عامان على التحول من محامٍ إلى متهم: عبثية حبس الباقر وعلاء في مصر

29 سبتمبر 2021
المعتقلان المصريان محمد الباقر وعلاء عبد الفتاح (تويتر)
+ الخط -

يكمل اليوم التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول، كل من المصريين، الناشط السياسي البارز، علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي، محمد الباقر، عامين كاملين في الحبس الاحتياطي، منذ القبض عليهما عام 2019، واتهامهما بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها والإذاعة عمدا داخل وخارج البلاد لأخبار وشائعات وبيانات كاذبة من شأنها الأضرار بالبلاد وسمعتها، واستخدام شبكة المعلومات الدولية في ارتكاب جريمة نشر الأخبار الكاذبة في القضية 1356 لسنة 2019 حصر تحقيق أمن الدولة. 

المفروض قانوناً، أن يفتح باب السجن، ويخرج علاء والباقر، اليوم، بعد اكتمال عامين من الحبس الاحتياطي، وهي المدة القصوى المقررة في القانون المصري، طالما لم يحالا إلى المحاكمة طوال العامين. 

لكن ما حدث، أنه في آخر جلسة تجديد حبس، يوم 12 سبتمبر/أيلول الجاري، صدر القرار بتمديد حبسهما 45 يوما على ذمة التحقيقات، ما يعني أنهما سيبقيان قابعين في الحبس، حتى موعد جلسة التجديد اللاحقة. 

عبث يملأ تفاصيل تلك القضية منذ اللحظات الأولى فيها، ففي الأصل، ألقي القبض على الباقر؛ بينما كان يترافع كمحام عن موكله علاء عبد الفتاح أمام النيابة. 

الباقر تنبأ بتحوله من محام لمتهم منذ اللحظة الأولى، التي أخبر فيها زميله المحامي نبيه الجنادي، "كدة غالبًا حد مننا اسمه في محضر تحريات القضية" بعد فترة انتظار طويلة عقب حضور جلسة التحقيق الأولى مع علاء، وبالفعل صدق تخمينه، واتضح أن اسمه وارد في التحريات، وخرج من النيابة مُتهما بعدما دخلها محاميا. 

أدرج الباقر، مع موكله، علاء عبد الفتاح، على ذمة قضية جديدة، رقمها 1356 لسنة 2019، وتم حبسهما 15 يومًا على ذمة التحقيقات.

من محام لمتهم تحول في لحظة محمد الباقر، ابن قرية "ابريم" النوبية، جنوب مصر، مدير مركز عدالة للحقوق والحريات، الذي عرف في أوساط الحقوقيين المصريين، بملامحه السمراء، وابتسامته الهادئة الرزينة، ولحيته التي لم تكن أبدا حاجزًا بينه وبين كل من دافع عنهم باختلاف إيديولوجياتهم وانتماءاتهم المذهبية والفكرية والسياسية.

كان الباقر رجل أعمال لديه شركة ناجحة منذ حوالي سبع سنوات، لكنه قرر أن يترك هذا العمل الناجح ويتفرغ للعمل القانوني والحقوقي، ونجح بالفعل خلال الأعوام القليلة الماضية في أن يبدأ من نقطة الصفر في مجال المحاماة والعمل الحقوقي، ويفسح لنفسه مساحة رغم كل التضييقات والظروف الأمنية التي تشهدها مصر منذ 2013.

جانب آخر من العبث يكمن أيضًا في طريقة القبض على علاء عبد الفتاح، إذ ألقي القبض عليه من قسم شرطة الدقي بعد خروجه، حيث كان يقضي المراقبة الشرطية يوميا من السادسة مساءً للسادسة صباحا. 

وكان علاء عبد الفتاح قد أكمل حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات، في القضية رقم 1343 لسنة 2013 والمعروفة إعلاميا بأحداث مجلس الشورى، حيث كان يقضي عقوبة تكميلية بالمراقبة الشرطية داخل قسم شرطة الدقي، لمدة 12 ساعة يوميا، بعد خروجه يوم 29 مارس/آذار 2019. 

ولم يكمل علاء 6 أشهر خارج السجن، حيث فوجئت أسرته يوم 29 سبتمبر/أيلول 2019 وأثناء انتظاره خارج القسم بعدم خروجه عقب انتهاء المراقبة الشرطية، بالقبض عليه. 

لم يخالف مواعيد المراقبة الشرطية، ولم يتخلف عنها، ولم يهرب، بل كان بالفعل في حوزة الشرطة لحظة القبض عليه. ثم نُقل علاء عبد الفتاح إلى "سجن طرة شديد الحراسة 2"، وهو سجن سيئ السمعة في مصر ويُعرف أيضاً باسم "سجن العقرب 2". 

وهناك تعرَّض علاء عبد الفتاح لعصب عينيه وتجريده من ملابسه، على أيدي ضباط السجن الذين انهالوا عليه ضرباً وركلاً عدة مرات، كما وجهوا له تهديدات وشتائم. وقال له أحد ضباط الشرطة إن "السجن صُنع لأمثالك"، وأضاف أنه سيبقى في السجن بقية عمره. كما هدده أحد ضباط قطاع الأمن الوطني بأنه سيتعرض لمزيد من التعذيب إذا ما أبلغ عن الإيذاء الذي لاقاه.

دخل علاء عبد الفتاح في إضراب عن الطعام في 13 إبريل/نيسان الماضي، اعتراضاً على منع الزيارة عنه لمدة شهر، وفضّه بعد فترة. 

ثم هدد علاء عبد الفتاح بالانتحار، في آخر جلسة تجديد حبس، بسبب منعه من كل حقوقه كسجين، من حيث التريض والقراءة والمراسلة. ثم عدل عن الفكرة خوفا على أسرته الصغيرة في خارج السجون وداخلها. 

ولطالما تمسكت أسرته بالقانون، وتقدمت ببلاغات للنائب العام للشكوى من عدم تلقيهم جوابات منه في فترة وقف الزيارات مع بداية انتشار فيروس كورونا، وبلاغات لإدخال كتب وصحف لزنزانته، وبلاغات تطالب بحقه في التريض، وبلاغات بشكاوى من ضرب واعتداءات. 

ونتيجة كثرة البلاغات التي تقدمت بها أسرة علاء عبد الفتاح، للنائب العام المصري، عن ظروف حبسه والانتهاكات والتعذيب وأصوات الصراخ والشكاوى من الانتهاكات التي يسمعها في الزنازين الملاصقة له، وبدلًا من فتح تحقيقات في تلك الانتهاكات والجرائم، قررت إدارة السجن إخلاء الزنازين المجاورة والفوقية لزنزانته حتى لا يتمكن من سماع أي شيء أو محادثة أي معتقل. 

أصبح علاء عبد الفتاح يعيش في زنزانته المعزولة وكأنه "في حوض سمك" على حد وصفه، كما أخبر شقيقته منى سيف في آخر زيارة. 

المساهمون