لا يزال فيروس كورونا الشغل الشاغل بالنسبة إلى السلطات الروسية، مع تسجيل معدل 8 آلاف إصابة جديدة يومياً، ليقترب إجمالي الإصابات في البلاد من عتبة الـ5 ملايين إصابة، وسط مخاوف من موجة ثالثة من الوباء تكون أصعب من سابقاتها، خصوصاً مع ارتفاع نسبة الإصابات بالمتحورات الجديدة للفيروس. ورغم تزايد عدد الإصابات، تمتنع روسيا حتى الساعة، عن فرض أي قيود صارمة على الأنشطة الاجتماعية باستثناء بعض الإجراءات، مثل الإعلان عن أيام إجازات إضافية خلال الفترة الممتدة من 1 إلى 10 مايو/ أيار الجاري، وتعليق الرحلات الجوية مع تركيا من 15 إبريل/ نيسان إلى الأول من يونيو/ حزيران، كون معظم الروس الذين ثبتت إصابتهم بكورونا لدى عودتهم من دولة أجنبية منذ بداية الوباء، كانوا حينها عائدين من تركيا. وفي الوقت الذي تراهن فيه السلطات الروسية على تزايد الإقبال على التطعيم باللقاحات الروسية المضادة لفيروس كورونا، يبدي الروس تردداً في هذه المسألة، إذ لا تزيد نسبة من قد تلقوه عن 15 في المائة.
عواقب وخيمة
وفي هذا الإطار، يعتبر كبير أطباء مركز "ليدير" الطبي في موسكو يفغيني تيماكوف أنّ روسيا تعيش بالفعل الموجة الثالثة من جائحة كورونا، محذراً من أنّ امتناع السكان عن التطعيم قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على صحتهم. ويقول تيماكوف لـ"العربي الجديد": "حتى الآن، لم ترصد بعد الإحصاءات دخول البلاد الموجة الثالثة من الوباء، ولكن في الوقت نفسه، لا يذهب المرضى إلى الطبيب خوفاً من إخضاعهم للحجر الصحي، فيتولون علاج أنفسهم بأنفسهم. وبذلك لا تقصد الأطباء سوى الحالات الحرجة والحرجة جداً". ومن المعروف، بحسب تيماكوف، أنّ معدل الوفيات بين المصابين يبلغ 2 في المائة في روسيا، إلا أنّ الرقم أكبر من ذلك، نظراً إلى عدم رصد معظم الحالات. وحول مدى فاعلية اللقاحات لمنع الإصابة بالفيروس، يرى تيماكوف أنّ "أي لقاح، بما في ذلك سبوتنيك في الروسي، لا يضمن عدم الإصابة. ولكن اللقاح يضمن أنّ الفيروس لن يلحق الضرر بأعضاء الجسم، وغالباً لن يلحظ المصاب عوارض الفيروس". وعلّق الطبيب الروسي على مخاوف بعض السكان من مضاعفات اللقاحات، كارتفاع درجة حرارة الجسم، قائلاً: "إذا كان الشخص يشتكي من عوارض اللقاح، فكيف الأمر عند إصابته بالفيروس؟"، مضيفاً أنه "على الشخص الاختيار بين ارتفاع حرارة جسمه لمدة يوم أو يومين بسبب اللقاح، أو الإصابة بالفيروس". ويخلص تيماكوف إلى أنّ خطورة الإصابة حالياً، تكمن في تطوير الفيروس لنفسه، كالمتحور البريطاني، وذلك قبل الوصول إلى المناعة الجماعية.
المرتبة السادسة عالمياً
وتواصل السلطات الروسية حث السكان على أخذ اللقاحات، بينما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الاثنين الماضي، أنّ 21.5 مليون مواطن روسي تلقوا لقاحات كورونا، معتبراً أنّ هذه نتيجة جيدة على مستوى عموم البلاد. ودعا بوتين السكان إلى عدم إهدار الوقت، وأخذ اللقاحات واللجوء إلى الطبيب عند ظهور عوارض الفيروس. وكانت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية قد ذكرت في نهاية إبريل/ نيسان الماضي، نقلاً عن مصادر مطلعة، أنّ روسيا تعيش بالفعل الموجة الثالثة من جائحة كورونا، وفقاً لبيانات غير رسمية. ولفتت الوكالة إلى أنّ سكان البلاد لا يسعون للتطعيم ولم يعودوا يخشون من الفيروس بعد تلقيهم تطمينات متفائلة من القيادة الروسية بأنه تمت السيطرة على الجائحة. ووصف حينها المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف ما نشر في الوكالة بـ"السخيف ولا يتوافق مع الواقع".
وسبق للهيئة الروسية لحماية المستهلك "روس بوتريب نادزور" أن توقعت انتهاء جائحة كورونا في روسيا بحلول أغسطس/ آب المقبل بعد تكون المناعة لدى نسبة كبيرة من سكان البلاد. في المقابل، توقعت منظمة الصحة العالمية أنّ المناعة الجماعية من فيروس كورونا لن تتكون هذا العام رغم بدء حملات التطعيم في معظم دول العالم. وبحسب الأرقام الواردة في موقع "ستوب كورونا فيروس" الحكومي الروسي، مطلع الأسبوع الجاري، فإنّ إجمالي عدد الإصابات في روسيا منذ بدء الجائحة يبلغ نحو 4.9 ملايين إصابة، بما فيها ما يقارب 114 ألف وفاة، مقابل تماثل أكثر من 4.5 ملايين مصاب للشفاء. وتشير بيانات موقع جامعة "جونز هوبكنز" الأميركية إلى أنّ روسيا تأتي في المرتبة السادسة عالمياً من حيث إجمالي الإصابات بكورونا بعد الولايات المتحدة والهند والبرازيل وفرنسا وتركيا.