غوتيريس: كوكب الأرض في حالة تدهور والإنسان يشن حرباً انتحارية ضد الطبيعة

03 ديسمبر 2020
غوتيريس يحث على الحفاظ على كوكب الأرض (الأناضول)
+ الخط -

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إن كوكب الأرض في حالة تدهور وإن الإنسان يشن حربا انتحارية ضد الطبيعة، معتبراً التعافي من تداعيات جائحة كورونا وإصلاح كوكبنا وجهين لعملة واحدة، خلال محاضرة ألقاها الأربعاء في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك. 
وتأتي كلمة غوتيريس حول البيئة وحالة الكوكب عشية عقد قمة دولية رفيعة المستوى حول فيروس كورونا واللقاح في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سيشارك فيها عن بعد مسؤولون رفيعو المستوى بينهم قادة دول، تستمر ليومين ومن المتوقع أن يتم الربط فيها بين البيئة والخطوات المستقبلية التي يجب اتخاذها لمحاربة تبعات كورونا.
وتحدث غوتيريس عن جائحة كورونا المدمرة كما عن مستويات لم يسبق لها مثيل من الاحتباس الحراري ومستويات جديدة من تدهور النظام البيئي، محذراً من النكسات التي تقف بين العالم وبين تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقال إن "التنوع البيولوجي ينهار كما أن هناك مليون فصيلة معرضة لخطر الانقراض"، لافتاً إلى "زيادة التصحر ونقص نسبة الأراضي الرطبة، ناهيك عن فقدان عشرة ملايين هكتار من الغابات سنويا والإفراط في الصيد واختناق المحيطات من النفايات البلاستيكية".
وتابع قائلا "يؤدي ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه إلى تحمض البحار، وتبيضّ الشعاب المرجانية وموتها. ويقتل تلوث الهواء والماء 9 ملايين شخص سنويا، وهو أكثر من الحصيلة الحالية للجائحة بست مرات". 
ثم لفت الانتباه إلى أنه ومع توسع الرقعة التي يعيش عليها البشر والماشية ودخولهم أكثر إلى البرية وإخلائها فإن العالم سيشهد المزيد من الفيروسات (ككورونا) والعوامل الأخرى التي تنتقل من الحيوانات إلى الإنسان. وذكر أن 75 في المائة من الأمراض المعدية الجديدة والناشئة عند البشر مصدرها حيواني.
ثم تحدث غوتيريس عن دراستين جديدتين صدرتا عن "المنظمة العالمية للأرصاد الجوية" و"برنامج الأمم المتحدة للبيئة" تحذران من اقتراب البشرية من كارثة مناخية. واستطرد في هذا السياق قائلا "سنة 2020 في طريقها لتصبح إحدى السنوات الثلاث الأعلى حرارة على الإطلاق"، قبل أن يدق ناقوس الخطر بشأن زيادة عدد الكوارث البيئية، التي قال إنها كلفت العالم في السنة الماضية لوحدها قرابة 150 مليار دولار.
من جهة أخرى، أوضح الأمين العام المتحدة أن "تدابير الإغلاق ووقف السفر، التي فرضت بسبب انتشار جائحة كورونا، أدت بشكل مؤقت إلى خفض الانبعاثات ونسبة التلوث، إلا أن مستويات ثاني أكسيد الكربون لا تزال في مستويات قياسية – بل في تزايد".
وأضاف غوتيريس "إننا نتجه نحو ارتفاع هائل في الحرارة يتراوح بين 3 و5 درجات مئوية هذا القرن. والعلم واضح وضوح الشمس: لكي نحصر ارتفاع درجات الحرارة في 1,5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل العصر الصناعي، ينبغي أن يخفض العالم إنتاج الوقود الأحفوري بنسبة 6 في المائة تقريبا كل سنة من الآن وحتى عام 2030. بدلا من ذلك، يسير العالم في اتجاه معاكس – أي التخطيط لزيادة سنوية بنسبة 2 في المائة".

وربط غوتيريس بين التلوث البيئي والتغيير المناخي وبين إعاقة مجهودات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في القضاء على الفقر وتعريض الأمن الغذائي للخطر. وشرح ذلك قائلا "ذلك يجعل جهودنا من أجل تحقيق السلام أصعب بكثير، إذ تؤدي الاضطرابات إلى انعدام الاستقرار، والنزوح، والنزاع. وليس مصادفة أن تكون 70 في المائة من الدول المتأثرة مباشرة بالتغيير المناخي هي الأكثر هشاشة سياسيا واقتصاديا أيضا".
وشدد على أن النشاط البشري هو السبب الأساسي لكل ذلك، لكنه استدرك بالقول إن النشاط نفسه يمكن أن يلعب دورا إيجابيا ويكون مفتاحا لإيجاد الحل. ثم تحدث عن اللقاح ضد فيروس كورونا وقال "إنه يشكل بصيص أمل، لكن لا يوجد لقاح للطبيعة إن لم ننقذها". 
ومضى قائلا "يمكن للساسة أن يربطوا بين الجهود الرامية للتغلب على الآثار السلبية، الاقتصادية والاجتماعية، لتبعات الجائحة وبين إصلاح مناخي لتجنب جائحة مناخية". وحث غوتيريس على إيجاد اقتصاد مستدام يرتكز على الطاقة المتجددة مما يهيئ فرص عمل جديدة، وبنى تحتية أنظف، ومستقبلا قادرا على الصمود، مؤكداً أن "التعافي من جائحة كورونا وإصلاح كوكبنا وجهان لعملة واحدة".
وتطرق الأمين العام للأمم المتحدة إلى ثلاث ضرورات، لما سماه بحالة الطوارئ المناخية التي يشهدها العالم، وهي "أولا، تحييد أثر الكربون في العالم في العقود الثلاثة المقبلة. ثانيا، يتعين علينا مواءمة التمويل العالمي مع اتفاق باريس، الذي يمثل المخطط العالمي للعمل المناخي. وثالثا، يجب علينا تحقيق تقدم في التكيف من أجل حماية العالم – ولا سيما الأشخاص والبلدان الأكثر ضعفا - من الآثار المناخية". 
 ثم تحدث غوتيريس عن الدور المركزي للمرأة لافتا إلى عدد من الأمور التي يتم تناسيها في هذا السياق، قائلا "يقع الجزء الأكبر من آثار تغير المناخ والتدهور البيئي على عاتق النساء، حيث تصل نسبة النساء من المشردين بسبب التغيير المناخي إلى ثمانين بالمئة".
وأضاف أن "النساء هن العمود الفقري للزراعة والمشرفات الرئيسيات على الموارد الطبيعية. وهن في طليعة المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية في العالم". وأكد على ضرورة مشاركة عدد أكبر من النساء ضمن دوائر صنع القرار، معتبراً أن تمثيل المرأة في البرلمانات الوطنية يرتبط ارتباطاً مباشراً بتوقيع الاتفاقات المتعلقة بالعمل المناخي. 

وختم غوتيريس محاضرته بالحديث عن بصيص أمل حيث ركز على عدد من الخطوات التي تم اتخاذها والإنجازات التي تم تحقيقها، ومن بينها الخطوات التي اتخذتها عدد من المدن حول العالم لمحاربة ظواهر التغيير المناخي. ولفت إلى أن هناك 155 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (من أصل 193 دولة) تعتبر بحكم القانون البيئة الصحية حقاً من الحقوق الأساسية للإنسان. ثم أكد على أهمية وعي الناس بخياراتهم اليومية الشخصية للحد من انبعاثات الكربون واحترام حدود ما يمكن للكوكب أن يتحمله. ثم ختم بالتأكيد على أن الباب ما زال مفتوحا لإحداث تغيير، وأن الحلول معروفة، قائلا إن "الوقت حان لتغيير علاقة البشر بالطبيعة وببعضهم لبعض".

المساهمون