عام دراسي جديد في الأردن: نقص في الكتب والمعلمين وخطط التطوير

17 اغسطس 2024
يتمنى أولياء الأمور استعدادات أفضل للعام الدراسي الجديد (صلاح ملكاوي/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **عودة التعليم في الأردن والتحديات المصاحبة**: يبدأ الفصل الدراسي في المدارس الحكومية يوم 18 أغسطس، وفي المدارس الخاصة في الأول من سبتمبر. يواجه النظام التعليمي تحديات مثل نقص الكتب المدرسية والمعلمين، مما يؤثر على جودة التعليم.

- **التحديات الاقتصادية والاجتماعية للأسر**: تجهيز التلاميذ بالملابس والقرطاسية وتكاليف المواصلات يشكل عبئاً مالياً. الهواتف الذكية تسرق وقت الطلاب، مما يتطلب تعاوناً بين وزارة التربية والأهالي لتوظيف التكنولوجيا بشكل إيجابي.

- **أهمية الاستعداد النفسي والمادي للعام الدراسي**: توفير بيئة تعليمية آمنة ومناسبة، مع استكمال كوادر التدريس وتوفير الكتب في الوقت المناسب. تنظيم نشاطات ترفيهية لتحبيب التلاميذ بالمدارس، مع مراعاة تأثير الانتخابات النيابية على العملية التعليمية.

تعود عجلة التعليم في الأردن إلى الدوران، وينطلق الفصل الأول الأحد 18 أغسطس/ آب، بحسب التقويم المدرسي الحكومي للعام الدراسي 2024 -2025. أما الفصل الأول في المدارس الخاصة فيبدأ في الأول من سبتمبر/ أيلول المقبل. 
يقدّر إجمالي عدد التلاميذ بـ2.3 مليون في مختلف مراحل الدراسة، منهم 1.6 مليون في مدارس حكومية. وفيما تترافق العودة إلى المدارس غالباً مع نقص في الكتب المدرسية، وأحياناً مع عدم اكتمال الهيئة التدريسية. تقول عُلاء موسى، وهي أم لتلميذين وتلميذتين في المدارس الحكومية لـ"العربي الجديد": "من المهم أن يعود التلاميذ إلى المدارس مع توفير كل الكتب ومعالجة النقص في المدرسين، علماً أن الأعوام السابقة شهدت عدم اكتمال الهيئة التدريسية إلا بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من بدء العام الدراسي".
تتابع: "تراجع المستوى التعليمي للطلاب في السنوات الأخيرة، إثر تفشي جائحة كورونا وبعدها، وعلى وزارة التربية أن تعيد تقييم الوضع، وألا تهدر أيام الدراسة بسبب نقص المعلمين أو عدم توفر الكتب، أو الاستمرار في صيانة المدارس".
وترى موسى أن "القائمين على العملية التعليمية يجب أن يراعوا التطورات التي تحدث في حياة الطلاب، وأهمها أن أجهزة الهواتف الخليوية تسرق الكثير من وقت الطلاب واهتماماتهم. ويجب أن تعمل وزارة التربية مع الأهالي لتجاوز هذه  المعضلة، ومحاولة توظيف التطوّر التكنولوجي في ترغيب التلاميذ بالمناهج، وتعزيز حبهم للدراسة والتزامهم بها".
وتشير إلى أن تجهيز التلاميذ بالملابس المدرسية والدفاتر والقرطاسية وباقي الاحتياجات، وتوفير مبالغ المواصلات، أمور مكلفة وصعبة لمعظم العائلات.
ويقول علي العبادي، وهو أب لتلميذين وتلميذة في مدرسة حكومية، لـ "العربي الجديد": "نتمنى مع بداية العام الدراسي أن ترتقي استعدادات وزارة التربية، وتوفر جميع الكتب المدرسية، وتعيّن المعلمين في كل المواد".
ويتحدث عن أن "معاناة أطفالنا في مدارس الذكور والقرى كبيرة، إذ نشعر بتراجع مستواهم التعليمي في السنوات الأخيرة، لذا نطالب الحكومة بأن تضع خططاً حقيقية لتحسين المستوى الدراسي للتلاميذ، علماً أن الحكومة لم تراع موعد بدء العام الدراسي، فالانتخابات ستجرى بعد فترة قريبة، ما يؤثر سلباً على استعداد التلاميذ وأهاليهم للعام الدراسي الجديد".

الأجواء المدرسية طاردة للتلاميذ العائدين من عطلة طويلة

يضيف: "لا نريد فقط أن يستعرض المسؤولون عبر تنفيذ زيارات للمدارس، فالأهم توفير ما يحتاجه التلاميذ من كتب ومعلمين في كافة التخصصات، وأيضاً الاهتمام بالأجواء المدرسية كي لا تكون أجواءً طاردة للتلاميذ. ومن المهم التدقيق في غياب التلاميذ، إذ نجد أحياناً تسرّب بعضهم إلى الشوارع مع انتهاء الحصة الثالثة".
تقول المتخصّصة في أصول التربية هبة أبو حليمة لـ"العربي الجديد": "المطلوب من الجميع تسهيل عودة التلاميذ إلى المدارس، وتعزيز التزامهم بالدراسة بعد العطلة الطويلة". وتدعو الأهل إلى محاورة الأبناء والتحدث معهم مع بداية العام الجديد، من أجل تحديد أهداف يفترض تحقيقها في العام الدراسي الجديد، خاصة أن الارتقاء من صف إلى آخر يترافق مع التعرف على أصدقاء جدد، والاعتياد على مستوى أكاديمي أعلى.
وترى أن "الانتظام في الروتين المدرسي أمر غير سهل للتلاميذ وأولياء الأمور، فالتلميذ يعود من الراحة والاستجمام لينتظم في الدراسة، والأهم هو الانتظام بجدول للنوم بدلاً من السهر ساعات طويلة على غرار ما يحصل خلال العطلة".
تضيف: "أيضاً يجب أن توفر إدارات المدارس بيئة آمنة لاستقبال الطلاب، وأهمها استكمال كوادر التدريس في جميع التخصصات، ووضع خطة بديلة لتعويض أي نقص بين المعلمين والمعلمات".

الفاقد التعليمي مشكلة كبيرة في الأردن منذ كورونا (Getty)
الفاقد التعليمي مشكلة كبيرة في الأردن منذ كورونا (Getty)

وترى هبة أن نقص المدرسين والمدرسات يُربك الأوساط التربوية وينعكس على الواقع التعليمي، فغالبية المدارس تعاني، خصوصاً مع بداية العام الدراسي، من عدم توفير عدد كافٍ من المعلمين في تخصصات أساسية ورئيسية، ما ينعكس سلباً على كل العام الدراسي باعتبار أن تواريخ معينة تحدد انتهاء المنهاج الدراسي، في حين يؤثر تسريع إنهاء المنهاج على فهم واستيعاب المواد الدراسية".
وتشدد على "ضرورة أن يكون المعلم مؤهلاً ويملك القدرة المعرفية والمهارة لإعطاء التلميذ ما يحتاجه من معلومات، والاضطلاع في الوقت ذاته بدوره في أن يكون مربياً قريباً من التلميذ".
وفي شأن تأخر توفير الكتب مع بداية العام الدراسي لبعض المناهج، تشير هبة إلى "ضرورة تأمين وزارة التربية والتعليم جميع الكتب للطلاب كي لا تتكرر المشكلة سنوياً مع بدء العام الدراسي، فتأخير توفير الكتب يعرقل اندماج التلاميذ في الدراسة، ويهدر الكثير من الوقت عليهم".
وتؤكد ضرورة خلق بيئة تعليمية مناسبة، وتلفت إلى أن أداء المعلم يعتمد على كفاءته، وعطاءه يرتبط بالرقابة وضميره المهني.
وتلفت إلى ضرورة توفير المعلمين والإدارات وسائل الدراسة ومراعاة القدرات الفردية للطلاب والإدارات المدرسية، "من هنا ضرورة وجود تقييم للمعلمين في القطاعين العام والخاص من أجل معرفة قدراتهم، والأساليب المناسبة لإعطاء المعلومات للتلاميذ، وتعزيز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف".
يقول الخبير التربوي ذوقان عبيدات لـ"العربي الجديد": "الاستعداد لبدء العام الدراسي يشمل النواحي النفسية والاجتماعية وأيضاً المادية التي تتعلق بتجهيز المدارس وتوفير الكتب والمدرسين وإجراء الصيانة. وهذه مسؤولية وزارة التربية والتعليم التي تسعى إلى أن تكون مدارسها جاهزة مع بداية العام الدراسي، ويتحدد نجاحها أو عدمه مع بدء دوام التلاميذ وتسجيل المشاهدات على أرض الواقع. ويعتمد النجاح والفشل على عوامل مختلفة بعضها في يد وزارة التربية نفسها، وأخرى خارج مسؤولياتها".

ويرى أن "الخبرة الأولية حاسمة في تحديد مصير التعليم، لذا على المدارس أن تكون في قمة الاستعداد المادي والنفسي لاستقبال التلاميذ، وأن تبدأ الأيام الأولى بتنظيم نشاطات ترفيهية تحبّب التلاميذ بالمدارس، مثل المسرحيات والأغاني، خاصة لتلاميذ الصفوف الأولى ورياض الأطفال".
ويعتبر عبيدات أن "الاستعداد النفسي والمجتمعي للعام الدراسي أهم من الاستعداد المادي، والعام الدراسي الحالي جاء بعد أيام قليلة من إعلان نتائج الثانوية العامة (التوجيهي) التي لا يزال الجميع أسرى لها، ويفكرون بالماضي وليس بالمستقبل. وهم يحاولون معالجة نتائج التوجيهي بالفرح أو الغضب من دون أن يستعدوا لاستقبال العام الدراسي".
ويشير إلى أن "إجراء الانتخابات النيابية في 10 سبتمبر/ أيلول المقبل، بعد فترة قصيرة من بدء العام الدراسي، يكشف غياب التخطيط الشامل والاستراتيجي للحكومة، فمعظم الانتخابات ستجري في مباني المدارس التي ستستخدم كمراكز اقتراع، ما يفرض تعطيل التدريس لإجراء الانتخابات وتجهيزها. واضح أن أحداً لم يأخذ موعد بدء العام الدراسي في الحسبان عند تحديد موعد الانتخابات، والشوارع اليوم مليئة بصور ولافتات المرشحين لكنها لا تتضمن أي شعار عن التعليم، فالحكومة والمرشحون والهيئة المستقلة للانتخاب أخذوا الجميع بعيداً عن بدء العام الدراسي، ولا يُفكر أحد كيف سيستقبل التلاميذ العام الدراسي. ونحن نتمنى أن يرفع المجتمع لافتات ترحب بعودة التلاميذ إلى المدارس بدلا من لافتات مرشحي الانتخابات".
ويقول عبيدات إن "خبرة بداية العام الدراسي هي أهم خبرة يتلقاها التلميذ، خصوصاً أولئك في رياض الأطفال والصف الأول، لكن أحداً لا يفكر بذلك، وسيتفاجأ التلاميذ بمعلمين لم يحضروا أنفسهم، وأسر غير مستعدة لاستقبال العام الدراسي من خلال توفير الاستعدادات المادية والتنظيمية، وخلق أجواء مناسبة".

المساهمون