عبّارات تنقل آلاف الأوكرانيين إلى "المنفى" في السويد

17 مارس 2022
بلغ هؤلاء اللاجئون الأوكرانيون أخيراً "شاطئ الأمان" السويدي (جوناثان ناكستراند/ فرانس برس)
+ الخط -

على رصيف ميناء سويدي صغير إلى الجنوب من العاصمة ستوكهولم، ينزل مئات الأوكرانيين من العبّارة المبحرة من بولندا جارّين خلفهم حقائب حزموها على عجل هرباً من الحرب.

وفي كلّ يوم، عند الظهر، يصل نحو 500 منهم إلى السويد، معظمهم من النساء والأطفال، على متن العبّارة "نوفا ستار" التابعة لشركة "بولفيرّيز" التي تربط ميناء غدانسك البولندي بميناء نينسهامن السويدي، وهم ما زالوا تحت صدمة الغزو الروسي والقصف اللذَين أرغماهم على سلوك طريق المنفى.

لودميلا نيكيفوروفا من بين هؤلاء اللاجئين، وهي فرّت مع ابنتَيها من مدينة خاركيف الواقعة شمال شرقي أوكرانيا عن طريق بولندا. وتحكي لوكالة "فرانس برس" أنّه "لم يتسنّ لنا حتّى حزم حاجياتنا. فعندما بدأ القصف وانطلقت صفّارات الإنذار، حملنا حقائبنا على عجل لنستقلّ القطار".

غادرت لودميلا بلدها على وقع دويّ الانفجارات، مع ابنتَيها أناستاسيا وآنا البالغتَين من العمر 19 و20 عاماً. وتخبر الشابتان أنّ الانفجارات "كانت بعيدة، وبالتالي لم نُصب (بأيّ مكروه) لحسن حظّنا".

وعند وصولهنّ إلى محطّة خاركيف المكتظة، انتظرنَ كسائر الأوكرانيين الهاربين من الحرب قطاراً إلى لفيف (غرب) ثمّ قطاراً ليليّاً آخر إلى بولندا. من مدينة غدانسك البولندية الواقعة على بحر البلطيق، التحقنَ بواحدة من رحلات شركة "بولفيرّيز" التي راحت تنظّمها مجاناً في خلال الأسابيع الماضية، لمصلحة جميع اللاجئين الوافدين من أوكرانيا.

وعلى رصيف ميناء المدينة، توزَّع زجاجات مياه وطعام للأطفال ولوازم نظافة شخصية وأسرّة وعربات للأطفال على الوافدين، كذلك وُضعت دمى على إحدى الطاولات.

الصورة
أطفال أوكرانيون وصلوا إلى السويد في عبّارات (جوناثان ناكستراند/ فرانس برس)
(جوناثان ناكستراند/ فرانس برس)

وتخبر إيما سولاندر، المسؤولة المحلية من حزب الخضر التي أنشأت مجموعة على موقع "فيسبوك" لتنسيق الهبات محليّاً، أنّ "لدينا متطوّعين كثيرين وأشخاصاً يرغبون في تقديم هبات". تضيف لـ"فرانس برس": "كنت هنا الأسبوع الماضي أقول لنفسي إنّ عليّ القيام بشيء... توظيف قلقي من جرّاء الحرب للقيام بأمر إيجابيّ".

ويصل مئات اللاجئين الأوكرانيين منذ أيام عدّة إلى أماكن مختلفة من السويد في عبّارات تربط بولندا بمرافئ جنوبي البلد الإسكندينافي، في أوستاد وتريلوبورغ وكارلسكرونا، بالإضافة إلى نينسهامن.

وبعدما كانت أعداد الوافدين ضئيلة عند بدء الغزو الروسي، بات تدفّق اللاجئين متواصلاً.

وأفادت شركة "بولفيرّيز" بأنّها نقلت على مختلف خطوطها نحو ستة آلاف لاجئ، فيما قدّمت شركات أخرى منافسة الرحلة لآلاف الأوكرانيين الآخرين.

أرميل أومالانغو من الجنسية الكونغولية فرّ من الحرب في أوكرانيا مع صديقته الأوكرانية وابنهما البالغ من العمر أربعة أعوام. يقول لـ"فرانس برس": "وصلت إلى كارلسكرونا وكان كلّ شيء منظّماً بصورة ممتازة. وقد تمّ التكفّل بنا منذ نزولنا من العبّارة، وكانت حافلة في انتظارنا".

بالنسبة إلى لودميلا، لا تخفي أنّه يصعب عليها ألا تفكّر في الذين تركتهم خلفها. وتقول: "خسرنا منزلنا وعملنا وحياتنا والقليل الذي كنّا نملكه"، لافتة إلى أنّ "الناس يرغبون في بناء شيء، ويطمحون إلى إنجاز شيء في حياتهم... أمّا نحن، فخسرنا كلّ شيء".

وبحسب هيئة الهجرة السويديّة، يصل نحو أربعة آلاف أوكراني يومياً إلى البلاد، وإنّ أشارت الأرقام الرسمية إلى ما هو أدنى من ذلك، إذ تسجّل 2735 طالب لجوء وفق الأصول في خلال ثلاثة أسابيع.

وقد تتخطّى الأعداد الأرقام القياسية المسجّلة في خلال أزمة الهجرة عام 2015، حين استقبل البلد الشماليّ أكثر من 160 ألف لاجئ معظمهم من السوريين الهاربين من الحرب في بلادهم، وكان ذلك أكثر من أيّ بلد أوروبيّ آخر نسبة إلى عدد سكانه.

واليوم، يقف الأوكرانيون في صفوف انتظار طويلة أمام مراكز إدارة الهجرة في كلّ أنحاء السويد، فيما تحاول السلطات تأمين عشرات آلاف المساكن والأسرّة في مراكز الاستقبال. وتتوقّع السويد وصول 75 ألف لاجئ، ربما حتّى 200 ألف أو أكثر، وفق السلطات.

(فرانس برس)

المساهمون