان بن عمر أنّ "عدد الذين ينتظرون ترحيلهم من التراب الفرنسي يفوق 3 آلاف تونسي، وهو ما يجعلنا نعرب من جديد عن تخوفاتنا الشديدة من تبعات ترحيلهم من الناحية الاجتماعية والحقوقية".
تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات الفرنسية قد قررت أواخر شهر سبتمبر الماضي، تشديد شروط منح التأشيرات وتخفيض عددها بنسبة 50 % لمواطني الجزائر والمغرب، وبنسبة 30% بالنسبة لتونس. وذلك رداً على رفض الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين غير النظاميين.