استمع إلى الملخص
- أشار تقرير إلى زيادة بنسبة 12% في الجرائم الخطيرة التي ارتكبها مغتربون أجانب، مع تقليل بعض الخبراء من دور مقاتلي "فاغنر" والمغتربين في زيادة معدلات الجريمة.
- النزاعات المسلحة تساهم في زيادة الجرائم بسبب تهريب الأسلحة والفراغ الأمني، وتواجه وزارة الداخلية الروسية نقصًا في الأفراد، بينما تدافع الرئاسة عن إطلاق السجناء بعد القتال.
شهدت روسيا خلال الأشهر الأخيرة مجموعة جرائم أثارت ضجة كبيرة، وارتكب بعضها أشخاص نفذوا عمليات لتصفية حسابات بين عصابات ورجال أعمال، وأخرى مقاتلون سبق أن عادوا من القتال في أوكرانيا، بينهم عناصر من مؤسسة "فاغنر" العسكرية الخاصة، وسجناء سابقون كان أفرج عنهم بعدما قبلوا المشاركة في أعمال القتال.
ورجح معهد العلوم والبحوث التابع لوزارة الداخلية الروسية أن يزداد عدد الجرائم بالغة الخطورة المرتكبة بنسبة 7% في العام الحالي، ويتخطى 164 ألفاً. ونقلت مجلة "موسكفيتش" عن تقرير أصدره المعهد في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أن معدل جرائم القتل والاغتصاب والاعتداءات الجسدية سيبقى عند مستوى عام 2023، في حين سيزداد في قضايا التخريب والمخدرات والإرهاب والتطرف والاعتداء على الأملاك.
وأشار التقرير إلى أن معدلات الجرائم البالغة الخطورة التي ارتكبها مغتربون أجانب زادت بنسبة 12%، وصولاً إلى 26 ألفاً خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، وأشهرها تنفيذ طاجيك الهجوم الإرهابي على قاعة "كروكوس سيتي هول" عند أطراف موسكو نهاية مارس/ آذار الماضي، والتي أسفرت عن أكثر من 140 قتيلاً".
لكن ذلك لا يمنع مدير مركز دراسة التهديدات والتحديات الجديدة للأمن القومي الروسي في مدينة فلاديفوستوك (أقصى شرق)، ألكسندر سوخارينكو، من تقليل أهمية المزاعم التي تتحدث عن أن مقاتلي "فاغنر" السابقين والعمال المغتربين هم الأكثر مساهمة في زيادة معدلات الجرائم. ويقول لـ"العربي الجديد": "من المبالغة القول إن عناصر فاغنر الذين عادوا من القتال في أوكرانيا هم الأكثر مساهمة في إحصاءات الجرائم المرتكبة، لكن ضلوعهم فيها يثير ضجة كبيرة، وهو ما يحصل في الجرائم التي يرتكبها مغتربون أجانب. وتظل نسبة جرائمهم ضئيلة مقارنة بإجمالي عدد الجرائم وعدد المفرج عنهم من السجون".
ويلفت إلى أن "التشريعات الجديدة لتجنيد السجناء في القتال لا تلحظ الإفراج عنهم تلقائياً، بل تراعي خطورة الجرائم المرتكبة، وتشدد على عدم رد الاعتبار لهم إلا في حال إصابتهم أو حصولهم على أوسمة دولة. مخاطر الإفراج عن المدانين لا تقتصر على احتمال ارتكابهم جرائم، فهم قد يهددون سلامة ضحاياهم والشهود. وهم يتعرضون في أحيان كثيرة لضغوط كبيرة كي يقبلوا الالتحاق بصفوف المقاتلين مقابل الإفراج عنهم في مرحلة ما قبل المحاكمة".
ويقلل سوخارينكو من أهمية المزاعم بأن حصول المدانين على رواتب مغرية أثناء تجنيدهم يغنيهم فترة طويلة عن الحاجة المادية أو يمنعهم من ارتكاب جرائم جديدة بعد الإفراج عنهم، ويقول: "لا يملك كثيرون منهم مهارات إدارة الأموال، وقد يهدرونها بسرعة ما يمهد لعودتهم إلى نمط حياتهم الاعتيادي".
من جهته، يلفت الخبير القانوني بافيل ماروشاك إلى أن النزاع الأوكراني لا يشكل سابقة على صعيد مساهمته في رفع معدلات الجريمة، باعتبار أن الحروب تسبب حوادث تهريب أسلحة ومتفجرات. ويقول لـ"العربي الجديد": "أعتقد بأن النقاشات حول مخاطر الإفراج عن المدانين في روسيا لا تنجم عن عدد الحوادث، بل عن الضجة المثارة حولها، خصوصاً أن المحكوم عليهم بالسجن فترات طويلة كانوا في طليعة من التحقوا بفاغنر".
ويوضح أن "تزايد معدلات الجرائم أثناء النزاعات المسلحة، ولا سيما في المناطق المحاذية للجبهات ليس حكراً على روسيا أو النزاع الأوكراني، إذ ساد الوضع نفسه في الشيشان أثناء الحرب الأولى (1994 - 1996) والثانية التي بدأت في عام 1999. أضف إلى ذلك أن العديد من أفراد الشرطة تعاقدوا مع وزارة الدفاع الروسية بحثاً عن الرزق، ما أدى إلى نوع من الفراغ الأمني في بعض الأقاليم".
وفي نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أقرت الناطقة باسم وزارة الداخلية الروسية، إرينا فولك، بأن وحدات الوزارة تعاني نقصاً في عدد الأفراد بواقع 173.8 ألف فرد، ما يعادل نسبة 18.8% من إجمالي العدد المعتمد.
وبالعودة إلى الإفراج عن السجناء الذين سبق أن قاتلوا في أوكرانيا، يشير إلى أن "السجناء السابقين باتوا لا يحصلون على حريتهم بعد مرور ستة أشهر، مثلما كان الحال في السابق. وتمنح الآلية الجديدة المعتقل إفراجاً مبكراً بشروط، ولا يعفى عنه في شكل نهائي أو يطلق سراحه إلا بعد حصوله على وسام دولة أو إصابته أو بلوغه السن القانونية القصوى لأداء الخدمة العسكرية".
ورغم الضجة والإعلامية التي تثيرها الجرائم التي يرتكبها سجناء سابقون في روسيا، يدافع الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، عن آلية إطلاقهم بعد إرسالهم إلى جبهات القتال في اوكرانيا، وقال: "يكفر مدانون، وبينهم من ارتكبوا جرائم بالغة الخطورة، جرائمهم في ساحة المعركة بالدم".
وجاء ذلك في إطار تعليقه على أنباء عن العفو عن رجل يدعى فلاديسلاف كانيوس أدين عام 2020 بتهمة قتل طالبة تدعى فيرا بيختيليفا في منطقة كوزباس التي تقع جنوب غربي سيبيريا، وذلك بعدما انضم إلى القوات الروسية للقتال في أوكرانيا.
وانتشرت الأنباء حول تجنيد سجناء في إصلاحيات روسية بعد أشهر عدة على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022. وفي سبتمبر/ أيلول من العام ذاته، شاهد ملايين على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو أظهر تجنيد مؤسس "فاغنر"، يفغيني بريغوجين، سجناء، قبل تأكيد ذلك رسمياً وجعل عملية تجنيد السجناء علنية. واستمر ذلك حتى بعد مقتل بريغوجين في حادث سقوط طائرة في مقاطعة تفير التي تقع شمال غربي موسكو في أغسطس/ آب 2023، ومواصلة وحدات في "فاغنر" مهماتها تحت مظلة وزارة الدفاع.