عزمي نفاع... أسير حرمه الاحتلال مزاولة المحاماة

19 فبراير 2021
كانت أحلام عزمي كبيرة (العربي الجديد)
+ الخط -

قبل أكثر من خمس سنوات حكمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالسجن عشرين سنة على عزمي نفاع (26 عاماً)، من مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية. على الرغم من ذلك، ما زال والد هذا الأسير الفلسطيني يأمل في أن يرتدي ابنه ثوب المحاماة الذي لطالما حلم به. فهو نال شهادة في مجال الحقوق، من داخل سجون الاحتلال، بعد ثلاث سنوات من اعتقاله في أواخر عام 2015.

واعتصام المحامين الفلسطينيين المستمر منذ الشهر الماضي رفضاً لتدخل السلطة التنفيذية في القضاء، نكأ جرح الوالد سهل نفاع (54 عاماً)، الذي تمنّى وجود ابنه معهم مرتدياً "الروب" الأسود. وقد كتب على صفحته على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي: "أفتخر كون ولدي عزمي منتسباً إلى نقابة المحامين..."، مرفقاً بصورة اعتصام المحامين وصورة تهنئة النقابة بتخرّج عزمي.

يقول الوالد لـ"العربي الجديد" بحرقة: "لقد حاربت من أجل حصول ابني عزمي على شهادة الحقوق، إذ كان فصل واحد (نحو خمسة أشهر) يفصله عن تخرّجه من الجامعة حين اعتقاله في الرابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. وأنا أرى في تخرّج عزمي انتصاراً لي كذلك. أنا فخور بابني. وعندما استلمت شهادته من جامعة النجاح، رفعت رأسي عالياً". يضيف أنّ "ابني هيّأ نفسه في أثناء دراسته الجامعية للوقوف إلى جانب المهمّشين والمظلومين بعد تخرّجه وممارسة مهنة المحاماة.  لذا كتبت عن عزمي الذي لو كان موجوداً لوقف مع زملائه في ذلك الاعتصام ضدّ الظلم"، آملاً أن "تمنحه نقابة المحامين الفلسطينيين إذن مزاولة مهنة تكريماً لتجربته في الأسر".

من جهتها، تقول هدية نفاع (48 عاماً)، والدة الأسير، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كل الأمهات والآباء يتمنّون لأبنائهم النجاح والتخرّج من الجامعة وممارسة وظائفهم. وكنت أنتظر تخرّج عزمي، خصوصاً أنّه بلغ الفصل الأخير، وأنتظر حفلة تخرّجه لأفرح به". وتشير إلى أنّه "في الليلة التي سبقت اعتقال عزمي وإصابته بجروح، تحدثّت معه حول آخر متطلباته الجامعية". ولا تخفي الوالدة أنّه عندما يتخرّج أبناء الجيران والأقارب من الجامعات أو تحتفل عائلاتهم بترقية وظيفية، يحزن قلبها. وتؤكد: "من الصعب عليّ جداً رؤية محام يرتدي روب المحاماة".
بعد اعتقاله، أنهى عزمي من سجنه متطلبات تخصص القانون، وقد استلمت عائلته شهادته نيابة عنه. أتى ذلك في حين كان الطلاب الخريجون وأهاليهم يشاركون في حفل التخرّج، أمّا عائلة عزمي فكانت وحيدة من دونه فيما القهر يعتصر قلب الوالدَين بدلاً من البهجة المفترضة. وتلفت الوالدة إلى أنّ "أصعب يوم في حياتي كان يوم حفل التخرّج. فالمشرف نادى اسم عزمي، غير أنّه لم يكن موجوداً".

الصورة
والد الأسير الفلسطيني عزمي نفاع يستلم شهادة ابنه (العربي الجديد)
والد عزمي يستلم شهادة ابنه القابع في سجون الاحتلال (العربي الجديد)

تجدر الإشارة إلى أنّه كان من الصعب أن يتجاوز عزمي متطلباته الجامعية من دون متابعة متخصص، لذا بحثت عائلته عن أستاذ قانون جامعي أسير في سجون الاحتلال. ويقول الوالد إنّ ابنه "انتظر التنقلات التي تحصل بين السجون الإسرائيلية حتى يلتقي بأستاذ القانون الأسير مصطفى شتات. وقد استغرق أمر التنقلات ثلاث سنوات، تخوّفت العائلة في خلالها من احتمال عدم التقاء الأسير الطالب بالأسير الأستاذ، خصوصاً أنّ الأخير كان على وشك أن يتحرر. لكنّهما التقيا أخيراً في سجن جلبوع حيث تمّ التدريس سراً بعيداً عن أعين السجّانين ورغماً عنهم". وتهريب الكتب وإدخالها إلى عزمي تطلّبا من أهله نزع الأغلفة الخارجية لكتب المسابقات الجامعية، في حيلة لا تنطلي دائماً على إدارة سجون الاحتلال. وعلى الرغم من كلّ الصعوبات، أكمل متطلبات تخصّص الحقوق. يُذكر أنّ عزمي لم يكتفِ بشهادة الحقوق، فقد تابع من داخل سجنه دراسة الخدمة الاجتماعية في جامعة القدس المفتوحة.

لعزمي أخت تدعى رغد (29 عاماً)، وأخ يدعى فيصل (21 عاماً)، الذي يتابع دراسة التخصص الذي حرم الاحتلال الإسرائيلي شقيقه من مزاولته وظيفياً (الحقوق)، فيما يمنعه الاحتلال من زيارة شقيقه منذ أربع سنوات. لم يحرم الاحتلال الأسير نفاع من مهنة المحاماة فحسب، بل حرمه كذلك من تناول الطعام بشكل طبيعي من جرّاء إصابته بالرصاص حين اعتقاله وفقدانه جزءاً من فكّه العلوي وشفتَيه. وهكذا يستعين بجهاز خلاط ليهرس طعامه.

المساهمون