تفيد مصادر أمنية ومحلية عراقية بتسجيل سجن "الحوت"، جنوبي العراق، منذ بداية العام الجاري، ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد النزلاء المتوفّين في ظروف غامضة، ومعظمهم تحت التعذيب بحسب المصادر، كما يؤكد ذووهم وفاة بعضهم بسبب الأمراض والإهمال الصحي.
ويقع سجن "الحوت" في مدينة الناصرية، ضمن محافظة ذي قار جنوبي العراق، ويضمّ نحو 40 ألف معتقل، وهو أكبر السجون العراقية بعد إغلاق سجن "أبو غريب"، ويلقبه مراقبون بأنه السجن العراقي "صاحب الصيت السيئ".
وكشفت مواقع ووسائل إعلام عراقية نقلاً عن مصادر أمنية في محافظة ذي قار، أنّ أكثر من 60 نزيلاً توفوا في سجن "الناصرية المركزي"، منذ مطلع العام الحالي، "غالبيتهم من المحكومين بالمؤبد والإعدام بقضايا إرهابية". وأضافت أنّ "أبرز هؤلاء المتوفين هو سلطان هاشم، وزير الدفاع الأسبق في النظام السابق، وأنّ أسباب الوفاة تراوحت بين الجلطات القلبية والدماغية وأمراض السلّ والسرطان".
ولفتت هذه المصادر إلى أنّ "السجن يضم 5 آلاف إرهابي محكوم عليهم بالإعدام، كما أنّ السجن مكتظّ ويضم 11 ألف نزيل، رغم أنّ طاقته الاستيعابية لا تتعدى الـ 4 آلاف نزيل فقط". وأكّدت "غياب الطواقم الصحية المشرفة على الوضع الصحي في السجن، كما تحوم الشبهات حول الفرق الرقابية التي تزوره، كونها تخضع لمؤسسات حزبية وأخرى طائفية".
إلا أنّ مصادر صحافية أخرى، تشير إلى أنّ سجن "الحوت" في الناصرية، يضم أكثر من 40 ألف نزيل معتقل من الرجال، ونحو 1000 نزيلة من النساء، و29 ألف نزيل لم تحسم قضاياهم.
وكان "مركز جرائم الحرب في العراق"، وهو منظّمة حقوقية معنيّة بتوثيق الانتهاكات الإنسانية في البلاد، قد أصدر بياناً في وقتٍ سابق، حمّل من خلاله "الحكومة العراقية مسؤولية عمليات التصفية الجسدية التي يتعرّض لها المعتقلون في السجون".
وأضاف المركز أنّه "حصل على معلومات حول مقتل أكثر من ستة معتقلين في سجن الحوت في مدينة الناصرية، بينهم المعتقل غسان شهاب أحمد المجمعي"، مؤكداً أنّ "عمليات التصفية وقعت داخل السجن، للمعتقلين الذين كان سيشملهم العفو".
وأشار المركز إلى وجود "أكثر من تسع حالات أخرى في سجون محافظة صلاح الدين وآمرلي، فضلاً عن حالات أخرى، في سجون مختلفة، تمارس فيها سياسة التعذيب الممنهجة"، كما ناشد المركز "الهيئات والمنظمات الدّوليّة والمحليّة بالتدخل لوقف جرائم التعذيب الجارية في السجون".
من جهته، قال القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية في العراق، أثيل النجيفي، إنّ "المعلومات التي تصل إلى سياسيين متابعين لملفات حقوق الإنسان وعمليات التعذيب والانتهاكات في السجون العراقية تؤكّد أنّ سجن الحوت في الناصرية يمثّل حالة استثنائية عن بقية السجون في البلاد، ويعاني النزلاء فيه من سوء المعاملة والضرب الشديد والإهانة والتنابز الطائفي".
وأكمل النجيفي في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "كثيراً من النزلاء انتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب، وكثيراً منهم توفوا بهذه الطريقة، وهو أمر ينافي كلّ مواثيق التعامل مع النزلاء في السجون، كما أنه انتهاك لحقوق الإنسان". وأكّد أنّ "ما يحدث في سجن الناصرية من جرائم، تتحملها الحكومة العراقية، إضافة إلى المنظمات المدنية والحقوقية".
من جانبه، قال عضو مفوضية حقوق الإنسان، علي البياتي، إنّ "هناك أدلة على استخدام العنف المفرط في سجن الحوت، ولدينا بعض الوثائق التي تؤكد حدوث حالات وفاة بسبب التعذيب، وقد طالبنا مراراً الحكومة العراقية بالتحقيق بهذه الانتهاكات، وعدم مجاملة المقصّرين مهما كانت درجاتهم الوظيفية أو رتبهم العسكرية". وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "الإهمال من حيث النظافة وسوء المعاملة والإخفاقات الصحية ومنع الزيارات، إضافة إلى سوء التغذية، كلها انتهاكات بحق السجناء، ناهيك بالتعامل الطائفي مع بعض السجناء، كونه يضمّ بعض قيادات حزب البعث وآخرين من جماعات مسلّحة شاركت في مقاومة الاحتلال الأميركي".