طالبان تواصل تشديد القيود على نساء أفغانستان

15 ديسمبر 2023
منعت حكومة طالبان الأفغانيات من دخول الحدائق (عمر أبرار/ فرانس برس)
+ الخط -

تواصل حكومة حركة طالبان فرض مزيد من القيود على نساء أفغانستان في قطاعات مختلفة، رغم ارتفاع أصوات عدد من كبار مسؤولي الحكومة للمطالبة بمنح النساء حقهن في التعليم ومجالات أخرى تسمح بها الشريعة الإسلامية، والتي تجلب الكثير من الانتقادات للحركة منذ تولت حكم البلاد في 2021.
وقال نائب وزير الخارجية رئيس المكتب السياسي السابق، شير محمد عباس ستانكزاي، خلال اجتماع لقادة طالبان في مقر وزارة القبائل، في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن منع الفتيات والنساء من التعليم لا يوجد عليه أي دليل شرعي، وأنه جاء فقط بسبب رغبة بعض الأشخاص، ما جعل الفجوة تزيد بين حكومة طالبان وبين الشعب الأفغاني الذي كان دوماً إلى جانب الحركة، وساندها في كل المراحل، قبل الوصول إلى الحكم وبعده".
وأضاف ستانكزاي: "من يؤيد فكرة حرمان فتيات ونساء أفغانستان من التعليم عليه أن يأتي بدليل وبرهان كي نناقشه، ونصل إلى حل. أعرف أنه لا يوجد مبرر، بل رغبات لبعض الأشخاص، وهذا ليس في صالح طالبان، ولا في صالح الشعب الأفغاني. حكومة طالبان أنجزت في كل المجالات، ما تسبب في تأييد الشعب بأطيافه المختلفة، فلو أعطينا المرأة حقها في التعليم فإن هذا سيقرب الشعب إلى الحكومة، وهذا ما نأمل فيه، وأطلب من قيادة الحركة أن تعيد النظر في قضية تعليم الفتيات".
لكن يبدو أن الأصوات الرافضة لتلك القرارات من داخل قيادة طالبان ومن أطياف الشعب الأفغاني المختلفة لا تجد آذاناً صاغية حتى الآن، ما يشير إلى أن شخصيات أقوى تسيطر على القرارات المصيرية، إذ لم يقتصر الأمر على مواصلة منع تعليم الفتيات، لتفرض قيود جديدة على نساء أفغانستان في مجالات مختلفة، من بينها منعهن من الذهاب إلى المرافق السياحة والحدائق العامة في مدينة جلال أباد (شرق)، والتي تعد أحد أكبر المدن الأفغانية، ولها تاريخ ثقافي متجذر، ما يجعل نسب تعليم الإناث فيها أعلى مقارنة بالمدن الأفغانية الأخرى.

في 25 نوفمبر الماضي، تجولت فرق متطوعين تابعة لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأماكن السياحية العامة بمدينة جلال أباد، وقالت للنساء ألا يحضرن إلى تلك الأماكن مجدداً؛ لأن الوزارة قررت منعهن من دخول الحدائق والأماكن السياحية، وفي اليوم التالي، بدأت فرق الوزارة منع النساء والفتيات من الدخول بالفعل.
يقول محمد درويش خان، من مدينة جلال أباد لـ"العربي الجديد": "أذهب صباح كل يوم إلى حديقة (عيدكاه) الكبيرة في المدينة من أجل الركض، وكانت العديد من النساء، ومعظمهن كبيرات في السن ومحجبات، يأتين إلى الحديقة من أجل ممارسة رياضة المشي، وخلال الأيام الماضية، شاهدت فرق وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع أفراد أمن عند الباب، وكانوا يسمحون بدخول الرجال ويمنعون النساء، وفي الأيام اللاحقة، كانت بعض نساء أفغانستان يحضرن يومياً، ويحاولن دخول الحديقة، فيتم منعهن، وبعدها توقفن عن الحضور بعد أن أدركن أن طالبان لن تسمح لهن بدخول الحدائق، وأعرف بعضهن، وهن نساء كبار في السن يأتين من أجل المشي للحفاظ على صحتهن".

أغلقت طالبان محال خياطة ملابس النساء (عاطف أريان/فرانس برس)
أغلقت طالبان محال خياطة ملابس نساء أفغانستان (عاطف أريان/ فرانس برس)

بدوره، يقول نصير أحمد عثمان، من مدينة جلال أباد لـ"العربي الجديد"، إن عدداً من أفراد أسرته من النساء كن يذهبن إلى الحديقة القريبة من المنزل كل صباح للتجول وممارسة المشي، وبعضهن كبيرات في السن، ويعانين من السكري وارتفاع ضغط الدم، وأوصاهن الأطباء بالمشي في الحديقة، لكنهن ممنوعات حالياً من دخول الحدائق. يضيف: "لا أدري ما الذي تريد طالبان أن تثبته من خلال هذه القرارات. نحن متمسكون بالدين، ونساء أفغانستان لا يخرجن إلا بالحجاب، ونرى فتيات يتسولن أمام تلك الحدائق، وطالبان لا تمنعهن من التسول، لكن إذا جاءت امرأة محجبة مع أطفالها للتجول في الحديقة، لا يسمح لها بالدخول. إنه منطق عجيب".

في المقابل، يقول رئيس إدارة الثقافة في وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدينة جلال أباد، عبد الغفار سباوون، في تصريح صحافي، إن القرار اتخذ لأن نساء أفغانستان كن لا يراعين القيود التي وضعتها الشريعة الإسلامية لارتيادهن الأماكن العامة، وإن الإدارة قامت عدة مرات بتنبيه بعضهن، لكنهن لم يلقين بالاً للتنبيهات، وبالتالي قررت الإدارة منعهن من دخول الحدائق والأماكن العامة.
وفي وقت متزامن، أغلقت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محال التطريز التي كانت تقوم بخياطة ملابس النساء في مدينة هرات (غرب)، بحجة أن بعض الرجال كانوا يعملون في تلك المحال، بينما لا يجوز أن يخيط الرجال أو يشاركون في خياطة ملابس النساء.

المساهمون