يسكن نحو 311 ألف شخص في المخيمات العشوائية بمناطق شمال وشمال غربي سورية، والتي أنشئ معظمها في أواخر عام 2019 بعد سيطرة النظام على أجزاء واسعة من ريف محافظة حماة الشمالي والغربي، ومحافظة إدلب، وريف حلب الجنوبي والغربي، ومناطق في ريف اللاذقية.
وشيّدت معظم هذه المخيمات على أراضٍ غير مهيئة، بعضها على مساحات وعرة جداً أو تقع في مجاري سيول أو في أراضٍ زراعية تتأثر في شكل بالغ بهطول الأمطار وتصبح معزولة بسبب انقطاع الطرق، في حين توجد المخيمات المنظمة في أراضٍ امتلكتها الدولة السورية، وتحظى باهتمام المنظمات والجهات الإنسانية، وبعضها شريكة للأمم المتحدة، وحصل النازحون فيها على خيم مع توفير بعض خدمات البنى التحتية من طرق ومراحيض مشتركة.
ويبلغ عدد المخيمات العشوائية 514 يعيش فيها 311.782 نازحاً، وفق آخر إحصاء أصدره فريق "منسقو استجابة سورية". وهي تتوزع على مناطق تخضع لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة في محافظتي إدلب وحلب، لكنها محرومة من كل أشكال البنى التحتية، سواء الصرف الصحي أو شبكات المياه وحتى النقاط الطبية أو المدارس، إضافة إلى تمويل مشاريع توفير المياه والخبز، وتقديم المساعدات الغذائية إلا في عدد قليل منها.
يصف مدير "فريق منسقو استجابة سورية" محمد حلاج، في حديثه لـ"العربي الجديد"، المخيمات العشوائية بأنها "مهملة خدماتياً في ظل تشييدها على أراضٍ طينية أو في مناطق وعرة وصخرية، وقد غادر بعض سكان المخيمات العادية إليها بسبب الكثافة السكانية".
ويشير إلى أن "المخيمات العشوائية تحتاج إلى تحسين الخدمات والبنى التحتية وتأمين المياه والطبابة، علماً أن نسبة كبيرة منها بلا مياه بالكامل. أما حلول استبدالها فمحدودة، منها اختيار مناطق معينة، وهو إجراء غير مرغوب به لعدم جعل الناس يستقرون في الخيم، وتحقيق هدف إخراجهم من مآسيها. كما يمكن نقلهم إلى مساكن لكن أعدادهم كبيرة، لذا يبقى الحل السياسي الأفضل عبر التوصل لوقف نار دائم، والسماح بعودة النازحين، علماً أنه يضمن عودة 40 في المائة من سكان المخيمات والوحدات السكنية. ومن المهم أيضاً وقف الخروقات الأمنية في مناطق خطوط التماس بريف حلب الغربي ومناطق جبل الزاوية، ما سيجعل نازحين كثيرين يعودون إلى مناطقهم".
ويتحدث حلاج عن ضرورة استبدال الشوادر والخيم البلاستيكية التي لا تتحمل الحرارة أو المطر، وليست ملائمة للحياة أصلاً، وكذلك عن أهمية فرش أرض هذه المخيمات بحصى ومواد أخرى مناسبة، كي لا تتحول إلى أراضٍ طينية تعيق حركة النازحين لدى هطول الأمطار.
وتعتبر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين توفير المأوى أمراً حيوياً للبقاء على قيد الحياة في أوقات الأزمات والنزوح، واستعادة الشعور بالأمان الشخصي والتمتّع بالاكتفاء الذاتي والكرامة، علماً أن عائلات نازحة بنت خيمها من بطانيات وأغطية جلبتها خلال نزوحها من بلدات غادرتها تحت القصف.
وفي مخيم المحطة العشوائي بريف إدلب الشمالي، يواجه النازحون صعوبات عدة، بينها عدم وجود نقطة طبية داخله، ما يضطرهم إلى قطع مسافة 3 كيلومترات للوصول إلى المستشفى في مدينة الدانا. وتقول فطوم البكران، النازحة من جنوب إدلب، لـ"العربي الجديد": "لا يوجد تدفئة، ولا خبز. أملك مدفأة قديمة جداً ومهترئة، وهذا حال غالبية النازحين، وأفراد عائلتي يأكلون وجبتين من الخبز الرقيق جداً يومياً. وضعنا سيئ جداً، إذ يعمل اثنان من أولادي من دون أن يكفي ذلك لتلبية متطلبات المعيشة".
بدوره يشتكي قريبها مصطفى، في حديثه لـ"العربي الجديد"، "من الواقع الصعب أيضاً في المخيم الذي لا تتوفر فيه خدمات الطبابة في وقت يقيم كثيرون من أصحاب الأمراض المزمنة فيه، ولا يتلقى أي مساعدات على صعيد الخبز، أما سلل الغذاء فالحصول غير دوري".
كذلك تقول حميدة، وهي أم لخمسة أطفال لـ"العربي الجديد": "لا يوجد خبز، وأنا أجمع نايلون لإشعال المدفأة، ولا أحد يهتم بحالنا في حين تحصل كل المخيمات على مساعدات. وتوفر منظمة بعض الأدوية عبر آلية تسجيل مسبقة، لكن تلك المطلوبة مفقودة غالباً. أما الشبان فلا يعملون مطلقاً أو لأيام قليلة شهرياً فقط".
وفي ريف إدلب الغربي الذي يضم نحو 35 مخيماً عشوائياً، يحرم كثير من الأطفال من التعليم بسبب عدم توفر البنى التحتية وغياب كوادر التدريس في المخيمات التي يقيمون فيها، وأيضاً بسبب عدم توفر كتب، ووجود المدارس في مناطق بعيدة.