عيد الفلسطينيين في عين الحلوة بلا حلويات

12 ابريل 2024
سوق مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان عشية عيد الفطر، في التاسع من إبريل 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أهالي مخيم عين الحلوة يعيشون حزناً عميقاً بسبب الحرب على غزة، مما جعل عيد الفطر هذا العام حزيناً ومعبراً عن الألم المشترك مع أهل غزة، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وظروف المعيشة القاسية.
- تراجع كبير في الحركة التجارية بسوق المخيم، حيث اقتصرت الزيارات على الضروريات فقط، وتخلي اللاجئون عن مظاهر الاحتفال بالعيد والتقاليد المعتادة، معبرين عن حزنهم وفقدان معنى العيد في ظل الحرب.
- الشهادات الشخصية من اللاجئين تبرز عمق المعاناة والتغيير في التقاليد والأفراح، مؤكدين أن العيد لن يدخل بيوتهم طالما غزة تعاني، معبرين عن تضامنهم ووقوفهم مع أهلهم في القطاع المحاصر.

يعيش أهالي مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في مدينة صيدا جنوبي لبنان، منذ أكثر من ستّة أشهر، على وقع الحرب التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة. ومثلما حلّ عيد الفطر حزيناً في القطاع المحاصر والمستهدف، هكذا كان في "عين الحلوة" وفي سواه من مخيّمات اللجوء الفلسطيني.

صحيح أنّ الفلسطينيين في لبنان لم يعرفوا منذ أعوام عديدة "عيداً سعيداً"، وسط الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد مُضافةً إلى ظروف عيشهم في المخيمات، غير أنّ عيد هذا العام أتى وسط تنغيصات إضافية على خلفية حرب الإبادة الجماعية التي تُرتكَب في قطاع غزة الذي يعاني الفلسطينيون فيه من نكبة جديدة. بالنسبة إلى أهالي عين الحلوة، لم يكن الاحتفال بعيد الفطر ممكناً في وقتٍ يعاني فيه إخوة لهم في غزّة من الجوع والقصف والتهجير والاعتقال والموت.

لطالما كانت الزينة والألوان والزحمة تميّز سوق مخيم عين الحلوة قبل عيد الفطر وفي خلاله، لكنّ الحركة اليوم تبدو شبه معدومة. فالناس قصدوا السوق، قبيل العيد، لشراء ما يحتاجونه من مكوّنات لإعداد الطعام، وكذلك لشراء ملابس جديدة للأطفال فقط.

محمد سرّية لاجئ فلسطيني في مخيم عين الحلوة، تعود أصوله إلى بلدة السميرية في قضاء عكا بالأراضي المحتلة في عام 1948، يقول لـ"العربي الجديد": "في السابق، كنّا نعزو عدم ابتهاجنا بالعيد إلى أسباب اقتصادية أو سياسية أو غيرها، لكنّنا اليوم لا نشعر بالعيد نهائياً. فأهلنا في قطاع غزّة يتعرّضون لأبشع حرب إبادة شهدها التاريخ الحديث، وأطفالنا يُقتلون ويموتون جوعاً فيما العالم كله يشهد ذلك من خلال شاشات التلفزة، وكثيرون لا يسمعون صراخ الأطفال والنساء". ويضيف: "لستُ فرحاً بالعيد، ولا أستقبل الزائرين، ولم أشترِ الحلوى. كلّ ما قمت به في أوّل أيام عيد الفطر زيارة قبر أبي وزيارة أخواتي في الصباح قبل أن أعود إلى بيتي. ومن يزورنا من الجيران نقدّم له القهوة فقط".

وتقول اللاجئة الفلسطينية من بلدة عمقا في قضاء عكا المحتلّ والمقيمة في مخيم عين الحلوة، الحاجة أديبة عثمان ل"العربي الجديد": "اعتدتُ اصطحاب أحفادي إلى السوق قبيل عيد الفطر لشراء الملابس الجديدة لهم وكذلك الحلويات والهدايا لبناتي. لكنّ العيد هذا العام مختلفٌ كلياً، فلا فرحة دخلت بيتنا منذ بدء الحرب على قطاع غزّة". وتضيف: "لم نعد نشاهد سوى البرامج الإخبارية على التلفزيون. وفي شهر رمضان، توقّفنا عن تناول إفطارنا في مرّات عديدة، نظراً إلى قسوة المشاهد التي تنقل ما يعاني منه شعبنا في القطاع. لذلك، لا نشعر ببهجة العيد ولم نحتفل به ولم نستقبل الزائرين بقصد المعايدة".

في سياق متصل، يُخبر الحاج أبو أحمد الذي يملك محلّ ألعاب في مخيّم عين الحلوة أنّ "للمرّة الأولى يحلّ عيد الفطر من دون أن يشتري الأطفال في المخيم الألعاب النارية احتفاءً به. فالمخيم حزين هذا العام". ويوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "الحزن هو على أهلنا في قطاع غزة الذين يعيشون منذ أكثر من ستّة أشهر أسوأ ما قد يحصل للبشر"، معدّداً "القصف والدمار والقتل والترويع والتجويع". ويؤكد أبو أحمد أنّ "العيد في هذا العام يختلف عن سابقه. صحيح أنّ اشتباكات مسلحة كانت تُسجَّل في عين الحلوة، لكنّنا كنّا نتجاوزها في شهر رمضان وفي عيد الفطر، فنعيش حياتنا بطريقة طبيعية ونبتهج بالعيد. لكنّ ما يحصل في قطاع غزّة جعلنا ننسى كلّ ما هو جميل. وقد قرّرت مع عائلتي عدم الاحتفال بالعيد في هذا العام، أمّا من يزورنا فنقدّم له التمر والقهوة". ويتساءل: "كيف نحتفل بالعيد وأهلنا في غزة يُبادون".

ويقول اللاجئ الفلسطيني الشاب خالد عوض، التي تعود أصوله إلى بلدة الزيب في قضاء عكا المحتل والمقيم في مخيّم عين الحلوة، لـ"العربي الجديد": "كنّا في كلّ عام ننتظر حلول شهر رمضان وكذلك عيد الفطر الذي نشتري قبيله الملابس الجديدة والحلويات والهدايا على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها. لكنّ هذا العام، لم يخطر لي قطّ شراء ملابس جديدة، علماً أنّنا بمعظمنا ننتظر العيد من أجل شراء الملابس. فوسط ما يتعرّض له أهلنا في قطاع غزة، نسينا حاجتنا إلى الملابس ونسينا العيد". ويتابع عوض أنّ "العيد لن يدخل بيوتنا طالما أنّ قطاع غزّة تحت النار، حتى ولو حصلت هدنة. فالوجع لا ينتهي في يوم وليلة"، لافتاً إلى أنّه لم يزر رفاقه "مثلما كنت أفعل في كلّ عام، ولم نشترِ الحلويات ولا هدايا العيد كما المعتاد".

المساهمون