أكّد متخصصون دنماركيون في التغيرات المناخية والطقس، أنّ بلادهم التي عادة ما تشهد أجواء شتوية وثلجية باردة، باتت تتجاوز درجات حرارة طقسها المُعدّل العالمي في ارتفاع بمتوسط 1.3 إلى 2.3 درجة مئوية وبثبات سنوي.
وأشاروا في تصريحات صحافية، إلى أنّ الحرارة باتت ترتفع بشكل ملحوظ. وهذا يعني برأيهم أن الارتفاع العالمي الذي تسعى الدول في قمة المناخ في غلاسكو للحفاظ على مستواه دون 1.5 درجة مئوية، بقرارات تحدّ من انبعاث ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان، يختلف من بلد إلى آخر، حيث تصيب ظاهرة الاحتباس مناطق أكثر من أخرى.
وكانت مؤسسة "بيركلي إيرث" أظهرت في دراسة مقارنة لزيادة حرارة الأرض، أن المناخ العالمي يتأثر بشكل متزايد أكثر منذ انطلاق الحقبة الصناعية بعد 1850، ولأسباب تتعلق بشكل رئيس بأطنان ثاني أكسيد الكربون المنبعثة والمحتبسة في الغلاف الجوي.
ويعيش الدنماركيون هواجس التغيرات المناخية لأسباب تتعلق بالطبيعة الجغرافية للبلد بأرضه المنبسطة وغياب الجبال عن تضاريسه. ورغم عدم وجود أنهار دنماركية، كما هو الحال في ألمانيا وغيرها من الدول التي شهدت فيضانات كبيرة أخيرا، إلا أن الخشية من ارتفاع منسوب مياه البحار، وذوبان جبال ورقع جليدية في المنطقة القطبية الشمالية، والتي تهدد عمليا بغرق مناطق شاطئية غربية على بحر الشمال وتضرر العاصمة كوبنهاغن.
وهواجس الدنماركيين في أرضهم المنبسطة، والموزعة على مجموعة جزر وشبه جزيرة ترتبط بريا بألمانيا، إذ إن قطاعات حيوية عديدة يمكن أن تتعثر في البلد الذي يعتمد كثيرا على الصناعات الزراعية.
الجار الشمالي للدنمارك، النرويج، يعيش أيضا حالة ارتفاع الحرارة بنحو 2.1 درجة مئوية وبثبات سنوي، بينما طبيعة البلد الذي يمتد طوليا لمئات الكيلومترات تعتبر تضاريسه الجبلية حامية نوعا ما، وإن كانت مخاطر ارتفاع منسوب المياه وتأثير درجات الحرارة المرتفعة لا تستثني قطاعات مختلفة رغم نوعية الحياة في البلد الثلجي والمعتدل صيفا.
نقاشات دول العالم في غلاسكو حول السيطرة على ارتفاع درجات الحرارة دون 1.5 درجة مئوية خلال العقود القادمة، وبالأخص من خلال تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري والفحم بشكل رئيسي، تثير أيضا سجالا في كل من أوسلو وكوبنهاغن حول سياسات استخراج النفط في بحر الشمال. فالنرويج تعتمد بشكل كبير على النفط لتحقيق ثروة كبيرة واقتصاد متين، بينما تتعالى الدعوات لتقليص تلك الصناعة، ما يخلق أيضا نقاشات بين مؤيد ومعارض بسبب الثمن الذي ستدفعه المجتمعات وسط غياب يقين حول التزام الدول الأكثر تلويثا بسياسة طاقة أخرى، وخصوصا الصين وروسيا لناحية الفحم والوقود.
ومن المثير في دراسة بيركلي إيرث، أنّ روسيا نفسها باتت تعيش كابوس ارتفاع درجات الحرارة بواقع 2.7 درجة مئوية، بعدما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لسنوات أنه يعود بفائدة عظيمة على بلاده الساعية للمنافسة على المنطقة القطبية الشمالية، قبل أن يدق الخبراء في موسكو ناقوس الخطر من تلك الزيادة، وخصوصا بعدما أصيبت منطقة سيبيريا بظواهر غير مسبوقة لناحية الحرائق الهائلة وتضرر آلاف الهكتارات من الغابات، التي تفقد سنويا حول العالم ما مساحته أكثر من 5 ملايين و600 ألف مساحة ملعب كرة قدم، أي يفقد العالم رئته التي تنظف الأجواء بشكل متزايد.
ويأتي ذلك مع فقدان المنطقة القطبية الشمالية نحو 40 في المائة من مساحتها منذ 1979، وهو ما يؤثر على تيارات المحيطات ودرجة الحرارة وارتفاع منسوب المياه بنحو 24 سنتيمترا في المتوسط منذ 1880، مع توقعات بكوارث لمليارات البشر الذين تتزايد أعدادهم وتنحسر فرص البقاء في مناطقهم التي تعيش مستقبلا ظاهرة الاحتباس الحراري المدمرة.