بعد شهر على رحيل عميدة المناضلات ورائدة النشاط النسوي والحقوقي في لبنان والوطن العربي والعالمي ليندا مطر، أجمعت شهادات الأصدقاء والعائلة ورفاق الدرب على ما حقّقته المناضلة في مسيرة حافلة بالإنجازات والعطاء والتضحيات على مدى أكثر من سبعين عاماً، معبّدة الطريق أمام الأجيال المقبلة.
وخلال حفل تأبيني أقيم اليوم السبت، في العاصمة اللبنانية بيروت، تحت عنوان "ليندا مطر تغيب جسداً لتخلد نضالاً وتضحيات وأثراً طيّباً"، أثنت شهادات عالمية وعربية ولبنانية لنساء عاصرنَ المناضلة الراحلة على "صفحات حياة مليئة بنضالٍ لم تتوقّف عنه (ليندا مطر) حتّى الرمق الأخير، من أجل تكريس حقوق المرأة والإنسان وترسيخ قيم المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية. فكانت تلك السيّدة الاستثنائية التي اختزلت الرقة والصلابة والحب معاً، ودافعت عن قناعاتها بإصرارٍ وعزيمة، لم تعرف الاستسلام أو الانهزام. فكانت الواجهة الحضارية للتمثيل النسائي اللبناني والعربي والعالمي المحقّ. أدّت دورها الأصيل في رسم مسار المستقبل، ناصرت العمّال والعاملات والفقراء والمهمّشين والمسحوقين، فعُرفت بالثورية المتمرّدة على المجتمع الأبوي والذكوري المتخلّف، تحدّت العادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية، وحاربت الطائفية والرأسمالية وكلّ أشكال التمييز والعنف والاضطهاد. قاومت الاحتلال والاستعمار وكلّ مشاريع الحروب والتقسيم والإرهاب. فكانت نموذجاً رياديّاً ملهماً، أحيا شعلة الثقة والأمل".
المرأة التسعينيّة التي كرّمت ذكراها "لجنة حقوق المرأة اللبنانية" بدرعٍ تقديرية سلّمتها لعائلتها في ختام الحفل التأبيني، وصفها المتحدّثون والمتحدّثات بأنّها "أيقونة التحدّي والمرأة المكافحة والشريفة والصادقة". وأكدوا أنّها "قائدة من الطراز الرفيع، رحلت عنّا جسداً لكنّها خلّدت تاريخاً من العمل الإنساني، بلغت عبره منصّة البقاء. ليندا مطر اسم لامع ترك الأثر الطيب، وستبقى سيرتها حافزاً ينير درب النضال من أجل عالم أفضل. لقد علّمتنا الراحلة قيم الصمود ومبادئ الديمقراطية والعطاء من دون حدود".
أضاف هؤلاء المتحدّثون والمتحدّثات أنّها "ساهمت في الدفاع عن وحدة لبنان وعروبته، وساندت الحقّ الفلسطيني في العودة ومواجهة سياسات الاحتلال، ورفضت كلّ حملات التطبيع مع العدو، ودعمت المرأة في كلّ أصقاع العالم من أجل تكريس دورها الريادي وتحريرها بالكامل وإقرار قوانين منصفة بحقّها". بالنسبة إلى هؤلاء الذين كرّموها، هي عُرفت بـ"نبل أخلاقها وعمق أهدافها وصفائها، إذ حملت قضاياها إلى العالميّة ولم تلقِ يوماً عكّازها ولم تغرها المناصب، فكانت مثالاً يُحتذى به لأجيال عديدة".
وفي السياق نفسه، تستذكر جورية غربية، رفيقة درب ليندا مطر، محطات النضال التي جمعتهما على مدى سبعين عاماً. وتقول لـ"العربي الجديد": "لقد كانت أعزّ أصدقائي، وهي لم تتوقّف يوماً عن المثابرة والكفاح، لم تتعب ولم تملّ. إنّها أكثر من مدرسة للعمل النسوي والحقوقي. نعتزّ بحياتها الغنيّة بالعطاء، وسوف نواصل تحقيق أهدافها والعمل على خطاها في مناصرة حقوق المرأة وإقرار المطالب النسائية كافة".
من جهتها، تقول الناشطة النسوية سلام الدبس: "عرفتها رائدة في النضال النسوي والوطني والديمقراطي. لقد اختزلت مطر كلّ القضايا الإنسانية، وأنارت دربنا لمواصلة العمل من أجل تحقيق حقوق المرأة اللبنانية والعربية والعالمية".