على الرغم من التوعية الحاصلة بعد موجة "مي تو" me too، لا يزال التمييز ضد النساء موجوداً في فرنسا، في ظل سلوكيات ذكورية لدى الشبان، كما ورد في تقرير للمجلس الفرنسي الأعلى للمساواة نشره اليوم الإثنين، يطالب بـ "تنظيم المحتويات الرقمية". وتفيد الهيئة الاستشارية المستقلة في تقريرها بأن "التمييز على أساس الجنس لا يتراجع في فرنسا. على العكس من ذلك، بعض تجلياته الأكثر عنفاً تتفاقم وتطال بالدرجة الأولى الأجيال الشابة". يضيف التقرير: "بعد خمس سنوات على موجة مي تو، لا يزال المجتمع الفرنسي يعاني من التمييز على أساس الجنس في مختلف دوائره العامة والخاصة والمهنية والإعلامية".
ويشير المجلس إلى أن "الرأي العام يقر وينتقد وجود تمييز على أساس الجنس، لكنه لا ينبذه في الممارسة العملية، بشكل أساسي لدى الرجال"، وفق التقرير الذي يستند إلى الأرقام الرسمية، وإلى مؤشر تابع لمعهد "فيا فويس" يتناول 2500 شخص من فئات تمثل الشعب الفرنسي. ومن المقرر أن تحل رئيسة المعهد سيلفي بيار بروسوليت ضيفة على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد غد الأربعاء، لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التمييز على أساس الجنس. ويشارك المجلس الفرنسي الأعلى للمساواة هذا الأسبوع في حملة توعية، وسيطلق الأربعاء "محاكمة ضد التمييز على أساس الجنس" تقيمها جمعية "معاً ضد التمييز على أساس الجنس"، وتختتمها الوزيرة الفرنسية للمساواة بين الجنسين إيزابيل روم.
وتبدي 80 في المائة من النساء انطباعاً بأنهن تلقين خلال حياتهن معاملة أدنى من نظرائهن الذكور بسبب نوعهن الاجتماعي. كما أن 14 في المائة من الفرنسيات يقلن إنهن قمن بـ"عمل جنسي خارج عن إرادتهن"، و37 في المائة يقلن إنهن واجهن أوضاعاً بغير رضاهن في 14 في المائة من العلاقات الجنسية، بينها إقامة علاقات من دون وسائل وقاية بسبب إلحاح الشريك (12 في المائة)، أو من دون تراض تحت تأثير الكحول أو المخدرات (7 في المائة).
ويقود التمييز على أساس الجنس تسع نساء من كل عشر شملهنّ التقرير إلى التخلي عن أمور معينة، بينهنّ النصف يتخلين عن الخروج أو ممارسة أنشطة بمفردهنّ أو ارتداء الملابس التي يرغبن بها. وتخشى ثماني نساء من كل عشر العودة بمفردهن إلى المنزل خلال الليل.
ويبدي الرجال من جانبهم انطباعاً بأنهم "غير معنيين" بالموضوع، إذ يشعرون أنهم ليسوا شخصياً مسؤولين عن سلوكيات جنسية، حتى أن ربع هؤلاء يرون أن ما يحكى عن الاعتداءات الجنسية "مبالغ فيه". وحذر المجلس من "تفاقم الوضع مع بروز ظواهر جديدة بينها العنف عبر الإنترنت والخطاب العنيف بشكل متزايد على الشبكات الاجتماعية والهمجية في إنتاجات كثيرة في صناعة الأفلام الإباحية وتوسع دائرة ذكورية معادية للنسوية".
ويشير إلى أن السلطات العامة "لا تُظهر أداء بمستوى التحديات المرتبطة بهذه المسائل". وفي وقت يبدو الرجال فوق سن 65 عاماً أكثر "محافظة" وتمسكاً بالتوزيع التقليدي للأدوار بين الجنسين، يلاحظ المجلس الفرنسي الأعلى للمساواة وجود "كليشيهات ذكورية" أيضاً لدى الأشخاص دون سن 35 عاماً، إذ يعتبر ربع هؤلاء أن زيادة الاحترام تتطلب أحياناً ممارسة العنف. ويرى نصف هؤلاء أن الصورة التي تروج لها الأعمال الإباحية عن المرأة ليست سليمة، في مقابل 79 في المائة لدى الرجال في سن 65 عاماً وما فوق.
ويدعو المجلس في تقريره إلى "تدابير رئيسية" تشمل "تنظيم المحتويات في القطاع الرقمي لمكافحة الصور النمطية وطرق التمثيل التي تنطوي على ازدراء ومشاهد العنف التي باتت تُصوّر كأنها أمر عادي، خصوصاً في المقاطع المصورة الإباحية". كما يطالب بإنشاء "هيئة عليا مستقلة لمكافحة العنف على أساس الجنس في السياسة". ويوصي بتعزيز "الموارد المالية والبشرية القضائية على صعيد الهيئات التشريعية المكلفة معالجة مسائل العنف داخل العائلات، على غرار الجهود في إسبانيا"، وأوكلت الحكومة للبرلمان إطلاق تشكيل لجنة للبحث في مثل هذه القضايا المتخصصة.
ولتغيير العقليات، أوصى المجلس الفرنسي الأعلى للمساواة بمنع الإعلانات للألعاب الموجهة إلى جنس معين وربط المساعدات العامة بشروط مرتبطة بالمساواة بين الجنسين في المؤسسات.
(فرانس برس)